25-أغسطس-2017

لقطة من فيلم أفراح صغيرة للمخرج محمد الشريف

يمثل موضوع المثلية الجنسية واحدًا من القضايا الصعب الاقتراب منها في السينما المغربية؛ فالمخرج المغربي يبقى حذرًا من تناول هذا الموضوع في فيلمه، وخائفًا من رد فعل الجمهور. وبشكل عام تناول قضايا الجنس في السينما المغربية يضع المخرج والممثلين دائمًا في خانة عنوانها الرئيسي: "تدمير قيم المجتمع وتطبيع مع الفساد".

لم يحصل الفيلم المغربي "جيش الإنقاذ" على جوائز مغربية بقدر ما حصل على جوائز من مهرجانات دولية، منها الجائزة الكبرى لمهرجان أنجيرس

لهذا لا يستطيع المخرج تجاوز الخطوط الحمراء وهو يتناول موضوع المثلية على سبيل المثال؛ فهو يعي جيدًا أن هذه المواضيع لن تلقى الحفاوة المنشودة، لما تحمله من تعرية لواقع تعيشه فئة معينة من المجتمع، خصوصًا وأن هذا المجتمع ما زال يرفض الاعتراف بالمثلية الجنسية.

اقرأ/ي أيضًا: فيلم "الاعتراف".. الخلطة التي يفضلها النظام السوري

تناولت السينما المغربية كغيرها من السينمات العربية موضوع المثلية الجنسية بقدر كبير من الاستحياء، خاصة أنه لا توجد أعداد هامة من أفلام سينمائية مغربية تطرقت إلى هذا الموضوع، مقارنة بالسينما المصرية. في هذا التقرير تقدم "الترا صوت" لمحة عن الأفلام المغربية التي تطرقت إلى المثلية الجنسية.

1. جيش الإنقاذ
إن كانت بداية تناول موضوع المثلية في السينما العربية، تتجسد في الفيلم مصري "الطريق المسدود" للمخرج صلاح أبو سيف عام 1957. ففي السينما المغربية يعد فيلم "جيش الإنقاذ" للمخرج والكاتب المغربي عبدالله الطايع، أول فيلم مغربي يتناول تيمة المثلية سنة 2014.

ومثلما اكتفى صلاح أبو سيف بتقديم المثلية في شخصية فرعية، تتمثل في معلّمة في مدرسة القرية، واكتفى بالتلميح ببعض العبارات والنظرات، من دون التطرق للدوافع أو الأسباب، فإن المخرج والكاتب عبدالله الطايع حاول أن يسير على نفس المنوال، لكن بطريقة أخرى، فالطايع على دراية بعالم المثلية، لأنه جاهر بمثليته في وسائل الإعلام. ويمكن أن نقول إن عبدالله الطايع أول "مثلي" مغربي يخرج للعلن.

يذكر أن فيلم "جيش الإنقاذ" عرض لأول مرة في في الدورة الـ 15 من المهرجان الوطني للفيلم بمدينة طنجة، ووفقًا للمنظمين في ذلك الوقت، تم عرض الفيلم مع حراسة أمنية مشددة، خشية ردة فعل الجمهور السلبية تجاه الفيلم. والفيلم مقتبس عن رواية للمخرج نفسه صدرت في فرنسا عام 2006 حاملة العنوان ذاته.

اقرأ/ي أيضًا: فيلم "Morvern Callar": الهروب على طريقة ألبير كامو

ويحكي فيلم "جيش الإنقاذ" سيرة عبدالله الطايع الذاتية، منذ كان طفلًا صغيرًا بمدينة سلا (في الفيلم تتحول إلى الدار البيضاء)، إلى أن أصبح كاتبًا مشهورًا في فرنسا، وفي العديد من البلدان الأوروبية. وقدم الفيلم مدى ارتباط الطفل عبدالله بأخيه وعائلته، وفي الوقت نفسه يعري جوانب من مثليته المبكرة.

وخلافًا للمتوقع لم يحتو فيلم "جيش الإنقاذ" على مشاهد جريئة، وإنما جاء واقعيًا معتمدًا على الإيحاء لا أكثر، إذ يعرف الطايع جيدًا أن الجمهور المغربي لن يتقبل الحقيقة التي يكشف عنها في فيلمه؛ لأنه غير معتاد على مشاهدة مثل هذه النوعية من الأفلام.

فكما يقول في أحد لقاءاته الصحفية إن "الجمهور في المغرب، سواء كانوا مثقفين أم أميين، يتعاملون بنوع من الاستعلاء مع موضوع المثلية".

إضافة إلى ذلك، لم يكن هدف عبدالله الطايع "خلق صدمة" للمتلقي عندما حول روايته التي تتطرق لمثليته الجنسية إلى عمل سينمائي، فهو كما يقول حاول أن "يكون قريبًا جدًا من حقيقة الواقع المغربي وواقعه هو"، من خلال طريقة إخراجه للفيلم، والتصوير، وإدارة الممثلين.

ويذكر أن الفيلم لم يحصل على جوائز مغربية، بقدر ما حصل على جوائز من مهرجانات دولية، منها الجائزة الكبرى لمهرجان "أنجيرس" الفرنسي الخاص بالأفلام الأولى، مناصفة مع فيلم "نجوم" للمخرجة الفرنسية ديانا كاي.

2. أفراح صغيرة
"أفراح صغيرة" للمخرج محمد الشريف الطريبق، فيلم آخر تحدث عن المثلية في المجتمع المغربي، والمخرج أيضًا لم يختلف كثيرًا عن سابقه من حيث المشاهد الجريئة، إذ رفض التركيز على المثلية الجنسية كموضوع رئيسي في الفيلم، بل اكتفى بالتحدث عن المثلية من خلال إيحاءات بسيطة، وكانت تجمع بين فتاتين هما بطلتا فيلم "أفراح صغيرة".

فيلم "أفراح صغيرة" يعود إلى مغرب الخمسينيات من القرن الماضي، حيث حاول المخرج الدخول إلى عوالم النساء المغربيات وفضاءاتها المغلقة؛ لينقل مشاهد وقصصًا من حياتهن الواقعية. ويروي العمل قصة نفيسة، فتاة في الـ 17 من عمرها، تضطر بعد رحيل أبيها، إلى مرافقة أمّها للإقامة عند إحدى سيدات المجتمع التطواني، وهي مغنية جوق موسيقي نسوي. وهناك تنشأ علاقة مثلية بينها وبين "فطّومة"، حفيدة صاحبة المنزل.

فيلم أفراح صغيرة يعود إلى مغرب الخمسينات، حيث حاول المخرج الدخول إلى عوالم النساء المغربيات وفضاءاتها المغلقة

المخرج محمد الشريف اعتمد على العلاقات التي كانت سائدة في ذلك الوقت في مجتمع منغلق، وهي بالتأكيد الفصل الجنسي ما بين الذكور والإناث. والفتاتين أي البطلتين فطومة ونفيسة كانتا في سن المراهقة، وما يرافق ذلك من احتياجات ورغبات في استكشاف الجسد، وبالتالي ففتيات في مثل هذا العمر وفي مثل هذا المجتمع لا بد وأن يبحثن عن حيل لاستكشاف الذات، ومن بين هذه الحيل العلاقة المثلية.

ومن خلال مشاهداتنا للفيلم سنستنتج أن المخرج حاول أن يمارس الرقابة الذاتية على نفسه، فقد اعتمد فقط على إيحاءات بسيطة دون التمادي. فضلًا على أن المخرج اعترف في لقاءات صحفية أنه لا يستطيع أن يتجاوز ما وصفه "بحدود ما يستطيع مشاهدته كمتفرج".

وبشكل عام يعي المخرج المغربي جيدًا خطورة ما يفعل، وما المحظور الذي دخله عندما يقرر التطرق إلى المثلية الجنسية بالأساس، لذلك يكتفي فقط بإيحاءات تفي بالغرض.

 

اقرأ/ي أيضًا:

10 أفلام تذكرك بالتاريخ الذهبي للزعيم عادل إمام

فيلم American Beauty: المنظور هو كل شيء