30-يوليو-2018

شاركت مدينة الديوانية بشكل فعال في احتجاجات العراق الأخيرة (تويتر)

تعد مدينة الديوانية واحدة من أفقر محافظات العراق بعد السماوة التي كانت تابعة لها إداريًا، وكان فيما مضى يطلق عليها لقب "الدجاجة البيضاء" في ظل النظام الشمولي؛ بسبب حالة الهدوء التي كانت تسودها مقارنة بالمحافظات الأخرى، على الرغم من عمليات الشغب التي كان يقوم بها الشباب والاغتيالات التي طالت بعض رموز النظام.

جوبهت الاحتجاجات في الديوانية كالعادة بالقمع، الذي تمثل باستخدام الرصاص الحي والاعتقالات العشوائية

غير أن الديوانية قد ودعت هذا الاسم بعد أن أصبحت السباقة في الاحتجاجات التي شهدها العراق في السنوات الماضية، وما تلاها إلى اليوم الحالي، حيث يشهد العراق تظاهرات عمت أغلب مدنه، فيما كانت الديوانية هي الأكثر حضورًا على الرغم من ممارسات السلطة في الترغيب والترهيب. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل صارت تقدم القرابين في ساحات الاحتجاج، حيث قتل عدد من الشباب وأصيب غيرهم، وكان آخرهم "حسين يوسف" الذين قتل بنيران ميليشيات بدر الموالية لإيران، بعد أن اقترب من المقر الذي يتمركزون فيه فأصابوه برصاصٍ حي استقر في جسده العاري من كل سلاح، غير صوته الذي بُح من المطالبة بحقوقه المشروعة.

يهيمن على مدينة الديوانية حزب إسلامي يسمى حزب "الفضيلة"، وقد دفع ذلك أهل المدينة الى استحضار نقيض هذا الاسم وصاروا يسمونه بحزب "الرذيلة" كنوع من الاحتجاج، حيث يحتكر هذا الحزب التعيينات ويبدد الثروات.

اقرأ/ي أيضًا: "جمعة الحقوق" في العراق.. صرخة لتفكيك المحاصصة

وعلاوة على ذلك، فقد شهدت ساحات التظاهر الكثير مِن الشعارات التي تناهض هذا الحزب والأحزاب الأخرى التي تهيمن على المحافظة الفقيرة، منها "الفضيلة لا دين لها"، و"شيخ يعقوبي الفضيلة.. انتَ مستنقع رذيلة".

ويذكر أن التظاهرات تطالب بالحقوق المشروعة ومحاسبة سراق المال العام، وحل مجلس المحافظة، وتوفير فرص عمل، بالإضافة الى المطالَب الخدمية مثل توفير الماء الصالح للشرب والكهرباء في ظل الارتفاع الحاصل في درجات الحرارة. 

وقد جوبهت الاحتجاجات كالعادة بالقمع، الذي تمثل باستخدام الرصاص الحي والاعتقالات العشوائية، ورش المحتجين بالماء الساخن والغاز المسيل للدموع، وطرد الصحفيين من ساحات الاحتجاج ومنع دخول أي كاميرا محمولة لتغطية مجريات الأحداث. مما يشي بهشاشة السلطة وأنها غير قادرة على تلبية مطالب مشروعة تأجل تنفيذها سنين طوال.

ويرى مراقبون أن الوعي الذي تبلور لدى الشباب نتيجة خوضهم تجارب احتجاجية في الفترة الأخيرة، دفعهم إلى رفض كل جهة سياسية أو دينية تحاول تذويب الاحتجاج أو تسييسه لصالح مكاسبها، وهو ما دفعهم إلى طرد ممثلين رجال الدين الذين يرومون قيادة التظاهرات، والسخرية من تصريحات زعمائهم. حيث رفع المتظاهرون لافتة "أيها المرشد الديني طهر نفسك قبل السياسي"، للإشارة إلى الامتيازات التي يحصلون عليها، مثل إدارة العتبات والهيمنة على بعض المؤسسات والمكاسب السياسية، التي تأتي من تناغم خطابهم الديني مع الإرادة السياسية للمسؤولين. حيث إنه من المؤكد، كما يرى متابعون، أن إحداث أي عمليات تغيير قد تضر بمصالحهم مما يجعلهم في موقف الحياد دائمًا والتغطية على فساد المسؤولين.

وكانت الاحتجاجات بدأت في البلاد في 8 تموز/ يوليو الجاري عندما فتحت قوات الأمن النار على متظاهرين شباب في البصرة، مطالبين بفرص عمل ومتهمين الحكومة بالفشل في تأمين أبسط الخدمات.

 

اقرأ/ي أيضًا:

احتجاجات الكهرباء في كربلاء.. أيادٍ حزبية وراء الفوضى وتشويش الحراك

حلف المليشيات وسلطة المحاصصة.. جدار الحرس القديم ضد الشارع العراقي