09-نوفمبر-2017

تستورد الجزائر معظم موادها الاستهلاكية رغم توفر معطيات طبيعية مهمة لتطوير صناعتها (Getty)

ها قد أعلن الشتاءُ عن نفسه في الجزائر، بعد أن منح للصّيف من حصّته الكثير. وستنتعش حكاية النّملة والصّرصور، إلى غاية نهاية شهر آذار/ مارس، وسنخرج، شعبًا وحكومةً، بعد هذه الشّهور، من سماع الحكاية وترديدها، متأثرين جدًا بالمنطق الصّرصوري، الذي عقدنا معه صفقةً عاطفيةً منذ عقود، لذلك أصبحنا شعبًا يصرف على الكسل، تمامًا كما يصرف على استقدام القمح، الذي ما كنا لنستورده لو كانت صفقتنا مع النملة.

واردات الجزائر من القمح والذرة والشعير لم تنزل منذ 2014 عن 3.5 مليار دولار أمريكي رغم أن مساحة الجزائر هي الأكبر عربيًا وإفريقيًا

تقول أرقام "المركز الوطني للمعلومات والإحصائيات" التابع للجمارك، إن واردات الجزائر من القمح والذرة والشّعير، لم تنزل منذ 2014 عن 3.5 مليار دولار أمريكي، بكمّية لم تنزل هي الأخرى عن 4.3 مليون طن. علمًا أن مساحة الجزائر هي الأكبر عربيًا وأفريقيًا بعد تقسيم السّودان عام 2011.

أمّا واردات الحليب ومشتقاته، فقد بلغت 849,2 مليون دولار في عام 2016. فيما بلغت واردات الخضر والفواكه 60 مليون دولار. بل إن قيمة واردات الثّوم بلغت 3 ملايين دولار أمريكي. هل يعقل أن تستورد الجزائر الثوم، وهو القابل لأن ينبت حتى في الأكياس، فما بالنا بالتربة الجزائرية، التي يقول عنها الفلاحون الحقيقيون، لا المزيفين الذين ظهروا فقط لينالوا الدعم الحكومي، إنها تنجب الذهب؟

اقرأ/ي أيضًا: هل فعلًا تعاني الجزائر من "أزمة حليب"؟

لماذا لا تأمر السّيدة وزيرة التربية نورية بن غبريط، في إطار مساعي إصلاح المنظومة التربوية، بتحوير حكاية النملة والصّرصور، حتى تصبح منسجمةً مع عقلية حكومتها وشعبها معًا؟ فتكون أنّ الصّرصور قضى صيفه في الرّقص، وقضته النملة في الجمع والادخار، وحين أرخى الشتاء على البلاد بسدوله، عضّه الجوع وقصد النملة، فرحبت به وأعطته من حُبها وحَبها ما أراد.

هنا على السّيد الوزير الأوّل أحمد أويحي أن يدعو إلى اجتماع طارئ لمجلس الوزراء، ويعطيَ تعليماتٍ صارمةً، للوزارات المعنية، خاصة الثقافة، بضرورة التنسيق مع وزارة التربية، لتصبح الحكاية المحوّرة على كلّ لسان، ومستلهَمةً من طرف كلّ إعلامي وفنّان، وتكون الأولوية في الدّعم الحكومي للمشاريع الفنية، لتلك التي تشتغل على الاستثمار في النهاية السّعيدة للحكاية، حتى تصبح ضمن المجال الحيوي للفن.

اقرأ/ي أيضًا: الخزينة الجزائرية.. هل هو زمن الإفلاس؟

كم من حكاية مزوّرة برّرها رجال الفنّ والدين والإعلام، لخدمة أجندة سياسية، منذ فجر الاستقلال في الجزائر؟

أما معالي وزير الشؤون الدّينية والأوقاف محمد عيسى، فعليه أن يُصدر تعليمةً فوريةً لمشايخه في الجوامع، بضرورة البحث في المتون، علهم يجدون ما يصوّغها شرعيًا، حتى تصبح ضمن المجال الحيوي للدين، مستفيدًا من خبرة الفقهاء والدّعاة السعوديين، الذين يحلّلون أمرًا كانوا يحرّمونه بالأمس القريب، فقط لأن "ولي الأمر" ذهب في اتجاه التحليل، مثلما حدث في سياقة المرأة للسيارة.

في حين سيكون معالي وزير الاتصال مطالبًا بالبرهنة على اجتهاده، ليس بإقناع المزيد من الصّحافيين بحمل البطاقة المهنية والمشاركة في جائزة رئيس الجمهورية، بل بمدى مساهمة هؤلاء الإعلاميين في تكريس الحكاية المُحوّرة، لتصبح ضمن المجال الحيوي للإعلام.

أمام هذا كله، علينا أن نواجه هذا السّؤال المغيّب: كم من حكاية مزوّرة برّرها رجال الفنّ والدين والإعلام منذ فجر الاستقلال؟

 

اقرأ/ي أيضًا:

زمن اللاعقاب في الجزائر

الجزائر تسعى لجذب الاستثمارات.. هل آن الأوان للخروج من اقتصاد النفط؟