25-يوليو-2017

الصحفي المغربي المعتقل حميد مهداوي (يوتيوب)

في ساعات مبكرة من هذا اليوم 25 تموز/يوليو، حكمت المحكمة الابتدائية بمدينة الحسيمة شمال المغرب على الصحافي حميد المهداوي بثلاثة أشهر سجنًا نافذًا وتغريمه 20 ألف درهم (ألفي دولار) كغرامة، بتهمة "تحريض أشخاص على ارتكاب جنح بواسطة الخطب والصياح في مكان عمومي"، وذلك بعد محاكمة ماراثونية استمرت لأزيد من 15 ساعة متواصلة.

حُكم على الصحفي المغربي حميد مهداوي بالسجن 3 أشهر، وفقًا للقانون الجنائي وليس قانون الصحافة والنشر، ما أثار غضب العديد من النشطاء 

الحكم الذي أثار سخط الوسط الصحافي والحقوقي والمحامين بالمغرب، كما أطلق حملة تضامن واسعة لدى الرأي العام، بعد الحكم بحبس المهداوي، ولا تزال الردود جارية على الشبكات الاجتماعية.

صحافيو حراك الريف معتقلون

"مستعد لمواجهة مصيري، وأتمنى أن تكون مستقلًا، ولولا حرصي على الوطن لأفشيت لك العديد من الأسرار"، هكذا قال المهداوي مخاطبًا القاضي أثناء جلسة المحاكمة الجارية أمس الإثنين، والتي شهدت مرافعات ومداخلات قوية لعدد من المحامين، على رأسهم لحبيب حاجي ومحمد حداش وياسين أفاسي وآخرين، جميعهم قدموا طعونات لبطلان المتابعة القضائية للمهداوي، ورفضوا تطبيق القانون الجنائي عليه بدل قانون الصحافة والنشر.

اقرأ/ي أيضًا: مسيرة أنوال.. العقلية البوليسية مجددًا ضد حراك الريف المغربي

وكان حميد المهداوي، مدير ورئيس تحرير موقع "بديل" الإلكتروني، قد اعتقل في مظاهرات 20 تموز/يوليو الماضي أثناء تواجده بالحسيمة من أجل تغطية الاحتجاجات، بتهمة "تحريض أشخاص على ارتكاب جنح بواسطة الخطب والصياح في الأماكن العمومية، ودعوتهم للمشاركة في تظاهرة بعد منعها والمساهمة في تنظيم ذلك"، وبينما تمت تبرئته من التهمة الأولى أدين بالثانية وحكم عليه بثلاثة أشهر حبسًا نافذًا، وغرامة 20 ألف درهم.

يُذكر أن الصحافي حميد المهداوي، دَأب على بث مقاطع فيديو ينتقد فيها بشدة تعامل السلطات الحكومية مع أزمة حراك الريف، ويثير فيها العديد من قضايا الفساد والاستبداد التي تغيظ السلطة، ولاقت خرجاته المصورة باللهجة العامية إقبالًا واسعًا من المتابعين المغاربة على قناته في "يوتيوب"، مدشنًا بذلك خطًا جديدًا في المغرب لما بات يُعرف بـ"الصحافة الشعبية المناضلة"، وسبق أن توبع بعدة محاكمات قضائية متعلقة بعمله الصحافي.

وليس حميد المهداوي الصحافي الوحيد المسجون على إثر أزمة حراك الريف، فقد سبق للسلطات المغربية أن اعتقلت سبعة إعلاميين يديرون مواقع إخبارية محلية أو صفحات بمواقع التواصل الاجتماعي بالحسيمة ونواحيها، بتهم متعلقة بالقانون الجنائي أيضًا، وذلك وفقًا لمنظمة "مراسلون بلا حدود"، والصحفيون السبعة هم محمد الأصريحي وجواد الصابري من الموقع "ريف 24"، وعبد العالي حدو من "أراغي تيفي" والحسين الإدريسي مصور "ريف بريس"، و ربيع الأبلق مراسل "بديل أنفو" بالجهة، يضاف إليهم فؤاد السعيدي منشط صفحة "أوار تيفي" ومحمد الهلالي مدير الموقع الإخباري الإلكتروني "ريف برس" الذي تم إغلاقه.

ردود غاضبة بعد حبس المهداوي

وأثارت إدانة الصحافي حميد المهداوي والحكم عليه بالحبس ثلاثة أشهر، موجة من الانتقادات الحقوقية لهذا الحكم، إذ قال رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في تصريحات صحفية، إنّ "القضاء أبان، مرة أخرى، من خلال هذه المحاكمة أنه غير قادر على أن يتأسس كهيئة مستقلة؛ بل لا يزال يشتغل بالتعليمات"، مضيفًا أن "قانون الصحافة لا يحمي حرية الصحافة، ويتجلى ذلك من خلال تهريب بعض فصوله إلى القانون الجنائي؛ حتى تتمكن النيابة العامة من اختيار شكل المتابعة".

وثّقت منظمات حقوقية معنية بحرية الصحافة، العديد من الانتهاكات ضد صحافيين في المغرب على خلفية حراك الريف

أما الناشط الحقوقي والقاضي السابق محمد الهيني، فقد كتب موجهًا رسالة مفتوحة إلى الوسط الإعلامي المغربي، بعنوان "أيها الصحافيون اتحدوا"، يقول فيها: "لقد عرت محاكمة زميلكم المهدوي عن انكم بدون حماية وأنه يمكن اصطيادكم بسهولة بجريمة التحريض فمن اليوم كلكم محرضون والسجون تنتظركم، فراقبوا أقلامكم وصياحكم، فالأفضل لكم أن تصيحوا وتكتبوا باسم سلطة الدولة عوض سلطة القانون والحرية"، معتبرًا أن قانون الصحافة أصبح في حكم المنسوخ وبات القانون الجنائي يهدد حرية كل الصحافيين.

اقرأ/ي أيضًا: في المغرب.. التدوين على فيسبوك قد يدفع بك إلى السجن بتهمة "الإرهاب"!

وكانت منظمة "مراسلون بلا حدود" قد نشرت تقريرًا "أسود" حول حرية الصحافة في المغرب، قالت فيه إنها وثّقت منذ نشأة الحراك الاحتجاجي في الريف، في تشرين الأوّل/أكتوبر 2016، العديد من الانتهاكات ضد حرية الإعلام، منددة "بتعمد عرقلة عمل الصحفيين المحليين والأجانب الراغبين في تغطية الواقع الذي تعيشه منطقة الريف، ومحاولات منع التغطية الإعلامية لمظاهرات الريف، مما جعل هذه المنطقة، منطقة فوضى يستعصي على وسائل الإعلام المستقلة الوصول إليها"، على حد تعبير المنظمة الدولية.

كما عجت مواقع التواصل الاجتماعي، مباشرة بعد إدانة الصحافي حميد المهداوي بالحبس النافذ، بالردود الغاضبة والساخرة من محاولة تكميم الأصوات الصحافية المؤيدة لحراك الريف.

 

 

 

 

 

 

"صحافة المواطن".. بديل للإعلام التقليدي في تغطية حراك الريف

كان من اللافت الحضور القوي لما يُعرف بـ"الإعلام الجديد" في تغطية احتجاجات الريف، إذ منذ اندلاع حراك الحسيمة قبل تسعة أشهر، والذي أطلق شرارته محسن فكري بائع السمك المطحون بواسطة شاحنة القمامة، برزت بعض المواقع الإلكترونية، بينها موقع "بديل" الإلكتروني التابع للمهداوي، في متابعة مجريات أزمة الريف.

 إلا أنه كان لـ"لصحافة المواطن" الدور الأكبر في تغطية حراك الريف، حيث انبرت العديد من الصفحات الاجتماعية، في ظل غياب الإعلام الرسمي، إلى نقل المسيرات الاحتجاجية وتعليقات الناشطين عبر خدمة "اللايف" التي يوفرها فيسبوك بالإضافة إلى المنشورات الغزيرة على الشبكات الاجتماعية، الشيء الذي حوّل الإعلام الجديد إلى فاعل رئيس في الحشد للاحتجاجات، وتغطيتها، ونقلها للعموم، كبديل عن الإعلام التقليدي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

بعد مسيرة الرباط الحاشدة.. هل انبعثت روح "20 فبراير" من جديد؟

حكومة المغرب الجديدة.. سهام الانتقاد متواصلة