18-يوليو-2018

ياسر صافي/ سوريا

قطراتُ المطر تطل من شق الباب

قبل أن تتحطم في العيون الصغيرة

التي أيقظها المطر

الغيمة التي تشبه جنازة

تتقدم..

المتلفعةُ بالشؤم توشك أن تكسر النافذة

وتدخل.

*

 

السماء إذًا

الرهيفة، تكشف عن عظامها وتهبط على الأغصان العارية

 

من حرب عتيقة مقدسة

وصلت للتو أنصال سيوف لامعة

تفتح الجذوع اليابسة على النُّذر.

 

يا للسماء وهي تفقأ عين الفولاذ الوحيدة

وتفلته في المدائن.

 

بأية جهة تتيمم الخضرة لتنجو؟

 

الأشجار التي كانت بالأمس

تتمايل تحت وداع العصافير

مسَمرة الآن

مثل جنود يشمون رائحة الحرب

بأنوف لم تألف النظام بعد،

أنوف طويلة

كانوا قد خبؤوها تحت ثيابهم وأدخلوها سرًا

ليتسنى لهم أن يضعوها بعد منتصف القلب..

 

بقليل من الدراية 

دراية الجندي الأعزل

يوارون دمهم لئلا يرعفون فيفتضح الأمر.

*

 

مثل جريح يترك ساقيه تحت أنقاض الدار ويأتي

كانت الريح

وعلى رؤوس أصابعها،

تتطاول الحرب

تضع كل يدها على حافة الأفق وتطل.

*

 

كيف تقدر قطرات المطر أن تبوح بكل هذا

في برهة السقوط الجذلى

في الجزء الأخير من الهاوية

من شق باب موارب حزين؟

*

 

برد،

برد يضع قدمه الثقيلة على الطين،

بين أصابعه القاسية

تزرَقُّ النافذة وترتجّ

برد ينفخ على يد الرحمة فتقع كالحطبة 

مثل مَسنّ يشحذ أظافر الموت الطويلة

يهرش أماسينا الهادئة 

وعلى جذوع الأشجار

على زجاج النوافذ

آثار مروره القاسي بكتفيه المقوستين مثل فأس.

*

 

فجأة، ينهي النهار زيارته

أو لعله غادر هو الآخر مثل روح مجروحة تطلب الثّأر

حيث لم يتسن لنا أن ندعو شجرة الكينا

والحبل الذي ربطناه في ذراعها أرجوحة

لم يكن وقت

لنجمع أشياء العالم المبعثرة حول بيوتنا

ونصفّها حول المدفئة

لأجلنا كان لا ينقص شيء

حتى الديدان الغليظة النهمة

والأعشاب اليابسة على الحواف

والحجارة المتخفية التي لا عمل لها

سوى الاصطدام بأصابع مرحنا،

لأجل أن يكون عالم،

عالم كبير بحجم العين والأذن والأصابع

عالم لأجلنا.

 

وحيث المسافة بين حافة الشباك والرصيف المقابل بلا نهاية

أقعد:

كيف استطاع أن يحمل ممحاة على هذا النحو

ويمحو العالم حولنا؟ 

 

وأنت يا الله

كيف نقدر أن نهتدي إليك؟

*

 

على العيون الصغيرة التي أقامها المطر تحت النوافذ

مثل معسكرات مؤقتة

تتعالى جلبة..

القطرات المنهكة التي وصلت للتو

والعناصر التي تستعد للرحيل

*

 

أتفقده عضوًا عضوًا، في مرآة مكسورة تقدر أن تتفهمه

ها هي الحقيقة المهدورة منذ عصر غاليليو تعود

على شكل جرح.

*

 

كان حيُّنا الصغير سفينة تائهة

وقراصنة بعيون مفردة

يهزون حيطانه بقهقهات عالية

حتى الدم في أوردة الصغار توجس،

يهرشون سواعدهم، بطونهم

مخافة أن يقعوا في العتمة.

*

 

بشعرها الملتهب

بساقيها السوداوين

تعصف بالنوافذ والصغار والحيطان البيضاء

مثل جنية مذعورة

كانت الحرب،

تركل الأرض في طريقها إلينا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

صانع الأسئلة

أحبكِ مكسوًا بالشقاء