27-أغسطس-2016

الناشط الحقوقي الإماراتي أحمد منصور

فجر اكتشاف الحقوقي الإماراتي أحمد منصور، ثغرات في هاتف "آي فون" تسمح بالتجسس على الهواتف الشخصية، قضية الحريات الشخصية وتجسس الدول على مواطنيها باستخدام تقنيات وبرامج حديثة، وخاصة أن شركة "أبل" العملاقة اعترفت بالمشكلة وأصدرت تحديثات لمستخدمي هواتفها للتغلب على تلك الثغرات. وقال أحمد منصور لـ"الترا صوت"، إنه اكتشف محاولة الاختراق بعد استقبال رسالة نصية على هاتفه "آي فون"، وأوضح أن الرسالة النصية استغلت اهتمامه بالملف الحقوقي في بلاده، حيث تحدثت عن "أسرار جديدة حول تعذيب إماراتيين في السجون، مرفقة برابط غير واضح".

وأضاف أحمد منصور: "لأنني سبق أن تم استهدافي من قبل الأجهزة الأمنية في الإمارات، أصبحت أكثر حرصًا من المستخدمين العاديين، فقمت بإرسال الرسالة إلى سيتيزن لاب، وهو مختبر متخصص في مجال الاختراق والتجسس، فقام بفحصها وتحليل محتواها، وتأكد أن الرابط المرفق عبارة عن برنامج خبيث طورته شركة إسرائيلية، وأنها تقوم ببيعه للحكومات".

بدأت رحلة تضييق الإمارات على مواطنها أحمد منصور منذ أن استهل نشاطه الحقوقي وعبر عن رفضه للتطبيع منذ أكثر من عشر سنوات

اقرأ/ي أيضًا: المعتقلون المصريون في الإمارات.. زنزانة النسيان

وأوضح أحمد منصور أن "الرسائل وصلتني على مدار يومين، رسالة بتاريخ العاشر وأخرى بتاريخ الحادي عشر من آب/أغسطس الجاري، وفي الحالتين كان المحتوى ذاته، وإن اختلف المرسل، وهو اسم مزيف برقم مزيف، حيث عرفت لاحقًا أن البرنامج الخبيث يتيح لمستخدمه القيام بذلك".

وقال مختبر سيتيزن لاب إنه إذا ضغط أحمد منصور على تلك الروابط فإن ذلك كان سيؤدي إلى تثبيت برنامج خبيث على هاتفه "وبمجرد تثبيت البرنامج على الهاتف كان سيصبح جاسوسًا رقميًا في جيبه، حيث يمكن للبرنامج توظيف كاميرا الهاتف والميكروفون للتجسس على كل الأنشطة في محيط مكان الهاتف، وكذلك تسجيل المكالمات والمحادثات على فايبر وواتس آب وغيرها من التطبيقات".

وفجر أحمد منصور القصة بالتواصل مع شركة "أبل" مصنعة الهاتف، والتي درست الشكوى، وأكدت صحتها، وأصدرت بيانًا لاحقًا حولها، مع توصية بتحميل تحديثات ضرورية للهواتف من فئة "آي فون 6" تحمي من اختراقها.

وقال الحقوقي الإماراتي أحمد منصور لـ"الترا صوت": "لا أعتقد أن اكتشاف الأمر وتحوله إلى قصة عالمية سيوقف برنامج الجهات الأمنية الإماراتية لتطوير قدراتها لاختراق ومراقبة الأجهزة والمحادثات والبيانات الشخصية للمواطنين والمقيمين، فمن الواضح تمامًا أن الميزانية المرصودة لهذا البرنامج ضخمة والهدف يبدو هدفًا استراتيجيًا متعدد الأشكال". واستطرد: "أعتقد أن محاولات المراقبة والاختراق والتجسس ستتواصل، وأنها ستزداد تعقيدًا، وربما تنتشر على نطاق أوسع. وفي الأغلب، سيكون المستهدفون بمثل هذه البرامج النشطاء من الحقوقيين أو السياسيين، أو أصحاب التوجهات الفكرية التي لا تتناسب مع توجهات السلطات الحكومية، والتي تقوم بشيطنتهم"، على حد قوله.

وكان بين أبرز ما تم الكشف عنه في الواقعة، أن الشركة مصنعة تقنية الاختراق والتجسس هي شركة إسرائيلية، حيث أشارت أصابع الاتهام إلى شركة NSO الإسرائيلية، ومركزها في مدينة هرتسليا، وهي شركة تعمل على تطوير برمجيات للحكومات تستهدف بشكل سري هواتف المستخدمين، بحسب تقرير نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية.

وعن هذا، يقول أحمد منصور: "بالنسبة لي التعاون مع شركة إسرائيلية ليس مستغربًا، فالعديد من التقارير الآن تشير إلى تعاون بين بعض دول الخليج وإسرائيل في عدة مجالات، كما أن التواجد الإسرائيلي في الإمارات لم يعد سرًا، سواء تحت مظلة الأمم المتحدة أو الرياضة أو غيرها من الأشكال".

لم يعد التواجد الإسرائيلي الرسمي وشبه الرسمي في الإمارات سرًا، بل إن التطبيع أصبح من ضمن الأنشطة العلانية للدبلوماسية والقنوات الرسمية الإماراتية

وأضاف أحمد منصور أن: "هناك تطبيع غير معلن، وربما غير كامل، لكن لا شك أنه موجود. شخصيًا عبّرت عن رفضي للتواجد الإسرائيلي في الإمارات في أكثر من مناسبة، كما عبرت عن رفضي لأي نوع من أنواع التطبيع مع إسرائيل". ويقول الحقوقي الإماراتي: "تركز السلطات الأمنية على تطوير قدراتها في اختراق وتتبع ومراقبة اتصالات وبيانات الأفراد، وفي سبيل تحقيق هذا الهدف، لا يهمها مع من يتعاملون، سواء كانت دولة أو شركة، الأهم بالنسبة لها هو تحقيق هدفها بالقدرة على مراقبة الجميع".

اقرأ/ي أيضًا: ليست مجرد ناطحات سحاب لامعة.. إنها إمارات الظلام

وكان أحمد منصور أحد الأشخاص الخمسة الذين اعتقلتهم السلطات الإماراتية عام 2011، وقد عُرف منذ سنة 2006 بنشاطه في المجال الحقوقي وملف حرية التعبير والحريات السياسية والمدنية. وفي هذا الصدد عقب قائلًا: "المضايقات بالنسبة لي باتت معتادة، فهي لم تتوقف منذ إطلاقنا لعريضة المطالبة بإصلاح المجلس الوطني الاتحادي "البرلمان" لإعطائه صلاحيات تشريعية ورقابية كاملة وانتخاب جميع أعضائه".

وروى أحمد منصور تفاصيل بعض التضييقات والمضايقات التي تعرض لها، ومنها: "تم اعتقالي وإطلاق حملة تشويه واغتيال معنوي لشخصي، وأظنها كانت حملة غير مسبوقة في تاريخ الإمارات، وتم فصلي من عملي بعد خروجي من السجن الذي قضيت فيه ثمانية أشهر، وكان خروجي بعفو رئاسي بعد يوم واحد من الحكم عليّ بالسجن ثلاث سنوات".

وأشار أحمد منصور إلى أنه تم الاعتداء عليه مرتين من قبل أشخاص مجهولين في الجامعة، حيث كان يدرس القانون، و"تمت سرقة رصيدي البنكي، وقيمته 140 ألف دولار تقريبا، من حصيلة عملي لنحو 12 عاما، وعندما ذهبت للإدلاء بأقوالي في بلاغ تقدمت به حول سرقة أرصدتي، سرقت سيارتي من مواقف النيابة في أبوظبي، ولم أسترجع أيًا منها حتى اللحظة، علمًا أن الحساب والسيارة تمت سرقتهما في كانون الثاني/يناير 2013".

وحول لجوء السلطات إلى التضييق التقني عليه، قال أحمد منصور: "لم يتوقف التضييق ولا محاولات اختراق أجهزتي واتصالاتي، لكن كل ذلك لن يجعلني أتوقف عن نشاطي الحقوقي، فأنا مؤمن تمام الإيمان بأن ما أمارسه في هذا المجال هو لصالح بلدي ولصالح أبنائها الذين ربما لا يشعرون بأهمية الدفاع عن هذه الحقوق حاليًا".

وحاز أحمد منصور جائزة "مارتن إينالز" لعام 2015، والمخصصة للناشطين في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، لكن السلطات الإماراتية منعته من السفر إلى جنيف لتسلم الجائزة.

اقرأ/ي أيضًا: 

الإمارات.. عداء متصاعد للربيع العربي

هل تورطت الإمارات في الانقلاب التركي؟ لنسأل دحلان