10-نوفمبر-2017

حدة حزام (فيسبوك)

حين أطلقت الإعلامية والنّاشطة الجزائرية حدة حزام جريدة "الفجر" اليومية، عام 2000، كانت قد عملت عشر سنوات في جريدة "المساء" الحكومية. وكانت قد مرّت بضعة شهور على اعتلاء الرّئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة سدّة الحكم، والذي باشر عهدته الأولى بالتعبير عن عدم ارتياحه للمنطق الإعلامي السّائد في البلاد.

لم تتخل حدة حزام عن خوض معارك مع إعلاميين موالين لبوتفليقة وحافظت على نبرة حادة في معارضتها وهو ما كلفها الحرمان الإشهار الحكومي

عام 2004، احتدم الصّراع بين الرئيس بوتفليقة ورئيس حكومته السّابق علي بن فليس، الذي كان قطاع واسع من الجزائريين يعتقد أنه سيكون خليفته بعد الانتخابات الرّئاسية، التي جرت في السّنة نفسها، لكن النتائج بيّنت العكس تمامًا، إذ استحوذ الرئيس المترشّح على معظم الأصوات. وهو الوضع الذي وضع المنابر الإعلامية، التي ساندت علي بن فليس في مقام محرج، ذلك أن الإشهار في الجزائر يخضع للإشراف الحكومي المباشر.

اقرأ/ي أيضًا: جريدة "الشروق" الجزائرية.. من وراء إيقافها؟

كانت جريدة "الفجر" من المنابر الإعلامية المعنية بهذا الحرج، فكتبت مديرتها حدّة حزام رسالة قالت فيها إن بوتفليقة قد فاز، وإن علي بن فليس لم ينهزم، إنما انهزمت الصّحافة بانحيازها لطرف على حساب آخر، وهو ما كان لها أن تقع فيه. وهو ما فهمته دوائر في الحكومة على أنه اعتذار منها على موقفها المساند لغريم الرّئيس.

غير أن استمرار نبرتها المعارضة من خلال عمودها اليومي "أساطير"، ومداخلاتها في الفضائيات والإذاعات الأجنبية، وخوضها معارك حامية مع إعلاميين موالين لمحيط الرّئيس، في السّنوات الموالية، أثبت أن حدّة حزام التي اختارتها مجلة "جون أفريك" التاسعة ضمن 50 امرأة مؤثرة في أفريقيا عام 2014، لم تتزحزح عن قناعاتها المعارضة.

بقيت جريدة "الفجر" تتلقّى الإشهار الحكومي، على تذبذب، إلى غاية شهر آب/ أغسطس الماضي، حيث توقف تمامًا، وهو ما أثّر في إمكانياتها المالية، بما فيها أجور عمّالها. وتقول حدّة حزام إن قرار الحكومة بحرمان جريدتها من الإشهار بدأ مباشرة بعد تدخلها في قناة "فرانس 24" الفرنسية، "حيث سألت عمّن يقرّر في البلاد، بعد أن قيل إن رسالة إقالة الوزير الأوّل عبد المجيد تبّون لم يرسلها رئيس الجمهورية".

 

صحيفة الفجر الجزائرية

توضح حدّة حزام لـ"الترا صوت": "راسلت رئيس الجمهورية والوزير الأوّل، وتدخلت شخصيات نافذة لصالح الجريدة، لكن يبدو أن محيط الرّئيس يرغب في تكميم الأفواه، تحسّبًا لانتخابات عام 2019". انطلاقًا من هذا الوضع، تضيف حزام: "قرّرت أن أباشر إضرابًا عن الطعام من يوم الإثنين القادم 13 نوفمبر، لأقول إن حرية التعبير مهدّدة في الجزائر، وإنه يجب أن يُرفع الظّلم عن الصّحافة الحرّة".

اقرأ/ي أيضًا: صحافيات الجزائر.. أحلام كبيرة وحصاد مر

إعلان حدّة حزام عن نيتها الدّخول في إضراب عن الطعام، خلق حالة من التعاطف معها في المشهد الإعلامي الجزائري، حيث حمل العشرات من الإعلاميين والمدوّنين والنشطاء الحقوقيين والكتّاب، في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، شعار "كلنا حدّة حزام"، ومن ورائه "كلنا الصحافة الجزائرية حرة". و"الفجر" ليست الأولى في صراع الصحافة مع رجال السلطة ورجال الأعمال في الجزائر، سبقتها "الخبر" وغيرهما ولا يزال مسار حرية الفكر والتعبير طويلًا.

إعلان حدّة حزام عن نيتها الدّخول في إضراب عن الطعام خلق حالة من التعاطف معها في المشهد الإعلامي الجزائري وعلى مواقع التواصل

 

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

قضية "الخبر" تفجر أزمة سياسية في الجزائر

"أطفال" الجزائر يرعبون النظام العجوز