23-نوفمبر-2016

صورة لمجلة الإيكونوميست تجمع أبرز الحكام الشعبويين في العالم (economist)

قدمت مجلة "إيكونوميست" البريطانية، تحليلًا موسعًا حول ظاهرة صعود اليمين الشعبوي والدعوات الشوفينية حول العالم، أين ينتصر الشعبويون في العالم؟، وأسباب هذه الانتصارات، فيما يلي ترجمة التقرير.

أحدث الأمثلة على "صعود الخطاب الشعبوي" هو دونالد ترامب الذي أقنع 61 مليون أمريكي بالتصويت له

__

في بكين، بودابست، القاهرة، دلهي، إسطنبول، ماجارتي وباريس.

بعد صعود حركة "اللا سراويل" في فرنسا في القرن الثامن عشر ضد لويس الرابع عشر عام 1789، وضع الثوار اتفاقية لحقوق الإنسان والمواطن، حيث سعى جيش نابليون العظيم Napoleon’s Grande Armée ليس فقط إلى مجد فرنسا بل إلى الحرية والمساواة والإخاء. على النقيض ولدت، الشوفينية الشعبوية التي جعلت الأمريكيين يهيمون بنجمات وأشرطة علم بلادهم، والتي جعلت النيجيريين يشجعون بحماس فريق كرة قدمهم الوطني المعروف " بالنسور الخضراء"، وهي ذاتها الروح التي جعلت البريطانيين يقبلون على شراء أكواب شاي مرسومة عليها صورة "دوقة كامبريدج" الجميلة، تلك الروح الوطنية التي يتم استخدامها للنظر إلى العالم بعيون الشك والريبة.

اقرأ/ي أيضًا: اليمين الفرنسي ينادي فيون من بعيد: فخامة الرئيس

انقرضت الشمولية القومجية سوى من بقعة واحدة في العالم وهي كوريا الشمالية، حيث تبشر الأسرة الحاكمة بمزيج غريب من الماركسية ونقاء العرق، وحيث يتحول المعارضون إلى عمال بالإكراه في مخيمات للعبيد.

في هذه المساحة أيضًا يمكنك إضافة إريتريا، دكتاتورية بشعة لكن صغيرة الحجم. ومع ذلك فإن نموذجًا غير مسبوق من الشوفينية الشعبوية الممجدة للعرق آخذ في الصعود عالميًا في الديمقراطيات الغنية بل ويتمتع بمواطنين يصوتون له في الانتخابات بحماس ويكسبها. أما في الأنظمة الاستبدادية فإنها تتبع طريقة أخرى تقوم فيها بإلهاء الناس عن حاجتهم للحرية، وأحيانًا للطعام، والسؤال هو: "أين يصعد هذا التيار العارم ولماذا؟".

أحد أحدث الأمثلة على "صعود الخطاب الشعبوي" هو دونالد ترامب، الذي أقنع 61 مليون أمريكي بالتصويت له بعد أن وعدهم ببناء جدار بينهم وبين المكسيك، وبترحيل المهاجرين غير الشرعيين، وبأن "يجعل أمريكا أمة عظيمة مرة أخرى".

النداءات الكريهة المناصرة للعرق في أمريكا ليست أمرًا حديثًا على الإطلاق، ذات مرة وقف جو بايدن، نائب الرئيس أوباما، موجهًا حديثه إلى جمهور أسود يقول: إن "ميت رومني -أحد أبناء الجمهوريين النبلاء- كاد يعيدكم جميعًا إلى السلاسل (يقصد سلاسل العبيد)، لكن أحدًا لا يمكنه أن يضاهي شوفينية ترامب على أي حال".

سيشجع النصر الذي حققه ترامب نظراءه في العالم. نايجل فاراج من حزب الاستقلال البريطاني UKIP وأحد أكثر السياسيين البريطانيين تحملًا لمسؤولية البريكست، زار ترامب بالفعل وحياه تحية ودودة بابتسامة واسعة كتلك التي للقط شايشير في "أليس في بلاد العجائب". وفيكتور أوربان رئيس وزراء المجر، المعادي للمهاجرين، قال معلقًا "يمكننا العودة إلى الديمقراطية. يا له من عالم سعيد".

بالنسبة للاتحاد الأوروبي فإن العواقب قد تكون وخيمة. في فرنسا تشير استطلاعات الرأي أن مارين لوبان، رئيسة حزب الجبهة الشعبية في فرنسا، قد تفوز في الانتخابات الرئاسية في العام المقبل، الفرنسيون مقارنة بالمصوتين الأوروبيين في أنحاء أوروبا كلها كانوا أكثر ميلًا إلى مقاومة العولمة والتجارة العالمية، ويعتقدون أن عددًا قليلًا من المهاجرين كان لهم تأثير إيجابي على مستقبل بلادهم. لوبان تعد الفرنسيين بأن تُخرج فرنسا من منطقة اليورو وأن تقوم ب "Frexit"، أي استفتاء مشابه للبريكست على عضوية الاتحاد الأوروبي. وبعد الانسحاب الفرنسي، قد لا يكون لليورو وجود في العالم.

الاندفاع للخروج

افترضت النخب الأوروبية أن الهويات يمكن أن تمتزج داخل ألبوم قاري، ولكن حامل شعلة الزخم السياسي الآن هي الأحزاب الشعبوية مثل حزب الجبهة الوطنية الفرنسي وحزب " فيدس" المجري وحزب الحرية النمساوي (أحد قادته نوربرت هوفر يمكن أن يُنتخب رئيسًا للنمسا الشهر المقبل).

الملصقات التي كانت تدعو لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كانت تصور جحافل المهاجرين من الشرق الأوسط وهم يحتشدون للدخول

اللغة التي تتبناها لوبان في فرنسا نموذجية للجمهور الفرنسي فهي تدغدغ مشاعر الحنين والقلق والكراهية للنظام العالمي الليبرالي رافعة شعار "لا لبروكسل. نعم لفرنسا"، وهي ترثي تراجع الأمة الفرنسية عن الصدارة وتتوعد بجعل فرنسا أمة عظيمة مرة أخرى!.

وعلى عكس ترامب، لم تدع لوبان إلى فرض حظر على دخول المسلمين البلاد، ولكنها بدلًا من ذلك تتحدث عن "الحد" من موجات هجرة "عملاقة"، وكمحام تحت التمرين، تدعم لوبان حججها بأنه يجب الحفاظ على "علمانية فرنسا" بإبقاء الدين بعيدًا عن الحياة العامة. ومع ذلك فإن ناخبيها واقعون في حيرة من أمرهم بشأن نوعية" الفرز"، الذي ستُخضعه لوبان للمهاجرين، من حيث أيهم سترفضه، وأيهم ستعتبره فرنسيًا.

عام 2015، أظهر ملصق دعائي للحملة الانتخابية لحزب الجبهة الفرنسي فتاتان واحدة تطلق شعرها وترسم علم فرنسا على خديها والأخرى ترتدي البرقع والصورة مزيلة بعبارة تقول "اختر جارك، صوت لحزب الجبهة".

شعبية لوبان فتحت شهية سياسيين آخرين يريدون نفس المكانة، ومنهم نيكولا ساركوزي، رئيس يمين الوسط السابق، الذي يريد العودة إلى منصبه مرة أخرى، ولكن على طريقته، حيث أعلن في حملته الانتخابية الجديدة شعاره "أجدادك هم الإغريق" وفي حملة أخرى قال: إن "الأطفال الذين لا يريدون أكل لحم الخنزير في المدارس، يجب أن يكتفوا برقائق الشيبس"، ويعني بقوله إن المشكلة هي مشكلة الأطفال الذين يمنعهم دينهم من أكل بعض أنواع الطعام ولا تقع المسؤولية على المدارس لإعانتهم.

يقول دومينيك مويسي من معهد مونتين، وهي مؤسسة فكرية، إن "فرنسا تعاني "القومية الدفاعية" وهي فكرة ترتكز على انعدام الثقة بالآخر ورغبتها الدائمة في الدفاع عن نفسها ضد تهديد الآخرين". يحدث شيء مماثل في منطقة أخرى في أوروبا، ففي عام 2010، قام الحزب السويدي الديمقراطي وهو حزب قومي ببث إعلان على التلفاز يصف فيه خوف الشارع السويدي من أن نظام الرعاية الاجتماعية السويدي السخي قد لا يصمد أمام طالب لجوء مسلم ذي خصوبة عالية من الدول الفقيرة، الإعلان يُظهر امرأة بيضاء مسنة ترتدي نظارة من طراز زيميرمان، تعرج في نفق مظلم نحو معاشها ولكن تزاحمها جماعة من النسوة بعربات يرتدين البرقع ويدفعن عربات أطفال، فيمنعنها من بلوغ مالها. تشير استطلاعات الرأي أن هذا الحزب الآن هو أحد أكثر الأحزاب شعبية في السويد.

في هولندا، يتم محاكمة جريت ويلدرز، زعيم حزب معاداة المسلمين ومناهضة الهجرة من أجل الحرية، بتهمة بث خطاب يحض على الكراهية، وذلك لحثه جمهوره على ترديد مقطع غنائي يقول "مغاربة أقل في البلاد"، وتشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب جريت ويلدز يحتل المرتبة الأولى في البلاد منذ بدء محاكمته!.

استفتاء بريطانيا الذي كان في حزيران/يونيو الماضي على الخروج من الاتحاد الأوروبي كان أيضًا للشعوبيين دور فيه، كانت ملصقات حملات "البريكست" تصور جحافل المهاجرين من الشرق الأوسط وهم يحتشدون للدخول، ثارت وقتها ثائرة النشطاء ضد المهاجرين والمصرفيين والخبراء الذين لا جذور لهم في البلاد وكانت واحدة من شعاراتهم "نريد لبلادنا أن تعود"، بعد التصويت قام ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء الكوزموبوليتاني، بتقديم استقالته وحلت محله تريزا ماين التي تقول: "إذا كنت تظن نفسك مواطنًا في العالم، فأنت مواطن في اللامكان، بل إنك لا تفهم المعنى الأثير لكلمة المواطنة!".

حتى قبل أن تخرج بريطانيا فإن مجرد احتمال خروجها نفسه قد جعلها أفقر، فقد هبطت العملة بنسبة 16% أمام الدولار ومع ذلك فإن عددًا قليلًا من البريكستيين (المؤيدين للخروج من الاتحاد الأوروبي) يُظهرون شيئًا من الندم.

اقرأ/ي أيضًا: هل تحكم الشعبوية المجتمع الغربي؟

قومية الهروب من الأخطاء

فلاديمير بوتين، رئيس روسيا، ليس متأكدًا تمامًا مما يجب أن يفعله حيال ترامب، فهو بلا شك رحب به بشدة، كونه وعد بإعادة النظر في طبيعة العلاقات مع روسيا، إذا توقفت أمريكا عن لعب دور العدو، وقتها سيحتاج بوتين إلى عدو جديد.

لماذا يؤيد بوتين الأحزاب اليمينية المتعصبة الأوروبية؟.. لأنه بعد فترة من الركود الاقتصادي، فإن النبرة الشعبوية هي كل ما تبقى له

عقيدة بوتين المتجذرة هي، روسيا قوية بقيادته، ومنذ توليه الحكم عام 2000، كانت وسيلته إلى ذلك قومية مبنية على تمجيد العرق. في عام 2011، واجه بوتين احتجاجات ضخمة من الطبقة الوسطى المتحضرة بسبب الفساد وبسبب هجرة غير متحكم بها من أعراق غير سلافية، وقد استجاب لذلك من خلال إحياء الحماس الإمبراطوري القديم، فعندما فكرت أوكرانيا أن تميل مجرد الميل إلى الغرب، غزا أوكرانيا الشرقية وأعلن أنه ضم شبه جزيرة القرم. وقتها صورت آلته الإعلامية ما يحدث على أنه إنقاذ العرق الروسي من أعدائهم التاريخيين من" الأوكرانيين الفاشيين".

لماذا يؤيد إذًا بوتين الأحزاب اليمينية المتعصبة الصاعدة في أوروبا؟ لأنه مع انخفاض أسعار النفط وبعد فترة طويلة من الركود الاقتصادي، فإن النبرة الشعبوية هي ما تبقى من شعبية بوتين.

في الصين يقود التيار العرقي، غير العالمي، القومي، الحزب الشيوعي، ويسعى الحزب إلى طمس الفارق بينه وبين الأمة وإلى انتزاع شعبيته من خلال ما تحققه سياساته من نمو اقتصادي. وعلى الرغم من تباطؤ هذا النمو، أطلق شي بينغ وبعد فترة قصيرة من توليه الرئاسة عام 2012 ما أسماه بالحلم الصيني، وهي حملة قومية تبدأ مع أطفال الابتدائية وحتى طلاب الدكتوراه!.

الحكومة غالبًا ما تلوم "القوات الأجنبية المعادية" على أشياء لا تحبها، مثل الاحتجاجات في هون كونج أو شينجيانغ وهي مقاطعة في أقصى الغرب حيث يثور اليوغور على حكم الهان. لطالما حاول التلفزيون الحكومي جعل دول الجوار تبدو غبية وغير ذات نفع، وقد تم تكثيف الخطاب المناهض للغرب، حتى أنه في عام 2015، قام وزير التعليم الصيني بالدعوة لفرض حظر على الكتب التي "تعزز القيم الغربية" في التعليم العالي.

الانتصار العظيم للصين على اليابان أصبح مركزيًا في كتب التاريخ الصينية (وإن كان الخصوم الشيوعيين هم من قاموا بجل المهمة القتالية) وتم إدخال ثلاثة أعياد وطنية جديدة عام 2014: يوم ذكرى مذبحة نانجينغ، وهي إحياء لذكرى 300 ألف شخص أو نحو ذلك قتلوا من قبل اليابانيين هناك في عام 1937. "يوم النصر" للاحتفال باستسلام اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية. و"يوم الشهداء" مخصص لأولئك الذين قتلوا في معارك مع اليابان.

عبد الفتاح السيسي، الرئيس السلطوي في مصر، يستخدم كل موارد الدولة للترويج لفكرة أنه هو والد بلاده. يلوم نظامه الإسلاميين على كل شيء: عندما تسببت الأمطار الغزيرة في حدوث فيضانات في الإسكندرية العام الماضي، اتهمت وزارة الداخلية جماعة الإخوان المسلمين بتعطيل المصارف المائية، وهي جماعة إسلامية محظورة في مصر. في الصيف الماضي، وبعد التباهي بصرف حوالي 8 بلايين دولار على توسيع قناة السويس، أعلن اليوم عطلة رسمية، وأبحر فوق ممر مائي بالزي الرسمي العسكري، وحلقت فوق رأسه الطائرات الحربية، وقطعت الدولة البث الحكومي لتبث افتتاح القناة، لتضخم قيمتها فيبدو الأمر كله وكأنه مشهد من "لعبة العروش" GAME OF THRONES.

قصة مماثلة في تركيا، البلد الذي قبل بضع سنوات فقط كان في طريقه للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، الآن رئيسها، رجب طيب أردوغان، يتعهد ببناء "تركيا الجديدة"، والوقوف بشجاعة ضد الانقلابيين المتآمرين والعوامل المساعدة لهم في الغرب، والذي حضر مؤخرًا مؤتمرًا حاشدًا للاحتفال بفتح القسطنطينية، الذي كان عام 1453. أما الغرض الحقيقي من هذا الخطاب فهو تبرير اعتقال 36000 شخص منذ محاولة انقلاب في تموز/يوليو.

في الهند، لم تكن النزعة العرقية بعيدة أبدًا عن السطح فمنذ عام 2014 حكم البلاد "ناردنرا مودي" القومجي الهندوسي من حزب "هاراتيا جاناتا" ويسعى الحزب منذ تأسيسه إلى أن تنأى الهند بنفسها عن التعصب الراديكالي الهندوسي، لكن كثير من النشطاء الهندوس يتهمون "مودي" بأنه مرن أكثر من اللازم مع الباكستانيين والمسلمين الذين يؤذون البقرة المقدسة وبأن له توازنات مع الغرب فيما يختص بقطاع الأعمال، ولكنه في نفس الوقت عضو بمؤسسة هندوسية عريقة للمتطوعين، تأسست عام 1925.

أمة مرة أخرى

إن السؤال حول سر قوة الشعبوية هو كالتساؤل: "لماذا يحب الناس أسرهم ويخافون من الغرباء؟". اقترح العلماء أن الأمم تعني اللغة والتاريخ والثقافة والأرض والسياسة، دون أن يتغلب عنصر واحد على الآخر. والسؤال الآن هو: ما الذي يجعل المدنية القومية تتحول إلى عرق خاص؟ هناك عدة نظريات.

بالنسبة لعبد الفتاح السيسي وبوتين فإن إحياء النزعة الشوفينية هي طريقة سهلة ورخيصة لتحفيز الحماس للدولة ولصرف الانتباه عن الأخطاء

في البلدان الغنية، يلعب التشاؤم دورًا في ذلك، حيث تباطؤ النمو يقلل دعم العولمة، عدم المساواة أيضًا له دور، يكون الحاصلون على تعليم جيد بخير، بينما يعاني عمال الياقات الزرقاء، وأفضل من استطاع الحصول على شعبية بين عمال الياقات الزرقاء من المصوتين هو ترامب.

في الدول النامية، يكون النمو أسرع، وبالتالي دعم العولمة أكبر، ولكن الناس يشعرون بالاشمئزاز من أشياء كثيرة، من المسؤولين الجشعين وحتى الهواء القذر الملوث. أما بالنسبة لعبد الفتاح السيسي وبوتين فإن إحياء النزعة الشوفينية الشعبوية هي طريقة سهلة ورخيصة لتحفيز الحماس للدولة، ولصرف الانتباه عن الأخطاء.

الشوفينية الشعبوية الجديدة تدين بالكثير أيضًا لعوامل ثقافية، كثير من الغربيين وخاصة كبار السن منهم، يحبون بلدانهم كما كانت ولم يطلبوا يومًا أن يهاجروا منها تلك الهجرة التي جعلت من أوروبا تتحول تدريجيًا إلى مكان يعج بالمسلمين، وجعلت من أمريكا بلدًا نسبته من السكان البيض البرتستانتيين تقل. وهم يعترضون على تسمية آلامهم تلك بالعنصرية.

النخبة الليبرالية تؤكد أن هناك مصدرين للهوية: أولهما أن تكون مواطنًا عالميًا صالحًا (يكترث للتغيرات المناخية وللصناعات الخزفية في بنجلاديش) وثانيهما الانتماء إلى جماعة من الناس لا علاقة لها بالأمة (اللاتينون، مثليو الجنس، البوذيون. إلخ)، عضوية بعض الجماعات تحمل مزايا مادية فضلًا عن مزاياها النفسية. إن النشاط الذي يتم داخل نطاق الجماعة في أمريكا يعطي حتى لأعضائها الأكثر ثراء ميزات انتمائه للمجموعة.

الشعبويون لا يروق لهم "بلقنة" بلدانهم إلى مجموعات تحمل كل منها هوية خاصة بها، وخاصة عندما يتم تعريف تلك المجموعات بوصفها تتمنى القطيعة مع تاريخها السابق، حتى أن الأمريكيين بدؤوا التصرف وكأنهم كانوا طوال الوقت جماعة ضاغطة صغيرة.

أخيرًا فإن تسارع وسائل الاتصال ساعدت في تسارع انتشار الشوفينية الشعبوية الجديدة. فيسبوك وتويتر، ساعدت الناس على تجاوز ما يحدث من "فلترة"في وسائل الإعلام الرئيسة. فهي تساعد على تبادل الأخبار، وتنظيم المسيرات، فتغريدات ترامب يقرؤها الملايين حول العالم مثلًا.

الأمل يتزايد في ارتفاع معدلات التعليم، وأن تلك الهجرة المتزايدة سوف ينتج عنها أجيال تولد في مجتمعات متنوعة ستبدأ في مواجهة تلك النزعة الشوفينية. تشير الإحصاءات إلى ارتفاع عدد الأمريكيين المولودين خارج الولايات المتحدة من 10 ملايين إلى 40 مليون في عام 2010. وفي بريطانيا، ارتفع بنسبة من ثلاثة ملايين تقريبًا إلى 7.5 مليون، قليل من أنصار حزب الاستقلال البريطاني والجبهة الفرنسي من الشباب وينطبق الشيء نفسه على بريطانيا.

ويبدو أن الشباب في أوروبا يرون أن هذه التغييرات لا تدعو للخوف، فعلى الرغم من أن 37% من الفرنسيين يرون أن العولمة هي طريق للخير فإن 77% من الشباب ممن تتراوح أعمارهم بين 18-24 يرون أنها هكذا فعلًا. ويعول الشعبويون الجدد كثيرًا على الوعود بإغلاق الحدود واستعادة التجانس الذي كان في مجتمعاتها، ولكن إذا صمد الشباب فقد يتحول المستقبل إلى صورة كوزموبوليتانية، من جديد.

اقرأ/ي أيضًا:

 هل فازت مارين لوبان بالانتخابات الأمريكية؟