19-ديسمبر-2017

تتناقض الإستراتيجية الجديدة للأمن القومي الأمريكي مع تحركات ترامب وتصريحاته (مارك ويلسن/ Getty)

نشر موقع "The Hill" تقريرًا يستعرض إستراتيجية الأمن القومي الجديدة التي كشف عنها ترامب مُؤخرًا، مُعلنًا أن هدفها تحقيق شعار حملته "أمريكا أوّلًا". وألقى التقرير الضوء على ما تحمله الخطة من تناقضات مع تحركات ترامب وتصريحاته الخاصة، وكشفها للانقسامات داخل الإدارة الأمريكية فيما يخص تحديدًا سياساتها الخارجية. في السطور التالية ترجمة بتصرف للتقرير.


كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عن استراتيجية الأمن القومي، والتي تهدف إلى تحقيق شعار حملته "أمريكا أولًا"، لتصحيح ما وصفه بـ"أخطاء الرؤساء السابقين التي دمّرت مكانة الولايات المتحدة في العالم".

أعلن ترامب عن خطة جديدة لتحقيق شعار حملته "أمريكا أولًا" تحمل بعض التناقضات مع سياساته وتصريحاته الخاصة

الوثيقة التي تتضمن الخطة، جاءت في 55 صفحة، صيغت على مدار نحو عام، يقول ترامب إنها تهدف إلى "منافسة القوى الرجعية التي تريد إعادة ربط العالم بمصالحها بينما تُضعف أمن وازدهار الولايات المتحدة"، على حد قوله.

اقرأ/ي أيضًا: بعد شهادة جيمس كومي أمام الكونغرس.. أي مصير ينتظر ترامب؟

وفي كلمة ألقاها بخصوص إستراتيجية الأمن القومي الجديدة ولتوضيح معالمها، قال ترامب: "شئنا أم أبينا، نحن نعيش حقبة جديدة من المنافسة". وعن روسيا والصين، قال ترامب: سنحاول بناء شراكة كبيرة مع تلك الدول وغيرها، طالما أنها تحمي مصالحنا الوطنية"، رغم أنّ اللهجة المستخدمة في الإشارة لكلا الدولتين، كانت حادة. لكن ترامب تجنّب في كلمته الاستعانة بهذه اللهجة، الأمر الذي أثار تساؤلات حول جدية تطبيق الخطة، وفاعليتها من الأساس.

وكان ترامب في كلمته قد أشاد بمكالمة هاتفية له مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قال ترامب إنه شكر فيها الإدارة الأمريكية على نصائح بشأن مكافحة الإرهاب. وأضاف ترامب: هذا التعاون هو الطريقة التي من المفترض أن يتم العمل بها".

من جهة أخرى، أخذ ترامب يُكرر استخدام مصطلح "الإرهاب الإسلامي المتطرف" في سياق تأكيده على تعداته بشأن مكافحة الإرهاب، رغم أنّ المصطلح نفسه لم يرد في وثيقة الخطة الاستراتيجية، ولا تستخدمه في العادة المؤسسات الحاكمة الأمريكية.

أشار كذلك ترامب إلى تنفيذه بعضًا من وعوده. المثير للاهتمام أنّ ما أورده يتعلق بما يصفه البعض خطوات نحو العزلة الأمريكية، مثل الانسحاب من اتفاق الشراكة التجارية عبر المحيط الهادئ، وهو الاتفاق الذي وصفه ترامب بـ"القتل الوظيفي"، وكذلك الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ والتي وصفها بـ"المكلفة وغير العادلة".

وفي هذا السياق يُشار أيضًا إلى انسحاب الولايات المتحدة على يد ترامب من منظمة اليونسكو، وكذا انسحابها من الاتفاق العالمي للهجرة.

يتفاخر ترامب بما تعتبر سياسات انعزالية، أي انسحابه من اتفاقيات دولية وإقليمية كالشراكة عبر المحيط الهادئ واتفاق باريس للمناخ

هذا ويكلف الكونغرس الأمريكي كل رئيس بإصدار استراتيجية للأمن القومي الأمريكي تهدف إلى توجيه عملية صنع القرار الإداري في الشؤون الخارجية. وتحدد الاستراتيجية الرسمية موضوعين واسعين لنهج إدارة ترامب، ما يسميه كبار المسؤولين "تركيزًا لم يسبق له مثيل على الأمن الداخلي والحدود"، وزيادة التركيز على القضايا الاقتصادية.

اقرأ/ي أيضًا: ترامب ينسحب من الاتفاق العالمي للهجرة: "لا يناسب سياساتنا"!

وأكّدت استراتيجية الأمن القومي الجديدة التي أعلن عنها ترامب، التزامها بالوعد الذي قطعه أثناء الحملة الانتخابية بإنشاء جدار حدودي عازل مع المكسيك. وخلافًا لما قامت به الإدارات الأمريكية السابقة، لم تتضمن خطة ترامب هدف نشر الديمقراطية في الخارج، كما أنها لم تعتبر أن تغيّر المناخ يمثل تهديدًا للأمن القومي، كما فعلت إدارة أوباما مثلًا.

تعرف إدارة ترامب انقسامات خاصة فيما يتعلق بالسياسات الخارجية (مارك ويلسن/ Getty)
تعرف إدارة ترامب انقسامات خاصة فيما يتعلق بالسياسات الخارجية (مارك ويلسن/ Getty)

وفي حين أن الهدف من الخطة الاستراتيجية للأمن القومي هو وضع نهج موحد لمعالجة المشاكل، إلا أنّها في الحقيقة عكست الانقسام الحاصل داخل الإدارة الأمريكية فيما يخص روسيا، والاتهامات بتدخلها في انتخابات الرئاسة الماضية.

تعكس الخطة الاستراتيجية الجديدة، الانقسامات داخل الإدارة الأمريكية في التعامل مع عدة قضايا على رأسها العلاقات مع روسيا والصين

ففي مقابل تصريحات ترامب عن التعاون مع روسيا، تضمنت وثيقة إستراتيجية الأمن القومي بندًا عما أسمته "التكتيكات التخريبية"، في إشارة للطرق التي تستخدمها موسكو لـ"التدخل في الشؤون السياسية الداخلية في دول العالم، بما في ذلك استخدام أدوات تكنولوجيا المعلومات لتقويض شرعية الديمقراطيات حول العالم".

ومع ذلك، لم توضح إستراتيجية الأمن القومي الجديدة بالتفصيل كيف يتعين على الولايات المتحدة مواجهة روسيا بسبب تدخلها في الإجراءات الانتخابية، بالرغم أنها تنص على طرق محددة للتعامل مع الممارسات التجارية الصينية والسرقة المزعومة للملكية الفكرية.

وفي معرض إطلاعهم بعض الصحفيين على وثيقة إستراتيجية الأمن القومي يوم الأحد، حدد كبار المسؤولين الأمريكيين ما اعتبروها "خطايا روسيا الرئيسية"، مثل ضم شبه جزيرة القرم في عام 2014، لكنهم لم يتعرضوا بالذكر للانتخابات الأمريكية! كما أن ترامب في خطابه لم يُشر إلى اعتقاد وكالات المخابرات بأن موسكو حاولت التدخل في الانتخابات الرئاسية لعام 2016، وهو التخمين الذي رفض قبوله مرارًا وتكرارًا على أنه حقيقة.

في المقابل، أشار ترامب إلى ما أسماها المرونة في التعامل مع "الخصوم" يقصد روسيا والصين، مُعبّرًا عن حجم التفاهمات بينه وبين الرئيس الصيني، وعن ثقته في بوتين.

 

اقرأ/ي أيضًا:

أمريكا ترامب.. دفاعٌ عن الأقليات في العالم وانتهاكات ضدهم في الداخل!

مترجم: "أمريكا ترامب تذكّر بألمانيا هتلر قبل الحرب العالمية الثانية"