11-سبتمبر-2017

تعزز أدلة جديدة الاتهامات الموجهة للسعودية بالتورط في هجمات 11 أيلول/سبتمبر (Getty)

أعدت صحيفة نيويورك بوست، إحدى أقدم الصحف الأمريكية، تقريرًا يكشف عن مزيدٍ من الأدلة التي تقدمت بها هيئة محامي ذوي ضحايا هجمات 11 أيلول/سبتمبر، والتي تكشف عن تورط السعودية ليس فقط في الهجمات التي تحل ذكراها اليوم، وإنما أيضًا في دعم وتمويل أنشطة تدريبية سابقة على الهجمات، وبصورة مباشرة عبر سفارتها في واشنطن. المزيد من التفاصيل عن هذه الأدلة، في السطور التالية التي ترجمناها لكم بتصرف.


كشفت بعض الأدلة الجديدة المقدمة في إحدى القضايا الرئيسية المتعلقة بهجمات 11 أيلول/سبتمبر، والمقامة ضد الحكومة السعودية وسفارتها في واشنطن؛ أنها قد مولت "عملية تدريب واستكشاف" قام بها موظفان سعوديان، سبقت حادثة اختطاف الطائرات التي هاجمت سواء برجي التجارة العالمية، أو البنتاغون، ما أدى إلى تعزيز الاتهامات الموجهة لموظفي ووكلاء المملكة. وتشمل تلك الاتهامات التخطيط وتقديم المساعدات للمختطفين والمتآمرين في هجمات 11 أيلول/ سبتمبر.

تعزز أدلة جديدة كُشف عنها مُؤخرًا، من الاتهامات بتورط السعودية في تمويل هجمات 11 أيلول/سبتمبر

وقبل عامين من تلك الهجمات، دفعت السفارة السعودية تذاكر سفر لاثنين من السعودية يعيشان في الولايات المتحدة تحت غطاء الدراسة، وذلك للسفر من مدينة فينيكس عاصمة ولاية أريزونا، إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، فيما يقال إنها كانت جولة تدريبية لهجمات 11 أيلول/سبتمبر، طبقًا للشكوى المقدمة من عوائل حوالي 1400 ضحية لقوا مصرعهم في الهجمات الإرهابية، قبل 16 عامًا.

اقرأ/ي أيضًا: هل ستحاسب أمريكا السعودية على 11 سبتمبر؟

وقال محامو المدعين، إن الملف الذي قُدم للمحكمة يضم تفاصيل جديدة "ترسم نمطًا واضحًا من الدعم المالي والتخطيط" لهجمات 11 أيلول/سبتمبر، مقدمٍ من مصادر رسمية سعودية، مُضيفين، أنه "في الواقع قد تكون الحكومة السعودية قد شاركت في التخطيط لتلك الهجمات منذ البداية، بما في ذلك اختبار أمن قمرة القيادة".

وأشار شون كارتر، رئيس هيئة المحامين الموكلين من قبل المدعين بخصوص هجمات 11 أيلول/سبتمبر، إلى العلاقات التي تربط بين تنظيم القاعدة و"المرجعيات الدينية للحكومة السعودية"، قائلًا: "لقد أكدنا منذ زمن طويل على وجود هذه العلاقات الوثيقة"، مُعتبرًا أنّ ما كُشف عنه مُؤخرًا، بمثابة "دليل آخر على ذلك". 

وكان المحامون الذين يمثلون السعودية، قد رفعوا الشهر الماضي التماسًا لرفض الدعوى التي قد توجه في النهاية إلى المحكمة، بعد أن أزال الكونغرس عقبات الحصانة الدبلوماسية التي كانت تعيق طريقها. وطلب أحد القضاة الفيدراليين في منهاتن من المدعين في أحداث 11 أيلول/سبتمبر، والممثلين بواسطة مكتب المحاماة كوزين أوكونور؛ الرد على هذا الطلب الرسمي بحلول تشرين الثاني/نوفمبر القادم.

ونقلًا عن وثائق مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي، فإن الطالبين السعوديين، وهما محمد القضايين وحمدان الشلاوي، كانا في الواقع أعضاء في "شبكة عملاء المملكة في الولايات المتحدة الأميركية"، وأنهما قد شاركا في تلك "المؤامرة الإرهابية".

وتدرب الشابان السعوديان في معسكرات القاعدة بأفغانستان، في نفس الوقت الذي تواجد فيه الخاطفون هناك. وبينما كانا يعيشان في ولاية أريزونا، كانا على اتصال منتظم مع أحد الطيارين السعوديين الخاطفين، والذي يُعتبر قائدًا كبيرًا في تنظيم القاعدة، وهو الآن في سجن غوانتانامو. وقد حاول واحد على الأقل منهما العودة إلى الولايات المتحدة قبل شهرٍ واحد من الهجمات، ربما كخاطف محتمل، ولكن لم يتم السماح له بالدخول إذ إن اسمه قد ظهر على قوائم الإرهاب.

بمرور الوقت تُؤكد الشواهد والأدلة على وجود علاقة وثيقة ربطت بين تنظيم القاعدة ومسؤولين سعوديين، خاصة المرجعيات الدينية في المملكة

وقد عمل كل من محمد القضايين وحمدان الشلاوي على استقبال الأموال من الحكومة السعودية، وكان محمد القضايين يعمل لدى وزارة الشؤون الإسلامية، في حين كان حمدان الشلاوي موظفًا لفترة طويلة في الحكومة السعودية، وكلا الشخصين كانا على اتصال دائم بالمسؤولين السعوديين أثناء إقامتهما في الولايات المتحدة.

اقرأ/ي أيضًا: السعودية عملاق تمويل الإرهاب في بريطانيا.. الفضيحة مستمرة

وخلال إحدى الرحلات الجوية لشركة خطوط غرب أمريكا إلى واشنطن، في تشرين الثاني/نوفمبر عام 1999، حاول كلٌ من محمد القضايين وحمدان الشلاوي، الوصول إلى قُمرة القيادة في الطائرة عدة مرات، في محاولة منهم لاختبار أمن قمرة القيادة قبل إجراء عملية الاختطاف.

ووفقًا لملخص ملفات قضية "إف بي آي"، فقد عمد الشابان خلال الرحلة المذكورة، إلى توجيه العديد من الأسئلة الفنية حول الرحلة للمضيفات، ما دفع الأخيرات للاشتباه فيهما. 

ما حدث أنه أثناء تحليق الطائرة في الجو، سأل القضايين عن مكان الحمام، فأشار أحد المضيفين إلى الحمام الموجود في ذيل الطائرة، لكن مع ذلك ذهب إلى الحمام الموجود في مقدمة الطائرة، ومن هناك حاول مرتين مختلفتين الدخول لقمرة القيادة.

هذا السلوك الغريب للراكبين السعوديين، أصاب طاقم الطائرة بالفزع، لدرجة أن قائد الطائرة طلب الهبوط الاضطراري في ولاية أوهايو، وبعد الهبوط اعتقلت الشرطة الشابين ووضعتهما رهن الاحتجاز. وبعد التحقيق معهما، تقرر إخلاء سبيلهما وعدم ملاحقتهما قضائيًا.

ولكن بعد أن اكتشف مكتب التحقيقات الفدرالي، أن أحد المشتبه بهم في أحد تحقيقات مكتب مكافحة الإرهاب بفينيكس، كان يقود سيارة الشلاوي؛ قرر "إف بي آي" فتح قضية متعلقة بمكافحة الإرهاب ضد الشلاوي، ثم تلقى في تشرين الثاني/نوفمبر لعام 2000، تقارير تُفيد بأن الشلاوي قد تدرب في معسكرات بأفغانستان بالإضافة إلى تلقيه تدريبًا على المتفجرات للقيام بهجمات ضد أهداف أمريكية. كما اشتبه المكتب في أن الشلاوي كان عميلًا للاستخبارات السعودية، استنادًا إلى اتصالاته المتكررة مع مسؤولين سعوديين.

وعلم المحققون أن المواطنين السعوديين، قد سافرا إلى واشنطن لحضور ندوة استضافتها السفارة السعودية بالتعاون مع معهد العلوم الإسلامية والعربية في أمريكا برئاسة السفير السعودي آنذاك. والجدير بالذكر أن معهد العلوم الإسلامية والعربية في أمريكا، كان قد قام بتعيين رجل الدين الراحل المنتمي لتنظيم القاعدة، أنور العولقي، كمحاضر، وذلك قبل صدور قرار بإغلاق المعهد بسبب الاشتباه في علاقاته الإرهابية. هذا وقد ساعد أنور العولقي بعض الخاطفين في الحصول على مساكن وبطاقات هُوية.

مولت السفارة السعودية في واشنطن، رحلة طيران تدريبية واستكشافية تجهيزًا لهجمات 11 أيلول/سبتمبر

كما أكّد مكتب التحقيقات الفدرالي، أن السفارة السعودية في واشنطن، هي التي دفعت تذاكر طيران القضايين والشلاوي في الرحلة التي قاما بها قبل أحداث 11 أيلول/سبتمبر، وهي نفسها الرحلة التي يقول المدعون إنها كانت نوعًا من التدريب قبل الهجمات.

اقرأ/ي أيضًا: السعودية والإرهاب.. جرائم بشهود وجلاجل

وعن الأدلة الجديدة ودور السعودية في الهجمات، تحدثت كريستين بريتويزر، وهي مدعية توفي زوجها في هجمات 11 أيلول/سبتمبر، قائلة إن "تلك الرحلة الاستكشافية (التي قام بها القضايين والشلاوي) تكشف عن بصمات أصابع الحكومة السعودية في تلك الهجمات"، مُضيفةً: "هذان الشخصان كانا من موظفي الحكومة السعودية طيلة سنوات عديدة، وكانا يحصلان على الأموال من الحكومة السعودية"، مُشيرة إلى أن الرحلة أصلًا كانت مدفوعة الأجر من قبل السفارة السعودية.

وطبقًا لما جاء بعريضة شكاوى المدعين بعد حادثة 19 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1999، وهي الحادثة التي وقعت قبل أقل من شهرين من دخول أول الخاطفين إلى الولايات المتحدة، فإن كون الشابين السعوديين، القضايين والشلاوي، شغلا مناصب حكومية سعودية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، التي تُعد الأب الروحي لمعهد العلوم الإسلامية والعربية في أمريكا، فإنّ ذلك يُعد مؤشرًا إضافيًا على علاقاتهما الطويلة مع الحكومة السعودية.

قدمت هيئة محامي المدعين حوالي 5 آلاف صفحة من الأدلة على تورط السعودية في تمويل ودعم هجمات 11 أيلول/سبتمبر والتدريبات التي سبقتها

وفي مقابلة له، صرح شون كارتر رئيس هيئة محامي المدعين، أنّ الاتهامات الموجهة للسفارة السعودية في واشنطن، برعاية التدريب الذي جرى قبل أحداث 11 أيلول/سبتمبر، ومعها الاتهامات الأخرى الموجهة للحكومة السعودية بالتورط في الهجمات؛ تنطلق مما يقرب من خمسة آلاف صفحة من الأدلة التي قدمت بالفعل ودُمجت في عريضة الدعوى.

اقرأ/ي أيضًا: السعودية عرابة الإرهاب.. تقرير "هنري جاكسون" يُذكّر بما يعرفه الجميع

وقد شملت تلك الأدلة، وفقًا لكارتر، جميع تقارير "إف بي آي"، التي تمكن المحامون من الوصول إليها، رغم أنّ مئات الآلاف من صفحات الوثائق الحكومية المتعلقة بالتمويل السعودي للإرهاب، لا تزال سرية كما يقول كارتر.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

غزوة مانهاتن.. الجهاد في زمن العولمة

بجاحة "الاعتدال" السعودي المزعوم