24-مايو-2022
ماسك

"Getty"

تطلق صحيفة ذا نيويورك تايمز بالتعاون مع منصة FX الموسم الثاني من سلسلة وثائقية حول الملياردير إيلون ماسك، مالك شرك تيسلا للسيارات والتطوير التكنولوجي. الوثائقي المعنون Elon Musk's Crash Course بدأ عرضه بتاريخ 20 آيار /مايو من هذا الشهر، ومن إنتاج وإخراج إيما شوارتز، حيث تعرض خلاله عمل مراسلي صحيفة ذا نيويورك تايمز كايد ميتز ونيل بوديت.

تكنولوجيا محفوفة بالمخاطر!

يركز الوثائقي على شخصية ماسك وتصريحاته المثيرة للجدل، لا سيما تلك المتعلقة بتكنولوجيا القيادة الذاتية الذكية لسيارات تيسلا Tesla Autopilot، والتي من المفترض بحسب ماسك أن تكون قادرة على إنقاذ أرواح البشر الناتجة عن أخطاء في القيادة. وكان ماسك قد تحدث علنًا عن مستقبل هذه التكنولوجيا حيث أنه في حال غفا السائق أثناء القيادة فإن السيارة تستمر في القيادة الآلية لتصل إلى وجهتها، بحسب ما نشر موقع TechNadu المتخصص بالتكنولوجيا.

يشير الوثائقي إلى الاستراتيجية التي يستخدمها العديد منرؤساء الشركات التجارية الكبرى، في التحدث عن إمكانيات منتجات شركاتهم، قبل أن تتحقق تلك الإنجازات بالكامل.

ومع ذلك، فإن عدد من الأشخاص لقوا حتفهم في حوادث أثناء قيادتهم سيارات تيسلا وتشغيلهم لنظام القيادة الذاتية. من هؤلاء يذكر الوثائقي جوش براون ووالتر هوانغ وجيريمي بانر. ومن هنا تصاعدت الأصوات الناقدة ولاح في الأفق سؤال حاسم في أعقاب هذه الحوادث القاتلة وغيرها من الحوادث: "من الملام؟ هل كان السبب خطأ بشريًا أم التكنولوجيا هي المسؤولة!". يعرض الفيلم الوثائقي، آراءً لموظفي تيسلا السابقين، حيث يشير كثيرون منهم إلى حالة عدم الانسجام والتناسب بين الرؤية التي يتبناها الرئيس التنفيذي للشركة، وبين الواقع التكنولوجي الحقيقي لهذه التكنولوجية الذكية وقدراتها "المحفوفة بالمخاطر"، بحسب ما أوردت صحيفة THE SUN البريطانية.

وكذلك يعرض الوثائقي آراءً لبعض المشرعين والمسؤولين الحكوميين، الذين تولوا التحقيق في هذه الحوادث وفي صحة ادعاءات إيلون ماسك، حول فعالية تكنولوجيا القيادة الذاتية المطروحة. كما يشير الوثائقي إلى الجهود التي بذلها ماسك بغية تجميد التحقيق في الحوادث. يعرض الوثائقي تصريحات ماسك المتناقضة والمستفزة والمحفزة لمتابعيه على السواء، بغض النظر عما إذا كان ما يقوله ممكنًا بالفعل. وقد أثارت أفكاره اللغط حول واقعية وإمكانية ما توفره تكنولوجيته خصوصًا تلك المتعلقة بتكنولوجيا القيادة الذاتية في سيارات تيسلا.

يطرح الوثائقي مجموعة واسعة من الإشكاليات، بالإضافة إلى عرض مقابلات مع موظفين سابقين ورؤساء شركات وصحفيين في صحيفة ذا نيويورك تايمز. وكما يعرض الوثائقي مقابلة مع أصدقاء الضحايا الذين لقوا حتفهم في حوادث السيارات عام 2016. ويشار إلى أن ماسك رفض الظهور في الوثائقي، لكن تصريحاته المختلفة وتغريداته متضمنة في الوثائقي.

تصريحاتٌ مبالغٌ بها!

كبير مهندسي المنتجات السابق في تيسلا، جي تي ستوكس، صرح بالقول "كان إيلون ماسك يقول أشياء رائعة حقًا، أشياء تبدو من الخيال العلمي، مما يجعل المستمع يظن فعلًا أنه قادر على القيام بها"، مشيرًا إلى تحول تصريحات ماسك العامة وذات الطموح الكبير، إلى أهداف تدفع الموظفين للعمل الجاد بغية تحقيقها. وتابع ستوكس بالقول "كان الناس يثقون في نظام القيادة الذاتي للقيام بأمور لم يتم تصميمها لذلك ولم يكن النظام يمتلك هذه القدرة للقيام بها"، وأشار إلى أن "حادث جوش براون كان مأساويًا بشكل واضح، وكان حادثًا متوقعًا".

وأما الصحفي في نيويورك تايمز، كايد ميتز، المشارك في التحقيقات المذكورة في الوثائقي، أشار بالقول "تتسم تصريحات ماسك بعدم الثبوت وتأرجحها باستمرار"، وأضاف "يمكنه أن يغير رأيه في أي لحظة. يمكنه أن يقول شيئًا واحدًا في لحظة واحدة، ثم يقول شيئًا مختلفًا تمامًا".

تسويق تقنية غير فعالة!

في أحد المقاطع المصورة، يظهر ماسك وهو يصف تطوير تقنية القيادة الذاتية للسيارات بأنه "مشكلة محلولة". وفي حالات أخرى، يتنبأ بمستقبل قريب حيث يمكن للسيارات أن تركن في المواقف ذاتيًا، وكذلك القيادة الذاتية لسيارات تيسلا دون مساعدة السائق ولمسافات طويلة.

وفي هذا السياق، يشير النقاد إلى أن مثل هذه التصريحات المتفائلة قد أربكت المستهلكين، مما دفعهم للاعتقاد بأن سيارات تيسلا يمكن الوثوق بها لقيادة نفسها ذاتيًا. وكما يشير الوثائقي إلى أن الشركة استخدمت الضجيج حول نظام القيادة الذاتي كنقطة تسويق لإقناع المستهلكين وزيادة مبيعاتها، وذلك بحسب ما أورد موقع npr.

لكن إدارة الشركة تشير إلى أنه يجب على السائقين إبقاء أيديهم على عجلة القيادة أثناء تشغيل نظام القيادة الذاتي وذلك لضمان السلامة في حالة فشل النظام التكنولوجي في التعرف على مخاطر الطريق. وتعقيبًا على ذلك، مذيع قناة CNN يسأل في نشرة الإخبار: "إذا كان لا يزال يتعين على السائقين الإمساك بعجلة القيادة أثناء تشغيل نظام القيادة الذاتي، فما الهدف من هذا النظام؟".

في سياق متصل، توضح الأعطال التي تنطوي على وظيفة نظام القيادة الذاتي في تيسلا المخاطر الكبيرة التي ينطوي عليها الأمر، فقد لقي رجل حتفه ويدعى جوش براون عندما لم تتعرف سيارته على مقطورة كبيرة وهي تعبر أمام سيارته. وقد تحدث العديد من الموظفين السابقين في الشركة عن نقاط ضعف ومشكلات كبيرة في نظام القيادة الذاتي. أحد الموظفين السابقين أشار بالقول "الكاميرات التي تستخدمها السيارات لرصد حركة المرور والطرق بها بقعة عمياء أو فجوة حيث قد يتعذر رؤية كلب صغير أو طفل صغير بواسطتها".

أسلوب مزيف!

يشير الوثائقي إلى الاستراتيجية التي يستخدمها العديد من قادة ورؤساء الشركات التجارية الكبرى، وأصحاب الاستثمارات المليونية، في التحدث عن إمكانيات منتجات شركاتهم، قبل أن تتحقق تلك الإنجازات بالكامل. يخضع هذا الأسلوب لشعار "قم بتزييفه حتى تصنيعه" مما يسمح للشركات بتسخير الحماس ورأس المال للدفع نحو أهداف قد يبدو من المستحيل الوصول إليها بطريقة أخرى. مهندس البرمجيات السابق في شركة تيسلا، رافين جيانغ "في بعض الأحيان يبدو أن الناس والشركات يكافؤون، ليس لقول الحقيقة، ولكن في الواقع، لفعلهم وقولهم ما هو عكس الحقيقة".

وعندما أصدرت الإدارة الوطنية لسلامة المرور على الطرق السريعة تقريرها أخيرًا عن الحادث الذي أودى بحياة جوش براون، خلصت إلى أن نظام القيادة الذاتي لم يكن مخطئًا، لأنه كان نظامًا متقدمًا لمساعدة السائق ويتطلب من السائق الانتباه أثناء التشغيل. تضمن التقرير أيضًا ملاحظة مفادها أن سيارات الشركة المزودة بتقنية التوجيه التلقائي تحطمت بنسبة 40%، أقل من تلك التي لا تمتلك التقنيّة، مما سمح لشركة تيسلا بتدوير التقرير باعتباره نتيجة إيجابية! لذا، يطلب منا جميعًا التفكير في الضرر المحتمل من نظام يتسامح، بل ويكافئ مثل هذه المخاطر، والتي تصب في خدمة أباطرة الأعمال الأقوياء والأثرياء الذين يسعون وراء الأرباح والمجد، بحسب ما يشير الصحفي إريك ديغانز في تقريره.