17-مايو-2022
ترجح تقارير فشل باشغا في السيطرة على العاصمة الليبية (Getty)

ترجح تقارير فشل باشاغا في السيطرة على العاصمة طرابلس (Getty)

في تطور غير متوقّع، أعلن وزير الداخلية السابق رئيس الحكومة المكلف من مجلس النواب الليبي، فتحي باشاغا، فجر اليوم الثلاثاء دخوله العاصمة طرابلس، وعلى إثر ذلك الإعلان اندلعت اشتباكات في عدة أحياء ومناطق من العاصمة. لكن محاولته للسيطرة على المدينة باءت كما تقول تقارير بالفشل، بعد أن انسحب من العاصمة من "أجل حقن الدماء" على حد تعبيره.

وفي كلمة متلفزة ألقاها باشاغا عقب خطوته المثيرة للجدل، قال إن دخوله للعاصمة طرابلس "لاقى ترحيبًا حارًا عند دخوله المدينة"، في إشارة إلى ما تداولته بعض وسائل الإعلام الليبية من بيانات لعمداء بلديات العاصمة وعددٍ من ممثّليها في مجلس النواب يبدون فيها ترحيبهم بباشاغا في طرابلس، إلا أن الوقائع على الأرض أشارت إلى غير ذلك. في نفس السياق، وجه وزير الداخلية بحكومة باشاغا، عصام أبو زريبة، فجر اليوم، كلمة للشعب الليبي، قال فيها إن الحكومة "تعمل من أجل حماية أرواح وممتلكات المواطنين، وأنها ستعمل بالسلم وقوة القانون"، حسب قوله. ووجّه وزير داخلية باشاغا دعوة لكافة منتسبي الوزارة للقيام "بواجباتهم الأمنية المنوطة بهم تجاه الوطن والمواطن، والمحافظة على ممتلكات ومقدرات الشعب الليبي"، مؤكدًا أن الحكومة "بصدد استلام كافة الوزارات والمؤسسات داخل العاصمة"، وهي الخطة التي اتضح فشلها لاحقًا.

كواليس الخطوة 

في هذا السياق، كشفت مصادر ليبية خاصة لصحيفة العربي الجديد، كواليس دخول باشاغا لطرابلس، موضحة أنه "يواجه نقدًا محليًا كبيرًا حيال خطوة إقدامه على دخول العاصمة"، إضافة إلى خلافات كبيرة وغياب لأي تنسيق بينه وبين داعميه ميزت الخطوة "المتعجلة وغير المعد لها"، بمن فيهم نواب مقربون من رئاسة المجلس، منهم عقيلة صالح. وبرر باشغا انسحابه من العاصمة إلى وجهة مجهولة، بأنه جاء "حرصًا على أمن وسلامة المواطنين وحقنًا للدماء وإيفاءً بتعهدات الحكومة التي قطعتها أمام الشعب الليبي بخصوص سلمية مباشرة عملها من العاصمة وفقا للقانون".

وفي تفاصيل ما جرى، كشفت مصادر العربي الجديد أن وعودًا بالحماية تلقاها باشاغا قبل فترة من قبل قادة عسكريين في المدينة، دفعته إلى التوجه نحو الاستحواذ على العاصمة، حيث كان الاتفاق بأن "ينظم عدد من التشكيلات المسلحة متوسطة التسليح والموزعة في أكثر من مكان في طرابلس لعملية السيطرة السريعة على مقار الحكومة، لكن جهاز دعم الاستقرار فاجأ الجميع بحجم القوة التي قام بنشرها، وسريعًا ما طوق مقر كتيبة النواصي.. وكل ذلك حدا بالكتائب الأخرى لتراجعها عن وعودها لباشاغا".

وكان ممثلون عن مجموعات عسكرية قد التقوا خلال اجتماعات غير رسمية بغياب أي ممثلين عن حكومة الوحدة الوطنية، واتفقوا على توحيد المؤسسة العسكرية ووضع خطط لذلك في خطوة أحادية.

وحكومة الدبيبة الموجودة في طرابلس، والتي يُنظر لها على نطاق واسع بأنها الحكومة الشرعية التي نتجت عن اتفاقية جنيف قبل فترة، من أجل التنسيق للانتخابات وتحقيق انتقال ديمقراطي، وتشكّلت مطلع العام 2020 بناء على عملية سياسية رعتها الأمم المتحدة، ترفض تسليم السلطة لحكومة باشاغا المكلفة من مجلس النواب إلا بعد الذهاب للاستحقاقات الانتخابية وإكمال المرحلة الانتقالية.

وكانت أصوات اشتباكات قد سُمعت في العاصمة الليبية على إثر إعلان باشاغا دخوله طرابلس، حيث اندلعت وفقًا لما نقله مراسل وكالة الأنباء الفرنسية، مواجهات بين مجموعات مسلّحة في طرابلس بعد وقت قصير من دخول باشاغا إليها. وحسب ذات المصدر، فقد تواصل إطلاق النار الكثيف في العاصمة الليبية حوالي الساعة 07,00 بالتوقيت المحلي (05,00 ت غ)".

في ذات السياق، نقل موقع العربي الجديد عن  مصدر أمني تابع لمديرية أمن العاصمة طرابلس "أن مجموعة مسلحة موالية لحكومة الوحدة الوطنية، تعرف باسم قوة "جهاز دعم الاستقرار"، تحاول التقدم باتجاه مقار مجموعة مسلحة أخرى، تعرف باسم "كتيبة النواصي"، بعد أن أعلنت الأخيرة ترحيبها بدخول باشاغا للعاصمة. وأكد المصدر الأمني، أن اشتباكات متقطعة تدور في منطقتي طريق الشط وسوق الثلاثاء، بطرابلس، بالقرب من مقار "كتيبة النواصي".

وفي أول تعليق على هذه المناشوات، أدان رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، الاشتباكات في أجزاء من العاصمة طرابلس، داعيًا في بيان مقتضب، إلى إيقافها "فورا"، فيما أكد أن "الحل الوحيد للانسداد السياسي هو مسار دستوري واضح تجرى على أساسه الانتخابات".

أكدت وزارة الداخلية الليبية أن "هذه العملية الصبيانية المدعومة بأجندة حزبية قد تسببت في أضرار بشرية ومادية"

وكانت وزارة الدفاع في حكومة الوحدة الوطنية أعلنت في تعليقها على الحدث، أن "مجموعة مسلحة خارجة عن القانون" تسللت إلى العاصمة محاولة إثارة الفوضى، مشيرة إلى أن "الأجهزة العسكرية والأمنية تعاملت بإجراءات حازمة ومهنية بمنع هذه الفوضى وإعادة الاستقرار للعاصمة مما أدى إلى فرارها من حيث أتت". وأكدت أن "هذه العملية الصبيانية المدعومة بأجندة حزبية قد تسببت في أضرار بشرية ومادية ما زالت أجهزة الدولة تعمل على حصرها ومعالجتها".