19-مارس-2022
من المحاضرة (Getty)

من المحاضرة (المركز العربي للأبحاث)

انطلقت يوم السبت، 19 آذار/ مارس 2022 أعمال اليوم الأول من ندوة "الاستعمار الاستيطاني والأصلانية والصراع الفلسطيني ضد الصهيونية"، التي ينظّمها كلّ من دورية عمران للعلوم الاجتماعية الصادرة عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومعهد الدوحة للدراسات العليا، وكلية العلوم الاجتماعية والإنسانية بالمعهد. وتُعقد أعمال الندوة حضوريًا في الدوحة وتُبثّ جلساتها عبر حسابات المركز العربي على شبكات التواصل الاجتماعي (فيسبوك، وتويتر، ويوتيوب).

انطلقت يوم السبت، 19 آذار/ مارس 2022 أعمال اليوم الأول من ندوة "الاستعمار الاستيطاني والأصلانية والصراع الفلسطيني ضد الصهيونية"

في الكلمة الترحيبية، أشارت أمل غزال، أستاذة التاريخ وعميدة كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية بمعهد الدوحة للدراسات العليا، إلى أن هذه الندوة تُعدُّ استكمالًا لسلسلة "حوارات العصر: سجالات في الخطوط الأمامية للمعرفة الإنسانية" التي أطلقتها الكلية في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، وهي ملتقيات سنوية تُهئ منبرًا لحوار أكاديمي في واحدة من قضايا العصر التي تشغل الرأي العام والمجتمع الأكاديمي، تستضيف لإطلاق الحوار في كل عام شخصية ذات مساهمة متميزة في مجالات العلوم الاجتماعية والإنسانية، إلى جانب باحثين وأكاديميين متخصصين في القضية محلّ النقاش. وأشار مولدي الأحمر، رئيس تحرير دورية "عمران" للعلوم الاجتماعية، في كلمته الترحيبية إلى أن هذه الندوة تعدّ في جانبٍ منها تتويجًا لملف خاص أصدرته الدورية في العددين الثامن والثلاثين (خريف 2021) والتاسع والثلاثين (شتاء 2022) في موضوع الاستعمار الاستيطاني والصراع الفلسطيني ضد الصهيونية، وأضاف أنّ هذه الندوة تحاول الإجابة عن مجموعة من الأسئلة المتعلقة بالإطار النظري للاستعمار الاستيطاني وإشكاليات توظيفه، لفهم حالة إسرائيل والمشروع الصهيوني. وتُقارن الاستعمار الاستيطاني في فلسطين بتجارب استعمارية أخرى، من أجل استجلاء آفاق نظرية جديدة. وتتطرق الندوة أيضًا إلى مجموعة من الثيمات أهمها السوسيولوجيا التاريخية ومسألة تكوين الدولة الاستعمارية الاستيطانية، ودراسات الكولونيالية المقارنة وعلاقة القومية بالاستعمار، والمخيال الاستعماري – الاستيطاني وعلاقته بالعنصرية والعنف ورهاب الآخر، ومسائل الشرعية والسيادة وعلاقتها بالأصول الاستعمارية للقانون الدولي.

 

فلسطين/ إسرائيل من منظور ما بعد الفصل العنصري: الدولة - الأمة وحداثة ما بعد الاستعمار - محمود ممداني

فلسطين/ إسرائيل من منظور ما بعد الفصل العنصري: الدولة - الأمة وحداثة ما بعد الاستعمار - محمود ممداني المحاضرة الافتتاحية لندوة #دورية "عُمران" بعنوان "فلسطين/ إسرائيل من منظور ما بعد الفصل العنصري: الدولة - الأمة وحداثة ما بعد الاستعمار" من تقديم محمود ممداني، يدير الجلسة عبد الوهاب الأفندي.

Posted by ‎المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات‎ on Saturday, March 19, 2022

استُهلّت أعمال الندوة بمحاضرة افتتاحية، ترأسها رئيس معهد الدوحة للدراسات العليا بالوكالة عبد الوهاب الأفندي، ألقاها أستاذ كرسي هربرت ليمان للحكم في جامعة كولومبيا محمود ممداني بعنوان "فلسطين/ إسرائيل من منظور ما بعد الفصل العنصري: الدولة - الأمة وحداثة ما بعد الاستعمار"، ركّز فيها على العلاقة بين الدولة - الأمة، والحداثة ما بعد الاستعمارية، والعنف المتطرف. فأشار إلى أنّ السردية الليبرالية المعيارية تنأى بتاريخ القومية عن تاريخ الاستعمار، لتسِم القومية بالحُسن، وتسم الاستعمار بالقبح، مبينًا أنّ كليهما وُلد صنوًا للآخر في عام 1492 في أيبيريا، لا في عام 1648، تاريخ توقيع معاهدة وستفاليا. وبدلًا من الاحتفال بالقومية بوصفها مركزية في ممارسة حق تقرير المصير القومي، أوضح الباحث أنّ انهمار العنف المتطرف في نهاية حقبة الاستعمار هو نتيجة سياسية ضرورية لعملية صناعة الأمة، التي تميز الأغلبية السيادية من جميع الأقليات غير السيادية، عبر تأسيسها تمييزًا إبستيميًّا وقانونيًّا بين أولئك المتحضرين وغير المتحضرين. وقد جرى تصدير هذا التمييز من الولايات المتحدة الأميركية إلى جنوب أفريقيا وألمانيا النازية، وأخيرًا إلى إسرائيل، وأُعيد تكييفه كل مرة باختلاف المكان والزمان.

وقد تطرق الباحث في محاضرته إلى أربع قضايا: أولًا، انطلاقًا من النظر إلى الولايات المتحدة بوصفها لحظة تأسيسية في تاريخ الاستعمار الاستيطاني، قارنَ بين الغزو الاستعماري للهنود من جهة، والسيطرة العنصرية على الأفارقة من جهة أخرى، بُغية التمييز بين الغزو الاستعماري والسيطرة العنصرية بوصفهما طريقتين مختلفتين للإخضاع، لكل منهما نتيجة جذرية مميزة؛ ثانيًا، تساءل: ما الفرق بين المهاجر والمستوطن؟ ومن خلال تجربة جنوب أفريقيا، عالج قضيتين أخريين: الأولى، كيف يجب أن نفكر في الهوية السياسية؟ أهي تاريخية ومتغيرة أم طبيعية ودائمة؟ إن إضفاء الطابع التاريخي على الهوية يعني النظر إليها باعتبارها وُلدت من شكل معيّن من أشكال الدولة، ومن ثمّ فهي قابلة للتغيير. لكن النظر إلى الهوية باعتبارها طبيعية - أي إنها تعبير أزلي عن ذات ثقافية فطرية وعابرة التاريخ - يعني النظر إليها بوصفها مطلبًا دائمًا؛ رابعًا، عالج الباحث ما يُعدّ أبسط الأمور في عملية انتقال جنوب أفريقيا بعيدًا عن إرث الفصل العنصري: ضرورة الفصل بين الوطن والدولة، في حال أردنا البحث عن بديل من الدولة - الأمّة.

وأخيرًا، وبالإجابة عن سؤال: ما الذي يمكن نقله من التجربة الجنوب الأفريقية؟ أشار الباحث إلى أن حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS)، يُمكنها المساهمة في تحقيق عزلة إسرائيل على الصعيد الدولي، لكن هناك حاجة إلى القيام بالمزيد من أجل أن يزدهر البديل غير الصهيوني في إسرائيل نفسها. فالحاجة الآن، كما كانت الحال في جنوب أفريقيا، هي إلى ثورة معرفية تفتح الطريق أمام ثورة سياسية. ستأتي اللحظة الفارقة الفلسطينية عندما تقود الدينامية نفسها التي أدت إلى وحدة المضطهَدين إلى عزل المضطهِدين، ذلك عندما لا يكون المضطهَدون وحدهم من يسعون للتغيير السياسي، بل أيضًا كثير من المؤيدين الحاليين للنظام الصهيوني. يتطلّب الوصول إلى هذه المرحلة نوعًا جديدًا من الوعي السياسي داخل إسرائيل، وهو وعي يقوم على الاعتراف بأن مسألة ازدهار اليهود والحياة اليهودية لا يتطلّبان دولة صهيونية. أمّا فحوى الدرس الجنوب أفريقي، والعبرة التي يجب إيصالها إلى الإسرائيليين بأكبر قدر ممكن، فهي أن اليهود لا يحتاجون إلى دولة يهودية ليكون لهم مقام آمن في فلسطين/ إسرائيل. وأما الدرس الذي يجب أن تتعلّمه حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، فهو أنها في حاجة إلى البناء على المكاسب التي حققها التجمع الوطني الديمقراطي (بلد)، لا أن تعتبر أنها بديل منه. سيكون إنجاز ذلك بمنزلة توفير إطار سياسي لليهود الإسرائيليين المعادين للصهيونية، وحتى لغير الصهيونيين منهم.

أشار الباحث إلى أن حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS)، يُمكنها المساهمة في تحقيق عزلة إسرائيل على الصعيد الدولي

أعقب المحاضرة تعقيبات وتساؤلات تناولت جوانب عدة منها. وتتواصل أعمال الندوة، التي تتوزع على ثلاث محاضرات عامة وأربع جلسات، إلى غاية يوم الإثنين 21 آذار/ مارس 2022، وفق جدول الأعمال.