18-أغسطس-2016

البوركيني ممنوع في فرنسا(فتحي بلعيد/أ.ف.ب)

عشر حالات إيقاف جرت في فرنسا مؤخرًا، الشرطة مستنفرة ومنتشرة على الشواطئ، حالة الطوارئ امتدت لتشمل المرافق السياحية البحرية، وفرنسا تبدو أمام محطةٍ أمنية جديدة، إنها تتأهب لمحاربة البوركيني. تنشط الشرطة الفرنسية على الشواطئ حيث تلاحق النساء اللواتي يرتدين لباس البحر الشرعي، كما يسمى أيضًا، "البوركيني"، المخصص للمحجبات، والذي ارتدته لاعبة كرة الطائرة الشّاطئية المصرية، في أولمبياد ريو، دعاء الغباشي.

تنشط الشرطة الفرنسية على الشواطئ حيث تلاحق النساء اللواتي يرتدين لباس البحر الشرعي، كما يسمى أيضًا "البوركيني"

لم ترق للسلطات الفرنسية فكرة وجود لباس شرعي للسباحة، فبعد حظرها النقاب، تسعى لحظر البوركيني، مع أنّه لا يخالف أي بند من بنود الدستور الفرنسي أو يكسر أي مادة قانونية، بل يندرج في إطار حق الاختيار والحرية الفردية المكفولة، كما يفترض، بالدستور والقانون.

اقرأ/ي أيضًا: عشرون رسالة غير محجبة

تتعدى المسألة كونها اختلاف في الثقافات، مع أن اختلاف الثقافات يفترض تلقائيًا احترام التنوع، ليصل إلى تعميم ثقافة الكره والأحكام المسبقة، وبالتالي تعميم الشّعور بالاضطهاد عند شريحةٍ واسعة من القاطنين في فرنسا والدول التي تسعى للتحكم بلباس المسلمات وحركة المسلمين، إذا ما سلمنا جدلًا بحق فرنسا في منع البوركيني، يعني أننا نساهم في دعم اليمين المتطرف، وتحويل ادعاءاته إلى حقائق ثابتة عُرفيًا ومجتمعيًا. ففي مقابلة له مع صحيفة "لا بروفانس"، وصف رئيس الحكومة الفرنسية مانويل فالس "البوركيني" بـ"أداة استعباد المرأة واللباس المتعارض مع القيم الفرنسية القائمة على احترام الحريات والمبادئ العلمانية"، وأثنى رئيس الحكومة على قرار رؤساء البلديات الفرنسية، القاضي بإيقاف مرتديات البوركيني ومعاقبتهن ومنعه.

تصريح فالس يجسّد عقلية سائدة في أوروبا ما بعد الهجمات الداعشية، تتجلّى في أن المسلم إرهابي ومدان حتى تثبت براءته، استعباد المرأة يكون بحرمانها من حقها باختيار لباسها، "بوركيني" كان أم "بكيني"، وبفرض لباس معيّن عليها بحجة احترام الآخر، هل منعها من حرية الاختيار احترامٌ لها كإنسان؟

قرار البلديات الفرنسية بحجة ضبط الأمن وحفظ النظام والتقليل من الإشكالات شبيهٌ بمنع الفتاة من الخروج من المنزل، خوفًا عليها من التحرش

اقرأ/ي أيضًا: المغاربة.. محافظون في رمضان فقط؟

قرار البلديات بحجة ضبط الأمن وحفظ النظام والتقليل من الإشكالات شبيهٌ بمنع الفتاة من الخروج من المنزل، خوفًا عليها من التحرش، وإن تحرّش بها أحد، فلباسها أو مشيتها السّبب، بدل لوم المتحرش المكبوت المريض، الضّحية ذاتها، ضحية العقلية الذكورية تعاني من تمييز من نوع آخر في فرنسا كما مجتمعاتنا، بدل لوم الكاره ومحاسبته على افتعال إشكالات بسبب اللباس، منعت البلديات اللباس وأوقفت مرتدياته.

قد يفضّل البعض "البوركيني" وقد يكرهه آخرون، لكن هذا لا يعني منعه، فالمرأة بهكذا أفكار منتشرة، خسرت سيطرتها على جسدها وخياراتها في اللباس والشّكل، ويختلف التّحكم بشكل النّساء حسب الحاجة الدعائية أو التّسويقية، فمذيعةُ التلفاز محكومةٌ بمعيار محدّد، موظفة البنك أيضًا والمعلمة والرياضية، أي أن استعباد المرأة معمّم، ولو كان مقنّعًا بأقنعة مختلفة.

اقرأ/ي أيضًا:

عن أحجبة الاستهلاك وطبائع الاستملاك

الجامعة اللبنانية.. من صرحٍ تعليمي لمركز تعبوي