16-مايو-2022
تحمل زيارة ماكرون لأبوظبي أبعادًا عديدة (Getty)

تحمل زيارة ماكرون لأبوظبي أبعادًا عديدة (Getty)

توجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى أبوظبي الأحد لتقديم التعازي بوفاة الشيخ خليفة بن زايد رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الذي توفي يوم الجمعة عن عمر 73 عامًا.

توجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى أبوظبي الأحد لتقديم التعازي بوفاة الشيخ خليفة بن زايد رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة

وفور إعلان وفاة الشيخ خليفة بن زايد يوم الجمعة، أشادت فرنسا بـ "زعيم يحترمه الجميع، وتمسكه العميق بالاستقرار والسلام في المنطقة والعالم، وكتب ماكرون عبر حسابه على تويتر "‏في أبوظبي للإشادة بذكرى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان. كان يحظى باحترام الجميع بسبب قيم السلام والانفتاح والحوار التي كان يجسدها. دعمي الكامل لأخيه الذي تم انتخابه رئيسًا لدولة الإمارات العربية المتحدة وكذلك للشعب الإماراتي".

وقالت وزارة الخارجية في بيان لها إنها "تحيي التزامه العميق بالاستقرار والسلام في المنطقة والعالم"، مشيدة بجهوده لتوفير استجابات مستدامة للتحديات العالمية المستمرة"، وبـ"الشراكة الاستراتيجية الفرنسية الإماراتية". وأضافت الخارجية الفرنسية: "كان الشيخ خليفة مهندسًا قويًا لتعزيز الشراكة الاستراتيجية الفرنسية الإماراتية، وتحيي فرنسا التزامه المستمر بالبناء على علاقات الثقة والتعاون التي توحد فرنسا والإمارات العربية المتحدة".

زيارة ماكرون تقول الكثير عن الروابط والعلاقة الخاصة والإشكالية بين باريس وأبوظبي، فقد دفعت هذه الزيارة رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستكس إلى إلغاء زيارته والوفد المرافق له إلى الفاتيكان، حيث كان من المقرر أن يشارك في قداس ديني، لأنه من غير الممكن من الناحية البروتوكولية أن يتواجد الرئيس ورئيس الوزراء خارج البلاد في نفس الوقت.

ماكرون في أبوظبي

وهو ما أكدته الصحفية في القناة الفرنسية الأولى TF1 Info أليسون تايس في ردها على زميلتها في القناة ماري شانترين، التي نقلت خبر سفر ماكرون إلى الإمارات لتقديم واجب التعزية في وفاة الشيخ خليفة بن زايد، وكتبت في تغريدة "وبالتالي فإن جان كاستكس يبقى في فرنسا ولن يذهب إلى روما من أجل تقديس شارل دي فوكو".

المحرر في التلفزيون الفرنسي BFM TV جان كريستوف جاليان ذهب أبعد من ذلك في رده على سؤال إذاعة "فرانس أنفو" حول إن كانت العلاقة مع الإمارات أهم من الفاتيكان؟ فجاء جوابه "نعم، حتى وإن كان الفاتيكان مركزًا قويًا وقد لاحظنا ذلك مؤخرًا من خلال مواقف البابا تجاه الموقف الاستراتيجي للغرب والناتو في أوكرانيا، لكن تشكيل الخريطة الجيوسياسية تتم الآن في منطقة الشرق الأوسط وليس روما والفاتيكان، والرئيس ماكرون يعتبر نفسه الديبلوماسي الأول لفرنسا في الشرق الأوسط.

وبحسب راديو "فرانس إنفو"، فإن الزيارة الرئاسية وإن كانت تبدو قبل كل شيء زيارة رسمية، فإنها مع ذلك تشهد على العلاقات الوثيقة جدًا بين باريس والنظام المثير للجدل في أبوظبي، لاسيما منذ وصول إيمانويل ماكرون إلى السلطة في فرنسا.

بالنسبة للرئيس الفرنسي، لم تعد المملكة العربية السعودية الحليف الاستراتيجي لفرنسا في المنطقة، كما تقول تقارير فرنسية، كما كان الحال في عهد فرانسوا هولاند. إذ أخذ النظام في أبوظبي هذا الدور، حيث يتشارك مع إدارة ماكرون مواقف عديدة في المنطقة، ويدعمان معًا أنظمة ومليليشيات عسكرية، إضافة إلى الموقف من الإسلام السياسي والعلاقة الشخصية بين الزعيمين.

مع جوانب العلاقة العديدة التي لا تنفك تثير انتقادات حقوقية، فإنه لا يمكن تجاهل المستوى العسكري الصناعي. فمنذ العام 2008، تمتلك باريس قاعدة جوية بحرية في أبوظبي، وتستخدم من قبل القوات الجوية الفرنسية في عملياتها في الشرق الأوسط، كما تم استخدامها أثناء الجسر الجوي الذي أقيم لإجلاء الأجانب والأفغان من كابول بعد تولي طالبان السلطة في آب/أغسطس من العام  الماضي. وبالإضافة إلى دبابات Leclerc القتالية، فقد تم  توقيع عقد بين البلدين لتسليم 80 طائرة مقاتلة من طراز رافال للإمارات بمبلغ قياسي قدره 16 مليار يورو.

الباحث في العلوم السياسية سيباستيان بوسوا: "إيمانويل ماكرون اختار الإمارات واستقرارها الاستبدادي وتعريفها الغريب للعلمانية"

يشير الباحث في العلوم السياسية سيباستيان بوسوا في حديثه مع موقع "فرانس إنفو"، إلى أن "إيمانويل ماكرون اختار الإمارات العربية المتحدة واستقرارها الاستبدادي وتعريفها الغريب للعلمانية"، ويضيف الباحث أن "هذه الروابط تسمح لفرنسا بالوجود على الفور في مكان يتنازع عليه الأنجلو ساكسون".