06-مايو-2022
تركيا

من الفيلم "مواقع التواصل"

كيف ستكون تركيا عام 2043؟ عنوان يتمحور حوله فيلم تركي قصير يحمل اسم "الغزو الصامت"، تبدأ قصته نيسان عام 2011 بحديث زوجين ينتظران قدوم مولودهما الذي يحلمان أن يصبح طبيبًا، بينما يظهر في خلفية الصوت أخبار تفيد باشتعال حرب في سوريا وبدء السوريين اللجوء نحو الأراضي التركية، ثم يستعرض الفيلم وبنقلة زمانية إلى العام 2043، كيف تصبح تركيا بظل وجود السوريين الذين سيكونون قد وصلوا إلى السلطة، وأصبحوا أكثرية تضطهد الأقلية التركية، حيث أصبحت البلاد في حالة خراب، والمولود المنتظر ببداية الفيلم، صار عامل نظافة في إحدى المستشفيات، بينما رفاقه عاطلون عن العمل.

تم استدعاء منتجة الفيلم هاندي كاراجاسو من قبل المديرية العامة للأمن التركية، قبل أن يتم الإطلاق سراحها

الفيلم الذي بُثّ عبر قناة تحمل اسمًا مستعارًا في "يوتيوب"، أثار جدلًا واسعًا بين من اعتبره حلقة ضمن سلسلة أحداث عنصرية تؤججها وتدعمها أحزاب تركية معارضة، ومن أشاد بالعمل وأكد أنه يسلط الضوء على الخطر الذي تواجهه تركيا بما يتعلق بقوميتها وديموغرافيتها، محققًا ملايين المشاهدات، فيما تم استدعاء منتجة الفيلم هاندي كاراجاسو من قبل المديرية العامة للأمن التركية، قبل أن يتم الإطلاق سراحها مساء الأربعاء.

وأوضحت إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية في المديرية العامة للأمن التركية، أن توقيف كاراجاسو، جاء باعتبار الفيلم الذي انتجته "يحرض على العداء والكراهية ضد اللاجئين السوريين"، إضافة إلى أن القناة التي نشر عبرها الفيلم تدار باسم مستعار، سبق وأن نشرت "معلومات مضللة حول طالبي اللجوء في تركيا".

صحيفة جمهوريات التركية نقلت عن كاراجاسو قولها، "أنا لست عنصرية، ولم انتقد السوريين، أنا انتقدت سياسة اللجوء الخاطئة في البلاد"، مضيفة أنها حاولت لفت الانتباه إلى بعض القضايا حتى لا يواجه الأشخاص الذين عاشوا على هذه الأراضي منذ آلاف السنين صعوبات، على حد تعبيرها.

وأردفت "أنا آكل خبز السوريين وأشرب ماءهم، ليس لدي أي مشاكل، ولم تكن لدي مشكلة مع اللاجئ السوري، مشكلتنا هي مع الأشخاص غير المسجلين الذين يعبرون حدودنا ويعطّلون النظام العام والسلام الاجتماعي، ومشكلتنا مع أولئك الذين تسببوا في هذه العملية".

وتعدّ هاندي كاراجاسو إعلامية مختصة بالشأن السياسي، لديها أكثر من 130 ألف متابعًا عبر تويتر، غير أن وسائل إعلام تركية نشرت عنها خلال اليومين الماضيين أن عدد متابعيها يقارب الـ55 ألف متابع، ما يعني أن العدد تضاعف بعد الزوبعة التي أثيرت بسبب فيلم "الغزو الصامت".

من جهته، غرّد نائب وزير الداخلية التركية والمتحدث الرسمي باسمها، إسماعيل جاتاكلي عبر حسابه في تويتر قائلًا: إن "بعض الشخصيات الأكاديمية المزعومة مثل أوميت أوزداغ وسنان أوجان وبنجي باش ينشرون أكاذيب بأن هناك 10 ملايين سوري في تركيا، هم كارهون للأجانب وأشعر بالخجل منهم"، لافتًا إلى تقديم إدارة الهجرة التركية شكوى جنائية بحقهم.

من وراء الفيلم؟

كشف زعيم حزب الظفر "النصر" التركي المعارض والمعروف بمعاداته للاجئين أوميت أوزداغ، عن أنه هو من طلب صنع الفيلم، ودفع تكاليف إنتاجه، ووافق على كل المعلومات التي وردت فيه، متحدثًا عن السوريين بأنهم "ليسوا الشعب التركي، هم ضيوف، والفيلم لا يحوي أي ضغينة أو عداء" غرّد أوزداغ.

وفي تغريدة ثانية، علّق أوزداغ على ما قاله نائب وزير الداخلية التركي: "من لا يتقدم بشكوى جنائية فهو جبان، ستتم محاكمتك وإدانتك من قبل الوجدان القومي للأمة التركية في محكمة التاريخ التركية، أنت تتعاقد بالوكالة في مشروع حرب أهلية إمبريالية، إنك تغتال الهوية الوطنية لتركيا".

وعقب اعتقال كاراكاسو، صدر بيان لافت من رئيس حزب الظفر، أوميت أوزداغ، قال فيه "هاندي كاراجاسو، التي أنتجت الفيلم الوثائقي الغزو الصامت ، تم اعتقالها من قبل الشرطة واقتيدت إلى إدارة شرطة مقاطعة سكاريا، حيث يتم اعتقال من يتحدث عن التهديدات ضد تركيا، ويتم مكافأة من يتآمر ضد بلدنا"، وفقًا لموقع "خبر لار" التركي.

ويعرف عن حزب الظفر المعارض تصريحاته المعادية للاجئين، والتي تتحدث باستمرار عن نيته إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم في حال تقلده زمام الحكم، لكن ما يجدر الإشارة إليه أن زعيم الحزب أوميت أوزداغ والذي أوعز بإنتاج الفيلم، هو من أصل داغستاني، أي أن فكرة فيلم "الغزو الصامت" التي تتحدث عن وصول لاجئ سوري إلى السلطة بمنصب رئيس بلدي إسطنبول عام 2043، قد تتقاطع مع طموحه هو بالوصول إلى رئاسة تركيا 2023.

وبحسب الإحصائيات التركية الرسمية، يعيش في تركيا نحو 5 ملايين سوري، تأمل الحكومة التركية على إعادة نحو مليون سوري منهم خلال الفترة المقبلة إلى بلدهم.