15-مايو-2022
إيلون ماسك وصفقة تويتر

إيلون ماسك ما يزال يثير الجدل بشأن تويتر ومستقبل الصفقة معها (FT)

تعدّ صفقة الملياردير الأمريكي إيلون ماسك للاستحواذ على شركة تويتر واحدة من أشدّ عمليات الاستحواذ غرابة وإثارة للجدل في عالم الأعمال، إلا أن الأمور ازدادت غرابة وتعقيدًا يوم أمس الجمعة، 13 أيار/مايو، حين أعلن ماسك عن احتمال تعليق الصفقة، ثم تراجعه عن هذا التصريح وتأكيد التزامه بالمضي قدمًا في هذا المشروع الذي رصد له 44 مليار دولار أمريكي.

بدأ الأمر بتغريدة لماسك قبيل فجر الجمعة، قال فيها إن الصفقة الآن بحكم المعلّقة، مشيرًا إلى أنه بحاجة إلى المزيد من التفاصيل من الشركة حول حجم الحسابات الزائفة والآلية على المنصّة.

ثم وبعد انقضاء ساعتين على التغريدة الأولى، غرد ماسك مجددًا، وقال إنه ما يزال ملتزمًا بصفقة الاستحواذ على تويتر ولن يتراجع عنها، دون تقديم أي تفاصيل جديدة.

الرسالتان المتناقضتان تركتا انطباعًا عامًا بأن إيلون ماسك يرغب بالتراجع عن الصفقة الكبرى مع تويتر، أو أنه يحاول أن يفاوض من جديد بشأن قيمة الصفقة، أو أنّه، كعادته، يبحث عن المزيد من الانتباه، أو أن الأمر خليط من هذه الأمور الثلاثة معًا. أما النتيجة الواضحة لتغريدات ماسك، فهو الارتباك في سوق الأسهم وعلى منصّة تويتر على السواء.

وكما هي الحال في معظم شؤون إيلون ماسك، فإنه من الصعب التنبؤ بتصرفاته، كما أنّه لم يستجب لوسائل الإعلام الكبرى التي حاولت التواصل معه للاستفهام حول حقيقة ما يجري بشأن صفقة تويتر. إلا أن تعليقاته الأخيرة تعدّ فصلًا جديدًا في حكاية الرجل مع تويتر، ولاسيما ما يتعلق بمسألة حرية التعبير، وتبعات أن يستحوذ رجل مثل ماسك على منصّة بحجم وتأثير تويتر. فقد تعهّد ماسك مرارًا بأن يجعل تويتر "ميدانًا أرحب" للتعبير عن الرأي، عبر فرض قيود أقل وتعديل سياسات رقابة المحتوى. كما أكد ماسك على أنّه مستعدّ لإعادة تفعيل حساب دونالد ترامب على المنصّة، لو رغب الأخير في ذلك.


مقالات قد تهمّك حول إيلون ماسك والصفقة مع تويتر 

رويترز: استحواذ ماسك على تويتر سيثير الكثير من المتاعب مع الصين

إيلون ماسك يستحوذ على تويتر.. هذه أهم 6 تغييرات سيجريها على المنصة

ما هو تكتيك حبة السم الذي لجأت إليه تويتر لمنع إيلون ماسك من الاستحواذ عليها؟


وفي حين أن معظم عمليات الاستحواذ على هذا المستوى تجري على نحو أكثر دقّة وكفاءة، إلا أن ماسك قرر أن يقارب المسألة بطريقته الاعتباطية التلقائية، وبحسب تقرير لنيويورك تايمز، فإنه لم يفكر جيدًا بالصفقة مليًا قبل الإقدام عليها، وهذا ما أكّده هو بلسانه حين قال في مقابلة أجريت معه في نيسان/أبريل الماضي أنه لم يفكر جيدًا بالتفاصيل المتعلقة بتمويل عملية الاستحواذ على تويتر.

في التغريدة الأولى صباح الجمعة، ألمح ماسك  إلى معلومات رسمية قدمتها شركة تويتر للجهات التنظيمية في الولايات المتحدة، والتي تضمنت تقديرات بأن حجم الحسابات الزائفة والمزعجة في المنصة لا يتجاوز 5 بالمئة، علمًا أن ماسك كان قد تعهد في وقت سابق بأن إحدى أبرز الخطوات التي سيقدم عليها بعد الاستحواذ على الشركة تتعلق بإنهاء ظاهرة الحسابات الزائفة والإلكترونية على تويتر، وأن ذلك سيكون أحد أهم أولوياته.

فمن المعروف أن آلية التسجيل في منصة تويتر بسيطة، ولا تحتاج الكثير من اشتراطات التوثيق، وهو ما جعل المنصّة تعاني طوال الفترة الماضية من ظاهرة الحسابات الزائفة والحسابات الآلية. وقد أعلنت تويتر مطلع الشهر الجاري بأنها قد وضعت تقديرات لحجم هذه الحسابات، والبالغ بحسبها 5 بالمئة فقط من مجموع الحسابات المسجلة فيها، مشيرة إلى أنها مجرد تقديرات حرصت الشركة على أن تكون دقتها، ولكنها مع ذلك لا تعبّر بالضرورة عن الحجم الدقيق لهذه المعضلة.

كما كانت تويتر قد أعلنت من قبل عن تقديرات سابقة لحجم الحسابات الزائفة على المنصّة قبل أن يعلن ماسك عن عزمه الاستحواذ على الشركة، وهو ما جعل متابعين يرون أن تعليقاته الأخيرة تعدّ آلية للضغط على من أجل إعادة التفاوض على سعر الصفقة أو كبطاقة خروج له من الصفقة. وقد وصل سعر السهم في تويتر يوم الجمعة إلى 41 دولارًا أمريكيًا، مقارنة بأكثر من 54 دولارًا للسهم لحظة إعلان ماسك موافقته على صفقة الاستحواذ نهاية الشهر الماضي.

إلا أن التراجع عن الصفقة سيكون مشكلًا كبيرًا، ولاسيما أن الصفقة تتضمن عقدًا جزائيًا بقيمة مليار دولار أمريكي في حال انسحاب ماسك، وهو جانب بسيط وحسب من الخسائر التي سيمنى بها الملياردير الأمريكي في حال أقدم على مثل هذه الخطوة. فثمة مادة أخرى في الصفقة بين الطرفين تنص على أن على ماسك أن يدفع للشركة في حال توفّرت تمويلات الدين التي جمعها لأغراض إتمام الصفقة ولم يتم التعريض بها. هذه المادّة باختصار، والتي تدعى "مادة وجوب الأداء"، يتم تطبيقها بموجب أمر قضائي من المحكمة، يفرض على إيلون ماسك أداء ما عليه من مستحقات موعودة لشركة تويتر، انطلاقًا من تعبيره عن الالتزام الأولي بالصفقة بموجب الاتفاق الرسمي بين الطرفين.

وبحسب نيويورك تايمز، فإن السيد ماسك قد يحاول التملص من الصفقة أو الدخول في حلقة تفاوض جديدة مع تويتر، بادعاء وجود "حدث مادي ضار" (Material Adverse Event)، إلا أن ذلك لن يكون خيارًا سهلًا لماسك، لاسيما وأنه قد أبدى استعجالًا جليًا في الإقدام على الصفقة والموافقة عليها قبل أن يطلع فريقه القانوني بشكل أوسع على السجلات الداخلية للشركة. فقد تجادل شركة تويتر بأنه كان حريًا بماسك أن يطّلع بشكل أوفى على بعض التحديات الداخلية في الشركة وأعمالها قبل أن يوافق على الصفقة بشكل رسمي.

وما يزال الطرفان حتى اليوم، تويتر وماسك، يعملان معًا لإتمام الصفقة، على الرغم من الجدل والتغيرات السريعة التي حصلت خلال اليومين الماضيين، وانزعاج شركة تويتر من خرق ماسك لاتفاقية عدم الإفصاح بين الطرفين، بعد أن أوضح إيلون ماسك عبر حسابه على تويتر بأن حجم العينة التي تعتمدها شركة تويتر لفحص نسبة الحسابات الآلية أو الزائفة، هي 100 حساب فقط.

ولم تكن التغريدة يوم الجمعة أول تعليق من ماسك ينتقد فيها أعمال تويتر وأنشطتها، إذ كان قد انتقد في وقت سابق كيفية تعامل المنصّة مع حسابات المشاهير عليها، وكيف أنّها لا تتطلب منهم استخدام المنصّة على النحو الذي يتلاءهم مع وضعهم عليها. كما انتقد ماسك السياسات التي تتبعها تويتر في ضبط المحتوى وتعليق الحسابات المخالفة، ويتهمها بتقييد حرية التعبير. وقد تعّهد إيلون ماسك بمعالجة ذلك في حال استحواذه على الشركة، وإليك هنا أهم 6 تغييرات سيجريها على المنصة

وجه إيلون ماسك العديد من الانتقادات لإدارة تويتر خلال الفترة الماضية 

وكان ماسك قد تعهد باللجوء إلى ثروته الشخصية لتمويل الصفقة للاستحواذ على تويتر، وهي خطّة قد تواجه بعض الصعوبات في تطبيقها نظرًا إلى التراجع الحاصل في أسعار الأسهم، بما في ذلك أسعار أسهم تيسلا، والتي تراجعت بشكل لافت بنحو 30 بالمئة الشهر الماضي. ويعمل ماسك حاليًا على بيع جزء من أسهمه في تيسلا والاعتماد عليها كضمانات لقروض شخصيّة من عدة بنوك لتوفير ما يلزم لإتمام الصفقة مع تويتر.