14-أبريل-2022
يتنافس ماكرون ولوبان على خطاب معادٍ للأجانب (أ.ف.ب)

يتنافس ماكرون ولوبان على خطاب معادٍ للأجانب (أ.ف.ب)

يواجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان في الجولة الثانية الحاسمة للانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في 24 نيسان/أبريل الجاري. وسبق لماكرون ولوبان أن تنافسا في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية عام 2017. وتعتبر قضايا المهاجرين والجالية المسلمة من أبرز المواضيع على طاولة المرشحين وفي دعاياتهم الانتخابية غير المباشرة، إذ تُعد الجالية المسلمة أكبر أقلية دينية في البلاد بتعداد يقارب 6 ملايين نسمة وهو ما يشكل نحو 10% من سكان فرنسا.

يتضح أن الخطاب المعادي للجالية المسلمة لايزال حاضرًا وبقوة بعد الجولة الأولى من الانتخابات، وهو ما ترجمته تصريحات مارين لوبان

في هذا الإطار، يتضح أن الخطاب المعادي للجالية المسلمة لايزال حاضرًا وبقوة بعد الجولة الأولى من الانتخابات، وهو ما ترجمته تصريحات مارين لوبان خلال لقاء إذاعي أجرته مع راديو "فرانس انتر"، وقالت فيه إنها عازمة على حظر الحجاب في الفضاء العام، معتبرة إياه "زيًا للإيديولوجيا الإسلامية وليس للدين الإسلامي، ولهذا أتمنى تخليص كل النساء من الحجاب". وأضافت "في الضواحي يقال لنا إن جميع النساء يخترن ارتداءه بحرية، لكن هذا ليس صحيحًا لأن الحجاب عندما ينتشر يقوم بعزل من يرتديه ونحن نعرف ذلك جيدًا". وتابعت "يجب ألا نترك للأيديولوجية الإسلاموية أي فضاء، أو أن نتعامل معها بأي تسامح، ولذا أعددنا مشروع قانون يهدف إلى حظر هذا الأمر على الأراضي الفرنسية، وحظر التمويل والجمعيات التي تروج له، والفضاءات التي تدرّس فيها هذه الأيدولوجيات".

Macron and Le Pen set for Presidential run-off as Paris Mayor Hidalgo does  badly

وأضافت المرشحة عن اليمين المتطرف: "اليوم أسمع أشخاصًا قد غيروا رأيهم حول هذا الموضوع مثل جان لوك ميلانشون. سمعت تعليقاته في برنامج تلفزيوني في العام 2010 وقال فيها إن الحجاب ممارسة بغيضة وفاضحة". وأكدت السياسية المثيرة للجدل أنها ستعاقب من ترتدي الحجاب بغرامة مالية مثل غرامة عدم ارتداء حزام الأمان في السيارة، و"باعتبار أن الشرطة الفرنسية قادرة على ضبط المخالفين لارتداء الحزام، فإنها ستكون قادرة على تطبيق منع الحجاب".

وردًا على سؤال حول تعميم الحظر ليشمل باقي الرموز الدينية مثل القلنسوة اليهودية، قالت لوبان إن حظر الحجاب لا ينطلق من موقف علماني بل من ضرورة محاربة الأيديولوجية الإسلامية، و"نحن نواجه أيديولوجية شمولية يجب تقييدها في جميع الأماكن التي يتم التعبير عنها فيها". كما أكدت أنها تنوي في حال فوزها في الانتخابات الاستجابة لمطلب وقف ذبح الحيوانات على الطريقة الإسلامية واليهودية، لكنها أردفت أن ذلك لا يعني منع بيع اللحم الحلال والكوشير، لأنها ستسمح باستيراد اللحوم التي يتناولها المسلمون واليهود.

وكانت لوبان قد قدمت في  كانون الثاني/يناير 2021 مشروعها لمحاربة "الأيديولوجيات الإسلامية" التي تعتبرها شمولية وأصبحت في نظرها في كل مكان، والتي تنوي إبعادها عن جميع مجالات المجتمع بدءًا من الحجاب. ووعدت بإجراء استفتاء لتغيير أجزاء من الدستور الفرنسي "للحد من حقوق المهاجرين والأجانب"، كما دعت إلى "إعادة المهاجرين من حيث أتوا". وكما يرى مراقبون، فإن هذا الخطاب يستند إلى تعريف غير واضح للأيدولوجية الإسلامية لتبرير سياسات معادية للأجانب وللإسلام.

في المقابل، شهدت فترة تولي الرئيس إيمانويل ماكرون والتي امتدت بين عامي 2017 و2022  تصاعدًا كبيرًا لظاهرة الإسلاموفوبيا. فقد قاد حملة وُصفت على نطاق واسع بأنها معادية للمهاجرين والمسلمين، إذ بات يُتهم المسلمون بأنهم يشكلون تهديدًا للمجتمع الفرنسي ولقيم الجمهورية، وبأنهم يشكلون مجتمعًا موازيًا. وتحدث ماكرون بعد حادثة مقتل المعلم صمويل باتي في تشرين الأول/ أكتوبر 2020 والذي عرض لطلابه رسومًا ساخرة من النبي محمد بأن "الإسلام هو دين يعيش أزمة اليوم في كل مكان بالعالم".

وفي تموز/ يوليو 2021  صدر قانون "مكافحة الانفصالية" وسط استنكار واسع من الجالية المسلمة في فرنسا، وبموجبه تم فرض قيود واسعة على الجالية والمنظمات الإسلامية التي وضعت الحكومة الفرنسية يدها عليها بالإضافة للمساجد ومراقبة تمويلها.

French election: as Marine Le Pen makes it to second round, the left-wing  vote is what troubles president Emmanuel Macron

وقد صرح وزير الداخلية الفرنسي جيرالد درامانان أنه بموجب القانون "أُجري أكثر من 24 ألف فحص على أماكن يُشتبه في أنها انفصالية، مما أدى إلى إغلاق 718 مؤسسة بما في ذلك 22 مسجدًا، واستبدال 36 إمامًا". كما فُرضت قيود واسعة على ارتداء الحجاب شملت منعه في المسابقات الرياضية، وحُظر على  الأمهات ارتداؤه خلال مرافقتهن لأولادهن في الرحلات المدرسية.

شهدت فترة تولي الرئيس إيمانويل ماكرون والتي امتدت بين عامي 2017 و2022  تصاعدًا كبيرًا لظاهرة الإسلاموفوبيا

وأشارت اللجنة الفرنسية لحقوق الإنسان إلى أن الأعمال المناهضة للمسلمين في فرنسا تصاعدت في العام 2020 بنسبة 52% عن العام 2019، حيث تعرّض المسلمون الفرنسيون خلال ولاية ماكرون للمضايقات والإهانات، وتعزّز الرأي القائل بأن "الإسلام لا يتوافق مع قواعد الجمهورية الفرنسية أو مع الغرب". حيث جدد ماكرون في عدة مناسبات خطابه بأنه "ضد الفصل الإسلامي ويعتبر أن الإسلام السياسي عنصر غير مرحب به في البلاد".