23-يونيو-2022

تعقيدات واستقطاب بعد انتهاء صلاحية خارطة الطريق في ليبيا (تويتر)

حث رئيس الحكومة الليبية المعينة بشكل أحادي من قبل مجلس النواب، فتحي باشاغا، في رسالة مفتوحة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى "ووقف التعامل مع الحكومة المنتهية ولايتها"، محذرًا من أن "التعامل معها يمثّل تهديدًا لأمن البلاد"، ورأى أنه "حان الوقت لإيجاد حل ليبي لإجراء الانتخابات".

بعد نهاية خريطة الطريق التي صاغت المشهد السياسي في ليبيا خلال سنة ونصف، لا يزال الوضع غامضًا بشأن ما سيحدث في الفترة المقبلة

وقال باشاغا إن حكومته "تحاشيًا لأي مزايدات ودرءًا لأي اتهامات آثرت الصبر والحكمة، خاصة أن البعض قال إن الحكومة منتهية الولاية لديها شرعية غير وطنية متمثلة في الاعتراف الدولي الذي اكتسبته من اتفاق جنيف"، مشيرًا إلى أن "هذا الاتفاق انتهى يوم الثلاثاء 21 حزيران/ يونيو، وبذلك من المفترض أن المشروعية الدولية انتهت".

جاءت رسالة باشاغا بالتزامن مع انتهاء صلاحية خريطة الطريق المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي بين الأطراف الليبية التي أفرزت حكومة الوحدة الوطنية الحالية برئاسة عبد الحميد الدبيبة والمجلس الرئاسي الحالي. هذا وطالب باشاغا الجهات والسلطات الأمنية والقضائية والمالية والعسكرية في ليبيا بـ"عدم التعامل مع حكومة الوحدة الوطنية بعد انتهاء ولايتها رسميًا"، معتبرًا أن "من يخالف ذلك يعد خارجًا عن القانون"، داعيًا الجميع إلى "حمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية"، وتعهد بإجراء انتخابات في أقرب وقت.

وكان باشاغا قد كشف الاثنين الماضي عن خطة من 8 نقاط بعنوان "خارطة الطريق نحو التعافي"، قال إنها "تهدف لإجراء انتخابات وإخراج البلاد من أزماتها الأمنية والسياسية والاقتصادية". في المقابل شهدت العاصمة الليبية طرابلس ليل الإثنين استعراضًا عسكريًا مسلحًا لأرتال من السيارات العسكرية والأمنية التابعة للمجلس الرئاسي ولوزارتي الداخلية والدفاع في حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، عقب أنباء عن تمركز قوات موالية لرئيس الحكومة المعين من قبل مجلس النواب فتحي باشاغا في منطقة ورشفانة غرب العاصمة طرابلس، بعد أن قدمت من مدينة الزنتان، وجابت الأرتال العسكرية التابعة لحكومة الوحدة الوطنية عدة مناطق من العاصمة طرابلس.

من جهة أخرى أعرب رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا خالد المشري عن استعداده للقاء رئيس مجلس النواب عقيلة صالح في مدينة غدامس التي تبعد حوالي 600  كلم عن العاصمة طرابلس لمناقشة نقاط الخلاف في المسار الدستوري. وفي رسالة وجهها الاثنين إلى مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة الخاصة بليبيا ستيفاني وليامز قال المشري إنه "بعد ذلك تتم إحالة النقاط العالقة إلى مجلسي الدولة والنواب ليقولا كلمة الفصل فيها".

وتأتي تصريحات المشري عقب فشل عقد اجتماع كان مقررًا بينه وبين رئيس مجلس النواب عقيلة صالح في القاهرة. فقد أعلنت وسائل إعلام ليبية عن فشل عقد اللقاء الذي كان سيجمع رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري في القاهرة بسبب رفض الأخير طلب عقيلة صالح مناقشة ملف السلطة التنفيذية لتسهيل دخول الحكومة المكلفة من مجلس النواب إلى العاصمة طرابلس. وأكدت المصادر ذاتها مغادرة خالد المشري العاصمة المصرية القاهرة إلى طرابلس، فيما نقلت مصادر مقربة من عقيلة صالح مغادرته القاهرة متجهًا إلى مدينة القبة الليبية. وكان المشري قد أبلغ المستشارة الأممية ستيفاني وليامز أن أي اجتماع مع عقيلة صالح يجب أن يخصص لمتابعة عمل لجنة المسار الدستوري فقط من دون التطرق إلى ملف السلطة التنفيذية.

وفي وقت سابق، أعلن المكتب الإعلامي للمجلس الأعلى للدولة في بيان له أن "رئيس المجلس خالد المشري تلقى دعوة من مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني وليامز لإجراء زيارة إلى القاهرة وذلك للقاء رئيس مجلس النواب عقيلة صالح". وتابع البيان أن المشري "يدرس الجدوى من الزيارة في حل المشاكل الخلافية بالبلد، وعلى رأسها الانسداد بالمسار السياسي والدستوري"، مؤكدًا أن "الزيارة ليست غاية في حد ذاتها، وأن المهم هو جدية الطرف المقابل في إيجاد توافق وطني ينهي المراحل الانتقالية من خلال تجديد الشرعية السياسية في ليبيا عبر انتخابات في أقرب وقت ممكن، وعدم تضييع مزيد من الوقت في خلق أزمات جديدة يدفع ثمنها المواطن أولًا".

وكانت أعمال الجولة الثالثة لاجتماعات لجنة المسار الدستوري بين مجلسي النواب والدولة بليبيا قد انطلقت في القاهرة في 12 حزيران/يونيو الماضي لإيجاد توافق في الآراء بشأن الإطار الدستوري اللازم لمرور البلاد نحو الانتخابات. وكشف مصدر من لجنة المسار الدستوري أن من "أبرز المواد المتفق عليها شروط الترشح للرئاسة، عدا البند المتعلق بأحقية العسكريين للترشح من عدمه، والتي توقع المصدر إحالتها إلى مجلسي النواب والدولة للفصل فيها". إلا أن المصادر ذاتها أشارت إلى أن المستشارة الأممية تحاول الدفع للوصول إلى توافق بين المجلسين وترفض فكرة تمديد عمل اللجنة إلى ما بعد يوم الأحد المقبل.

وبالتزامن مع اجتماعات القاهرة قال باشاغا إن "حصار المنشآت النفطية الليبية سينتهي على الأرجح إذا قدم البنك المركزي الأموال للميزانية التي وافق عليها البرلمان خلال جلسته في سرت"، وأضاف باشاغا الذي كان يتحدث من مدينة سرت التي اتخذها مقرًا لحكومته "نعتقد أنه بمجرد أن حكومتنا تستلم الميزانية ويتم توزيعها توزيعًا عادلًا حسب ما ذكرنا في الميزانية، فإن سكان الحقول والهلال النفطي سوف لن يمانعوا في إعادة تصدير النفط أو تشغيل الحقول". وتابع باشاغا أن "الإغلاق هو جزئي في المنشآت النفطية، حدث نتيجة غضب سكان الهلال النفطي والحقول النفطية عندما رأوا الحكومة منتهية الولاية في طرابلس"، مشيرًا بأن هناك "قدرًا كبيرًا من الغضب إزاء الإنفاق غير المشروع من قبل حكومة الدبيبة بما في ذلك الفساد ودفع أموال للجماعات المسلحة".

لكن بالمقابل أكد رئيس الحكومة المعين من قبل مجلس النواب أنه "لا يتوقع في ظل رفض الحكومة القائمة في طرابلس التخلي عن السلطة، أن يؤدي الجمود السياسي في ليبيا إلى اندلاع حرب جديدة".

في إطار آخر، قدم رئيس مجلس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا عماد السائح إحاطة للمجلس الرئاسي حول عمل المفوضية والتحديات التي واجهتها طيلة الأشهر الماضية أثناء الإعداد للانتخابات. جاء ذلك خلال لقاء السائح مع النائبين بالمجلس الرئاسي موسى الكوني وعبد الله اللافي بمقر المجلس الرئاسي في العاصمة طرابلس.

وبحسب المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي فقد أشاد النائبان بـ "الجهود التي بذلتها المفوضية للعمل على تذليل الصعاب لإنجاز الاستحقاق الانتخابي، وأكدا "استمرار دعم المجلس الرئاسي لها والتزامه إجراء الانتخابات وفق قاعدة دستورية يتفق عليها الجميع، لإنهاء المراحل الانتقالية، والوصول بالبلاد إلى مرحلة الاستقرار تحقيقًا لرغبة أكثر من مليوني وثمانمائة ألف ناخب قيدوا أسماءهم في سجلات المفوضية.

بدورها قالت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا في بيان لها في وقت سابق إن "اللجنة العسكرية الليبية المشتركة بحثت في القاهرة وقف إطلاق النار وخروج المقاتلين والمرتزقة الأجانب من ليبيا، في وقت تختتم مباحثات مجلسي النواب والأعلى للدولة الليبيين حول الإطار الدستوري لإجراء الانتخابات".

قال باشاغا إن "حصار المنشآت النفطية الليبية سينتهي على الأرجح إذا قدم البنك المركزي الأموال للميزانية التي وافق عليها البرلمان

هذا وبعد نهاية صلاحية خريطة الطريق المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي والتي صاغت المشهد السياسي في ليبيا خلال السنة ونصف سنة الأخيرة وانبثقت عنها السلطة التنفيذية الحالية المتمثلة في المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية، لا يزال الوضع غامضًا بشأن ما سيحدث في الفترة المقبلة، خاصة مع عدم وضوح مستقبل الانتخابات الرئاسية والتشريعية المؤجلة منذ كانون الأول/ديسمبر الماضي، ووسط خلافات كبيرة بين حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها أمميًا برئاسة عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لسلطة منتخبة، ومجلس النواب الذي كلف فتحي باشاغا بترؤس حكومة تتخذ من مدينة سرت مقرًا مؤقتًا لها بعد فشلها في دخول العاصمة طرابلس في مناسبتين.