20-مايو-2022
تعقيدات عديدة أمام جهود واشنطن لمواجهة الصين (Getty)

تعقيدات عديدة أمام جهود واشنطن لمواجهة الصين (Getty)

وصل الرئيس الأمريكي جو بايدن الجمعة إلى سيول في جولة هي الأولى له إلى آسيا منذ توليه منصبه، ستستمر خمسة أيام، استهلها بزيارة كوريا الجنوبية ويختتمها بزياة إلى طوكيو. حيث يلتقي الرئيس الأمريكي قادة دول الهند واليابان وأستراليا الأسبوع المقبل في إطار التحالف الرباعي للحوار الأمني "كواد"، وذلك بهدف الاتفاق على آلية مشتركة في مواجهة الصين، علمًا بأنه توجد اختلافات في المواقف بين أطراف تحالف "كواد" خاصة في الموقف حيال الحرب الروسية على أوكرانيا التي رفضت الهند التنديد بها.

وصل الرئيس الأمريكي جو بايدن اليوم الجمعة إلى سيول في جولة هي الأولى له إلى آسيا منذ توليه منصبه

يشار إلى أن التحالف الرباعي للحوار الأمني (كواد)، الذي يضم واشنطن وطوكيو وكانبيرا ونيودلهي، تأسس بشكل خاص لتشكيل قوة مضادة لنفوذ الصين الاقتصادي والعسكري والتكنولوجي المتزايد في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

قمة طوكيو  وإصلاح ما يمكن إصلاحه في تحالف "كواد"

يعد تحالف "كواد" أحد أعمدة سياسة الولايات المتحدة لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، فهو يعكس القوة العسكرية البحرية لـ"لدول الديمقراطية" في تلك المنطقة، لكن الموقف الهندي من الغزو الروسي لأوكرانيا هزّ الثقة في التحالف، وسيحاول بايدن منع توسّع هذا الخرق باستنهاض نيودلهي لاتخاذ موقف واضح وجدّي حيال الصين، وما ترى فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها استفزازات في أكثر من مكان، ومنها في بحر الصين الجنوبي.

ومن المقرّر أن يجتمع تحالف كواد، الثلاثاء المقبل. حيث نقلت وكالة فرانس برس عن متابعين  من معهد الدراسات الآسيوية المعاصرة في جامعة "تمبل" قولهم إن قادة كواد سيبحثون "سبل تعزيز الردع والتعاون العسكري وسيظهرون لبكين أنهم يعملون معًت لاحتوائها وردعها".

إلى ذلك، أكّدت وسائل إعلامية متعددة أن بايدن ورئيس الوزراء البريطاني سيصدران إعلانًا مشتركًا شديد اللهجة يؤكدان فيه استعدادهما لـ"الرد" على السلوك الصيني الذي يقوض الاستقرار في المنطقة". وتتضارب المعلومات حول درجة الشدة التي ستخرج بها قمة كواد، فثمة من يرى أنها ستكون أقل حدة، على غرار النداءات الصادرة من أجل جعل "منطقة المحيطين الهندي والهادئ حرّة ومفتوحة"، والتحذيرات من خطوات "أحاديّة" في المنطقة، بدون ذكر بكين بالاسم.

كما ستكون مسألة التهديدات الصينية لتايوان حاضرة في اجتماع قادة كواد لناحية سبل الرد عليها. وليس مستبعدًا أن تنال كوريا الشمالية حصّة كبيرة من اهتمامات قمة "كواد" خاصة مع إعلان واشنطن أنها "تُعدّ لعمليات إطلاق صواريخ جديدة، وربما كذلك لتجربة نووية". بدورها أبدت طوكيو مخاوف من الوجود الصيني حول جزر متنازع عليها بين البلدين. وفي هذا الصدد أجرى وزير الخارجية الياباني، يوشيماسا هاياشي، الأربعاء، محادثات لأول مرة منذ ستة أشهر مع نظيره الصيني، وانغ يي، داعيًا بكين إلى لعب "دور مسؤول" على الساحة الدولية.

قضية أخرى ستكون حاضرة بقوة على جدول أعمال تحالف "كواد" هي التوصل إلى توافق على صعيد التعاون الاقتصادي، ولا سيما بمواجهة عرقلة سلاسل الإمداد. حيث ستكشف الولايات المتحدة مبادرة تُعرف باسم "الإطار الاقتصادي لمنطقة الهندي والهادئ"، وهو تجمع تجاري جديد يعتبر وسيلة لإقامة سلاسل إمداد بدون الصين.

وتأتي هذه المبادرة الجديدة بعد انسحاب واشنطن المفاجئ عام 2017 من "الشراكة عبر المحيط الهادئ" التي تضم دولاً من آسيا والمحيط الهادئ والقارة الأمريكية. لكن الوصول إلى اتفاق بهذا الشأن قد يصطدم بخلافات مع الهند، الدولة الوحيدة في تحالف كواد التي امتنعت حتى الآن "عن التنديد بموسكو بعد شن هجومها على أوكرانيا، لا بل زادت وارداتها النفطية من روسيا رغم الانتقادات". وفي هذا الصدد قال المحاضر في جامعة كيو، ميشيتو تسورووكا، إن "كواد بدأ كإطار أمني، لكن لديه الآن برنامج موجه أكثر نحو الاقتصاد"، على ضوء الصعوبات مع الهند حول المسائل الدفاعية.

ومن المستبعد أن تتمكن قمة 23 أيار/مايو من تغيير هذا الوضع برأي الدبلوماسي الهندي السابق والمدرس في جامعة جيندال العالمية، جيتندرا ناث ميشرا، الذي أشار إلى أن واشنطن وحلفاءها "أثبتت أنها تدرك حاجة الهند إلى حماية روابطها الاستراتيجية والعسكرية مع روسيا لتطوير قدراتها بمواجهة الصين". وتابع أن "الضغط على الهند لا يخدم حاجة الغرب إلى إقامة تحالف للتصدي للصين".

الصين تُحذّر

لم تبق الصين مكتوفة الأيدي أمام تحركات "كواد" وتصريحات بعض قادتها،  فقد حذرت من أن المعلومات التي تفيد بأن واشنطن وطوكيو "ستوحدان قواهما" ضدها تنعكس سلبيًا على الأجواء. وفي هذا الصدد أدلى ليو بنغيو، المتحدث باسم السفارة الصينية في واشنطن بتصريح لموقع "بوليتيكو" الأمريكي قال فيه إن الصين "تعارض إنشاء مواجهة في منطقة الهادئ – الهندي على أساس انفصالي أو بناء كتل معادية". من جهته، حثّ وزير الخارجية الصيني وانغ يي خلال مكالمة مع نظيره الكوري الجنوبي بارك جين، أجراها الإثنين الماضي، على "العمل لتجنب اندلاع حرب باردة جديدة، ورفض المواجهة بين المعسكرين".

كواد بدأ كإطار أمني، لكن لديه الآن برنامج موجه أكثر نحو الاقتصاد، على ضوء الصعوبات مع الهند حول المسائل الدفاعية

وبشأن مسألة تايوان، حذّر كبير مسؤولي الشؤون الخارجية في الحزب الشيوعي الصيني، يانغ جيشي، قائلًا إنه إذا استمرت الإدارة الأمريكية "في الطريق الخاطئ، فستوصل الوضع حتمًا إلى نقطة خطيرة".