21-يونيو-2022
وفاة إنترنت اكسبلورر

تربة رمزية لإنترنت إكسبلورر في كوريا الجنوبية (NDTV)

بعد سنوات طويلة من العيش في الظلّ ومكابرة الرغبة في الاستمرار وانتظار معجزة ما لانتشاله من قعر خمول الذكر وسوء السمعة، وبعد 13 شهرًا أو أكثر قليلًا من السحب التدريجي لأجهزة الإنعاش عنه، أعلنت مايكروسوفت بشكل مؤكد يوم الأربعاء الماضي عن التقاعد الرسمي لمتصفح "إنترنت أكسبلورر". ردّة الفعل الأكثر طرافة على الخبر أتت من كوريا الجنوبية، إذ استغلّ البعض الفرصة للكشف عن "المثوى الأخير" لإنترنت إكسبلورر، ربما لكي لا يتركوا مجالًا للشركة للتراجع عن نفي الموت المتأخر للمتصفّح التعيس.

انطلق متصفح إنترنت إكسبلورر عام 1995، وصار ضيفًا ثابتًا ثقيل الظل في نظام ويندوز على مدى أكثر من عقدين من الزمن

انطلق متصفح إنترنت إكسبلورر عام 1995، وظل ضيفًا ثابتًا ثقيل الظل في نظام ويندوز على مدى أكثر من عقدين من الزمن، حتى وصل إلى مرحلة من لم يعد فيها المستخدمون يكترثون بتحديثه أو التفكير بتجربة أية نسخ مطوّرة منه. وفي حين أنّ نعي المتصفّح يعني دعوة القلة القليلة من مستخدميه اليوم إلى التخلي عنه والانتقال إلى متصفح آخر، إلا أن مختصين في مجال الأمن الرقمي يؤكدون على أن المشاكل المرتبطة بالمتصفّح لن تزول في أي وقت قريب على الأغلب.

فخلال الأشهر القليلة المقبلة، ستعمد شركة مايكروسوفت إلى تعطيل تطبيق إنترنت إكسبلورر على الأجهزة التي تعمل على نظام ويندوز 10، مع دعوة المستخدمين إلى استخدام النسخة الأحدث من متصفح "إيدج"، وهو المتصفح التابع للشركة والذي أطلقته كبديل مبكّر عن إكسبلورر عام 2015. لكن أيقونة إنترنت إكسبلورر العريقة ستظل موجودة للذكرى، لمن يبحث عنها وينتفع بها، إلا أنها ستحيل على خدمة تدعى "وضعية إنترنت إكسبلورر" (IE Mode)، وذلك لتأمين الوصول إلى المواقع القديمة التي صممت لتصفحها عبر إنترنت إكسبلورر. وقد أعلنت مايكروسوفت أنها ستستمر في توفير دعم لهذه الوضعية حتى 2029 على الأقل.

انترنت اكسبلورر

وفوق ذلك، فإن إنترنت إكسبلورر سيستمر بالعمل/الحياة على جميع النسخ الذي تدعمه من ويندوز، إلا أن ذلك لن يستمر طويلًا على الأغلب. وكل ذلك لأن الشركة تأخذ على محمل الجدّ وإلى أقصى الحدود ولاء البقية الباقية من الكائنات التي ما تزال تصرّ على استخدام المتصفّح والتشبّث بروحه المعذّبة. وبالمناسبة، هذه الزمرة النادرة لا تمثل سوى نصفٍ بالمئة في سوق المتصفحات حول العالم، معظمهم على الأغلب في الولايات المتحدة، حيث يمثّل مستخدمو إنترنت أكسبلورر 2 بالمئة. إلا أنّ للأمر وجهًا آخر أكثر حساسية، يتعلق بأمن المستخدمين على أجهزة ويندوز في المستقبل.

فمتصفح إنترنت إكسبلورر عتيق جدًا، ولهذا الأمر تبعات كبيرة في عالم الإنترنت، إذ يصعب الحديث عادة عن "صفحة بيضاء"، خاصة وأن أجزاء من الشبكة ما تزال تعتمد بشكل جزئي على سلوكيات وسمات محددة من إنترنت إكسبلورر، وذلك بحسب ما أوضح شون ليندرسي، المدير العام في "مايكروسوفت إيدج إنتربرايز"، والذي كان وراء فكرة متصفح جديد من مايكروسوفت، ولطالما شكّك في قدرة إنترنت إكسبلورر على استدراك الفجوة وتطويره على نحو يؤهّله للمنافسة في عالم المتصفحات الحديثة.

وعليه فإن التأخر في إعلان وفاة متصفّح إنترنت إكسبلورر عبر السنوات الماضية، رغم النسبة الضئيلة التي يمثلها بين المستخدمين، لم يتعلق في المقام الأول برغبة الشركة في إنعاش المتصفح، ولو افترض البعض ذلك في بعض النسخ المحدثة منه. إلا أن السبب الرئيسي وراء هذه المماطلة يتعلق بالمحاذير الأمنية الرقمية في وضع حدّ لحياة المتصفّح، خاصة وأن البعض قد يستغل بعض الثغرات لاستغلالها لأغراض غير شرعية، خاصة في اختراق الأجهزة التي تعمل على نظام ويندوز، حتى دون أن يفعّل المستخدم المتصفح ويستخدمه.

الأرجح بنظر المختصين هو أن بقايا "جثة" إنترنت إكسبلورر ستظل تطفو حولنا عبر السنوات المقبلة

الأرجح بنظر المختصين هو أن بقايا "جثة" إنترنت إكسبلورر ستظل تطفو حولنا عبر السنوات المقبلة، ولو لم نلاحظ ذلك في محيط الإنترنت الشاسع. فالمتصفّح المستحدث عمليًا من العدم، نظرًا إلى كونه من أول المتصفحات العامة على الشبكة، يأبى الفناء الكامل.