14-مايو-2022

مئات آلاف المعتقلين من أقلية الإيغور المسلمة (أ.ب)

تمكّنت وكالة الصحافة الفرنسية "فرانس برس" من الاطلاع على ما وصفتها بقاعدة بيانات صينية مسرّبة، تضم بين ثناياها معلومات حول آلاف المعتقلين من أقلية الإيغور المسلمة، تشمل أسماءهم وقومياتهم والتُّهم الموجّهة إليهم وأماكن احتجازهم  منذ اختفائهم  وتغييبهم عن الأنظار في المعتقلات على خلفية الحملة التي قامت بها السلطات الصينية في إقليم شينجيانغ شمال غربي البلاد.

تمكّنت وكالة الصحافة الفرنسية "فرانس برس" من الاطلاع على ما وصفتها بقاعدة بيانات صينية مسرّبة، تضم بين ثناياها معلومات حول آلاف المعتقلين من أقلية الإيغور

هذا ويصل عدد المعتقلين من أقلية الإيغور حسب مصادر غير رسمية إلى أكثر من مليون إيغوري، معتقلون في شبكة سرية من مراكز الاعتقال والسجون والمعسكرات، في إطار ما تقول الحكومة الصينية إنها  حملة لمكافحة الإرهاب بعد وقوع عدد من الهجمات.

وأفادت فرانس برس في تقريرها المطوّل عن قاعدة البيانات التي حصلت عليها أن المعلومات عن حملة الاعتقالات في إقليم شينجيانغ وعن المعتقلين، تخضع لمراقبة صارمة من السلطات الشيوعية الصينية في بكين. وهو ما حرم الأهالي من التواصل مع ذويهم المعتقلين أو حتى الاستعلام عن أحوالهم لدى الشرطة.

وذكر تقرير فرانس برس من بين هؤلاء الفتاة نورسيمنغول عبد الرشيد التي تقيم حاليا في تركيا، والتي فقدت الاتصال بعائلتها قبل 5 سنوات. لكن قاعدة بيانات المعتقلين التي يعتقد أنها من وثائق الشرطة الصينية وسُربت لناشطين إيغور خارج الصين، كشفت أن شقيقها الأصغر ميميتيلي موجود في سجن بضواحي مدينة أكسو على بعد 600 كيلومتر عن منزل العائلة وقد حكم عليه بالسجن 15 سنة و11 شهرًا. وقد أكدت السفارة الصينية في أنقرة هذه العقوبة، مبررة ذلك بالقول إن شقيق نورسيمنغول ووالديها معتقلون بتُهَم تتعلق بالإرهاب، دون ذكر تفاصيل.

وفي تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية قالت الفتاة الإيغورية نورسيمنغول (33 عامًا) إن معرفة ذلك "أفضل بكثير من عدم معرفة أي شيء عن مكان وجوده. يشعرني هذا ببعض الارتياح". وأضافت "أحيانًا أستطلع حالة الطقس هناك لأعرف إن كان باردًا أو دافئًا".

قاعدة البيانات التي تحصّلت عليها وكالة الصحافة الفرنسية بشكل حصري أظهرت أن أكثر من 10 آلاف إيغوري من مقاطعة كوناشهير بإقليم شينجيانغ، بينهم أكثر من 100 من قرية نورسيمنغول، معتقلون في سجون. ولا يزال مكان أبويْ نورسيمنغول مجهولًا وكذلك مكان شقيقها الأكبر الذي يُعتقد أنه معتقل أيضًا، وتعرفت نورسيمنغول على أسماء 7 قرويين آخرين على قائمة المعتقلين، وجميعهم إما من أرباب الأعمال الصغيرة أو عمال المزارع واستبعدت أن تكون لهم صلة بالإرهاب. وقالت "عندما أنظر إلى القائمة أشعر وكأني لا أستطيع التنفس".

وتذكر القائمة المسربة اسم كل سجين وتاريخ ولادته وقوميته ورقم هويته والتهمة وعنوان الإقامة ومدة المحكومية والسجن. يشار إلى أن وكالة الصحافة الفرنسية ذكرت أنه لم يتسنَّ لها التحقق بشكل مستقل من صحة هذه القائمة، لكنها أجرت مقابلات مع 5 من الإيغور يقيمون خارج الصين تعرفوا على أشخاص من أقربائهم ومعارفهم وردت أسماؤهم في القائمة. وكانت القائمة بالنسبة لبعضهم أول معلومة أتيحت لهم بشأن أقربائهم منذ سنوات.

القائمة المسرّبة تكشف أن مئات اعتقلوا من كل بلدة وقرية، وفي أحيان كثيرة اعتقل عدد كبير من الأشخاص من العائلة نفسها. كما أظهرت قائمة أخرى مسربة أسماء 18 ألف إيغوري غالبيتهم من منطقتي كاشغر وأكسو، اعتقلوا بين 2008 و2015. والغالبية العظمى من هؤلاء وُجهت لهم اتهامات غامضة مرتبطة بالإرهاب.

من كل بيت معتقلون

وحول الاستراتيجية العشوائية في اعتقال الأشخاص، نقلت فرانس برس عن  المحاضر في مركز دراسات شرق آسيا في جامعة شيفيلد ببريطانيا ديفيد توبين قوله إن الإجراءات "ليست مكافحة إرهاب واضحة الهدف". مضيفًا القول إن السلطات الصينية "تتوجه إلى كل منزل وتأخذ عددًا من الأشخاص. إنها تظهر فعلًا أنهم يستهدفون مجتمعًا بشكل تعسفي ويفرقونه في أنحاء المنطقة". ويُسجن المستهدفون، حسب توبين، بناء على تُهَم فضفاضة مثل "حشد مجموعة لتعطيل النظام الاجتماعي" و"إثارة خلافات ومشاكل".

وتظهر البيانات الحكومية أن عددًا من الأشخاص الذين صدرت بحقهم أحكام في شينجيانغ ارتفع من قرابة 21 ألفًا في 2014 إلى ما يزيد على 133 ألفًا في 2018. وعدد كبير من الإيغور ممن لم توجه لهم أي اتهامات، أُرسلوا إلى ما يصفه ناشطون بمعسكرات اعتقال يقولون إنها منتشرة في أنحاء شينجيانغ.

وفي تلك المعسكرات التي تطلق عليها بكين "مراكز للتدريب المهني" وجدت حكومات أجنبية ومجموعات حقوقية أدلة على ما وصفته بالعمل القسري والتلقين السياسي والتعذيب والتعقيم القسري. وعلى هذا الأساس وصفت الولايات المتحدة ومشرعون في عدد من دول الغرب معاملة بكين للإيغور بأنها "إبادة".

هذا ومن المتوقع أن تقوم مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشليه بزيارة إلى الصين، تشمل حسب فرانس برس إقليم شينجيانغ هذا الشهر. لكن الناشطين يحذرون من أنه لن يسمح لها على الأرجح بإجراء تحقيق مستقل في الانتهاكات الصينية المفترضة.

الولايات المتحدة تضغط

وكانت وزارة الخارجية الأمريكية كشفت عن خطط لتعزيز الضغوط على الصين بسبب ما وصفته بـ"الانتهاكات المروعة" بحق الإيغور المسلمين والأقليات العرقية الأخرى في إقليم شينجيانغ. ويوم الجمعة تداولت وسائل إعلام أمريكية أخبارًا تفيد أن وزارة الخارجية الأمريكية أوضحت في تقرير للكونغرس وُصف بأنه "حساس ولكنه غير سري" كيف ستثير الولايات المتحدة هذه القضية للإعراب عن مخاوفها بشأن ما يتعرض له الإيغور الذين يواجهون ما وصفته الوزارة بأنها حملة "إبادة جماعية"، وهو اتهام نفته بكين مرارًا.

يصل عدد المعتقلين من أقلية الإيغور حسب مصادر غير رسمية إلى أكثر من مليون إيغوري، معتقلون في شبكة سرية من مراكز الاعتقال

وأفاد تقرير الخارجية الأمريكية أن الضغوط على الصين ستتم  مناقشتها أيضا خلال اجتماعات مع دول أخرى ومؤسسات متعددة الأطراف مثل مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى ومنظمات غير حكومية. كما أضاف التقرير أن "الحكومة الأمريكية ستكرس سلطاتها ومواردها بشكل كامل لمكافحة العمل القسري في شينجيانغ".