12-أغسطس-2018

لطالما خضعت "بي بي سي" في تغطيتها للقضية الفلسطينية، للمزاج الإسرائيلي (Getty)

خضعت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، مرة أخرى، للضغوط الإسرائيلية التي جاءت هذه المرة مسؤولين في دولة الاحتلال الإسرائيلي، لتجبرها على تعديل عنوان خبرها حول استشهاد أم وطفلتها في قطاع غزة، يوم الأربعاء الماضي، جرّاء القصف الإسرائيلي الذي أدى لاستشهاد ثلاثة فلسطينيين، وإصابة أكثر من 12 شخصًا آخرين.

مرة أخرى تخضع "بي بي سي" للضغوط الإسرائيلية المتدخلة في عملها، بتغيير عنوان خبر ليلائم المزاج الإسرائيلي

وكانت "بي بي سي" قد نشرت خبر استشهاد إيناس محمد خماش (23 عامًا) وطفلتها بيان محمد خماش (عام ونصف)، جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلهما في دير البلح وسط قطاع غزة، فيما يرقد رب الأسرة محمد خماش في المستشفى بحالة خطيرة.

اقرأ/ي أيضًا: "BBC".. ببغاء الثورات المضادة

إلا أن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية إيمانويل نخشون، هدد عبر تغريدة له على موقع تويتر قائلًا: "هذه شكوى رسمية من وزارة الخارجية الإسرائيلية. هذا العنوان هو تحريف متعمّد للواقع . حماس استهدفت الإسرائيليين والجيش الإسرائيلي تحرّك لحمايتهم. غيروا العنوان فورًا".

لم تتأخر "بي بي سي" في الاستجابة لـ"الغضبة الإسرائيلية" كما وصفتها القناة السابعة العبرية، فعدلت عنوان الخبر بعد ساعات قليلة ليصبح: "غارات على غزة تقتل امرأةً وطفلة بعد سقوط صواريخ على إسرائيل"، بعدما كان قبل التعديل: "غارات إسرائيلية تقتل امرأةً حاملًا وطفلة".

ويبدو أن "بي بي سي" عدلت عنوان الخبر مرتين، فعلى موقع تويتر، نشرت عنوانًا مختلفًا تمامًا، هو "غارات دامية في غزة بعد سقوط صواريخ على إسرائيل".

ويشير متابعون إلى أن وزارة الخارجية الإسرائيلية كثيرًا ما تعترض على وسائل إعلام دولية خلال تغطياتها للقضية الفلسطينية، لعدم رضاها عن طريقة العرض والمصطلحات المعتمدة من هذه الوسائل.

وكانت "بي بي سي" قد عدلت عنوانًا آخر في شهر تشرين الأول/أكتوبر من عام 2015، حول "عملية القدس"، فقد عنونت الخبر بـ"مقتل فلسطيني بإطلاق النار عليه بعد هجوم في القدس تسبب بمقتل اثنين". إلا أنها خضعت للاحتجاجات الإسرائيلية على مواقع التواصل الاجتماعي، فغيرت العنوان ليصبح: "مقتل إسرائيليين في القدس على يد فلسطيني"، لكن الاحتجاجات الإسرائيلية استمرت، ما اضطر الشبكة لتعديل آخر، ليصبح العنوان: "القدس: فلسطيني يقتل إسرائيليين في البلدة القديمة"!

وعلى إثر هذه الحادثة، وجه كل من رئيس المكتب الإعلامي الحكومي الإسرائيلي، والسفارة الإسرائيلية في لندن، احتجاجا لمكتب "بي بي سي" في إسرائيل، ما جعل الشبكة تعتبر عبر تصريح لها أن ما حصل هو نتيجة عمل محرر صغير في الهيئة، وأن هذه ليست سياستها. وجاء في التصريح: "لقد لاحظنا أن العنوان لا يعكس بالضبط الأحداث، ولذا فقد قمنا بتغييرها وفقًا للإجراءات المتبعة".

تكرّر الأمر قبل شهرين مع مذيع القناة البريطانية "أندرو مار"، وهو أشهر مذيعي "بي بي سي" على الإطلاق، بعدما كان قد اتهم إسرائيل بقتل الكثير من الأطفال في قطاع غزة. وكان مار قد شارك في حلقة خاصة تتحدث عن مجازر القتل باستخدام الكيماوي، التي ينتهجها الأسد في سوريا، وعند الحديث عن ضحايا الكيماوي من الأطفال والنساء، قال مار: "لا يحدث القتل فقط في سوريا، القوات الإسرائيلية تفعل ذلك أيضًا".

وبعد احتجاجات إسرائيلية على الأمر، وشكوى قدمت ضد مار، اعتبرت القناة أن ما جرى "تضليل للأحداث من قبل مار"، ووجهت له توبيخًا غير مسبوق حسب ما ذكرت صحيفة "إسرائيل هيوم" العبرية.

وفي مرة أخرى، تكرّر نهج تعديل العناوين الإخبارية، فعندما نشرت "بي بي سي" تقريرًا عن "قتل قلسطينيين في القدس بعد مقتل جندية إسرائيلية"، جاءت الاحتجاجات الإسرائيلية كالعادة، فعدلت الشبكة الخبر ليصبح: "مجندة إسرائيلية طُعنت حتى الموت".

وكانت منظمة "أصدقاء الأقصى" قد انتقدت هيئة الإذاعة البريطانية في شهر تشرين الأول/أكتوبر من عام 2015، "لعدم نقلها بالقدر الكافي، تصاعد الهجمات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في الأسابيع الأخيرة".

وأطلقت المنظمة -التي تنظم حملات دعم لفلسطين ومقرها بريطانيا- حملة عبر موقع التواصل الاجتماعي، انتقدت فيها "بي بي سي"، موجهة لها أسئلة استنكارية من قبيل: "لماذا تتغاضين عن رؤية المظالم المرتكبة في فلسطين؟ ولماذا لا تكتبين أخبارًا حول الاحتلال الإسرائيلي؟ هل تعلمين كم عدد القتلى الفلسطينيين خلال الشهر المنصرم؟".

وصرح المتحدث باسم المنظمة، صموئيل غاردير، بأن "إصابة إسرائيليية تكون خبرًا، لكن مقتل فلسطينيين لا يكون خبرًا!"، مشيرًا إلى أن حملة منظمته قد لاقت دعمًا كبيرًا في أوساط واسعة.

كذلك تعرضت "بي بي سي" انتقادات كبيرة، أهمها خروج تظاهرة من آلاف المعترضين على تغطيتها للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 2014. وقد سارت المظاهرة في شوارع العاصمة البريطانية لندن، وتوجهة صوب مقر "بي بي سي".

وسبق أن نشرت صحيفة الغارديان البريطانية، تقريرًا يصف تغطية "بي بي سي" للقضية الفلسطينية بـ"المضللة، بسبب تغليبها الحيادية على الموضوعية وكشف حقيقة الصراع العربي الإسرائيلي".

سبق وأن انتُقدت "بي بي سي" عدة مرات بسبب تغطيتها "المضللة" و"القاصرة" للقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي

وأضافت الصحيفة، بأن المواد الصحفية من "بي بي سي" التي تتناول القضية الفلسطينية تحديدًا، هي مواد "قاصرة ومضللة"، كما أشارت إلى أن تغطية "بي بي سي" لا تعكس حجم التحدّيات والممارسات الوحشية التي يعانيها الفلسطينيّون تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي. كما بيّن التقرير أن "بي بي سي" تحرص على انتقاء ألفاظ وعبارات تخرجها عن دائرة النقد، وهو ما قد يؤثّر بالطبع على مصداقيتها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

"بي بي سي" تضطر للكشف عن رواتب كبار موظفيها.. ارستقراطية بأموال الضرائب!

الرقيب الإسرائيلي الذي يطاردنا