12-ديسمبر-2017

متحف في كندا

الإبداع، لعلها الميزة الأكثر إثارة للاهتمام في عصرنا اليوم، والتي تجعل الفرد يحظى بكثير من التشويق والإنجاز بما يقوم به علاوة على التقدير والإعجاب من قبل الآخرين، إلا أن الكثير منا قد يعاني من تصحر وجفاف في توليد الأفكار الإبداعية بين الفينة والأخرى أو بشكل مستمر. لكن لحسن الحظ أن الإبداع هو ملكة يمكن تنميتها وتطويرها، من خلال التدريب والتعلم، شأنها شأن باقي المهارات الأخرى، ولأجل ذلك نقترح في هذا التقرير مجموعة من الخطوات البسيطة لنحسن من قدراتنا الإبداعية، التي يمكن أن نستغلها في مجال عملنا أو حياتنا اليومية.

لا يمكن أن نتقن الإبداع إذ لم نكن ندرك ماهية الأفكار الإبداعية وكيفية توليدها

1- استيعاب معنى الإبداع

لا يمكن أن نتقن الإبداع إذ لم نكن ندرك ماهية الأفكار الإبداعية وكيفية توليدها، فمهمة المبدع تتجاوز الاستنساخ وإعادة الإنتاج والاقتباس إلى الخلق فوق ركام الجاهز، وتوليد أفكار تتسم بالجدة والدقة والفاعلية، وتغلفها مسحة من الذوق الجمال.

 وهناك أربع استراتيجيات لإنتاج الأفكار الإبداعية، فإما تتم استعارة أفكار معينة من حقل معين وإسقاطها في مجال آخر، وكثيرًا ما يتم أخذها من الطبيعة نحو حياة الإنسان، أو من خلال دمج مجموعة أفكار موجودة مسبقًا مع بعضها البعض للحصول على صيغة جديدة، أو عبر تحوير فكرة جاهزة، عن طريق تعديلها بإزالة بعض جوانبها وإضافة أجزاء جديدة لها، للوصول إلى فكرة محورة عن الفكرة القبلية من أجل أن تتكيف مع وضع معين، أو يمكن ابتكارها من العدم وهي طريقة تحتاج إلى خلفية نظرية عمية حول الموضوع المعني.

اقرأ/ي أيضًا: اكتب روايتك الآن.. 7 مصادر لتعلم الكتابة الروائية

2- الانخراط في نقاشات مع الآخرين

من شأن الانخراط في حوارات مع أشخاص لهم خلفية اجتماعية أو مهنية مختلفة عنا أن يثري محصلتنا الإبداعية، إذ تنشأ الأفكار الإبداعية في كثير من الأحيان نتيجة تلاقح الأفكار المختلفة وتصادمها أو اقتباسها، ومن ثم فإن حسن الإنصات وإبقاء الذهن منفتحًا دومًا على الأفكار الجديدة يوفر للمرء فرصة للتفكير بطرق خلاقة.

لا يهم مناسبة النقاش، فقد تكون في جلسة مقهى أو خلال ملتقى ثقافي وربما على الشبكات الاجتماعية أو حتى الحوارات اليومية البسيطة.

3- ممارسة الفنون

تشع الفنون بالإبداع بطبيعتها، وممارسة أحد أشكال الفن بين الفينة والأخرى يجعلنا أكثر تهيؤًا للإبداع، قد يكون الاختيار الرسم أو التصميم أو التمثيل أو النحت أو الموسيقى أو الرقص. تكمن أهمية ممارسة الفن في حياتنا في قدرته على خلق نمط جديد من التفكير يتجاوز القواعد الصلبة التي تحكمنا عقليًا واجتماعيًا، إذ تتسم الفنون بالمرونة والجمال، كما أنها تمنحنا وقتًا للراحة والاستمتاع، الذي بدوره يساعد على شحذ ملكتنا الإبداعية.

4- التمشي

التمشي من وقت لآخر عادة إيجابية، فالمشي يخفف التوتر ويوفر فرصة مواتية للتفكير خارج الصندوق في المسائل التي تشغل بالنا، كما أنه يمنحنا بعض الوقت للخلو مع أنفسنا.

بالإضافة إلى ذلك يتيح التمشي للفرد الاطلاع على بيئات ثرية كالمساحات الطبيعية ومصادفة المواقف الاجتماعية المختلفة، مما يسمح استلهام بعض الأفكار الإبداعية من خلال الملاحظة الجيدة.

5- التمرن على حل المشكلات

لكي نصبح مبدعين علينا أن ندفع أنفسنا دفعا نحو الإبداع، وليس هناك طريقة أفضل من حل المشكلات، التي تتطلب حلولًا غير مألوفة.

حاول العثور على المشكلات التي تؤرقك في الحياة الشخصية أو العملية، وبعد تحديدها بدقة فكر بطرق مختلفة لإيجاد عدة مخارج لها، بحيث تتوصل في نهاية المطاف إلى الحل الأكثر فاعلية وسهولة، هكذا يتمرن المرء على استخدام قدراته الإبداعية في حياته اليومية.

6- التأمل

تخصيص وقت للتأمل أسبوعيًا يعود على حياتنا بكثير من الإلهام والإبداع، إذ يضع حدًا لتيار الحياة الذي يجرفنا يوميًا، مما يتيح لنا لحظات هادئة لإعادة التفكير فيما نقوم به وما نتخذه من قرارات.

 وينقسم التأمل إلى نوعين، تأمل خارج الذات عن طريق مراقبة الفضاء المفتوح، وتأمل داخل الذات نستشعر فيه دواخلنا وأفكارنا ومشاعرنا، وكلاهما مفيد لتعزيز الحس الإبداعي لدينا وتوليد أفكار جديدة.

7- العصف الذهني

يمكن أن يكون فرديًا أو جماعيًا، يقوم الفرد فيه بالتفكير في الموضوع المعني بطريقة شاملة دفعة واحدة، ثم تدوين كل ما يخطر في العقل من أفكار، بغض النظر عن صحتها أو جودتها، وبعد ذلك يمكن تحسينها وانتقاؤها.

 يركز أسلوب العصف الذهني على الكم وعدم إصدار الأحكام، حيث يكون الهدف هو جمع أكبر عدد من الأفكار المختلفة حول الموضوع، مهما كانت جامحة أو مخالفة للعموم، ومن خلال معالجة المادة الخامة المجمعة يمكن التوصل إلى حلول إبداعية.

8- السفر والرحلات

تسمح لنا الهجرة نحو بلدان أو مناطق أخرى بالتعرف على بيئات طبيعية واجتماعية مختلفة عن المحيط الذي نعيش فيه، وهو ما يزودنا بالذخيرة التي يتطلبها الإبداع والشجاعة اللازمة للخروج عن المألوف.

ينتعش الإبداع بصورة أكبر في البيئات الفطرية الطبيعية للإنسان، هناك يكتشف المرء ذاته ويتحرر من قيود الثقافة، مما يجعله أكثر استعدادًا للإبداع، توفر المجتمعات التي تحظى بقيم الحرية والفردانية والمساواة بين الأفراد بيئة مواتية لممارسة الإبداع، بدون خوف أو توجس من مخالفة القواعد الاجتماعية أو الثقافية أو السياسية.

من شأن الانخراط في حوارات مع أشخاص لهم خلفية اجتماعية أو مهنية مختلفة عنا أن يثري محصلتنا الإبداعية

اقرأ/ي أيضًا: وحش "الكلام الفارغ".. أو لماذا صرت أخاف من الكتابة

9- استعمال المذكرة

تأتي الأفكار الإبداعية أحيانًا على شكل ومضات خاطفة، وفي أوقات غير مناسبة، ولذلك فكثيرًا ما ينتهي المطاف بالعديد من أفكارنا المشوقة إلى سلة الإهمال والنسيان.

المذكرة الشخصية هي حل ناجع لهذه المشكلة، إذ تساعدنا على اقتناص الأفكار من خلال تدوينها، وبالتالي نضمن عدم تركها تذهب هباء، فبإمكاننا الرجوع إليها في أي وقت. 

اقرأ/ي أيضًا:

غاستون باشلار وفرناندو بيسوا.. حياة حالمة في سبيل الإبداع

إدوارد نورتون: قد يأتي الإبداع من الفوضى