11-ديسمبر-2018

معرض بيروت للكتاب 2018 (فيسبوك)

ألترا صوت - فريق التحرير

انطلقت في السادس من كانون الأول/ديسمبر الجاري فعاليّات الدورة الـ 62من "معرض بيروت الدوليّ للكتاب"، بمشاركة أكثر من 245 دار نشر عربية. عدد كهذا إن دلّ على شيء، فهو يدل أو يشير دون شك، إلى الحيرة التي سوف تلازم القارئ طوال زيارته للمعرض في اختيار العناوين المناسبة. حيرة تحصل كنتيجة طبيعية لسؤال مثل: "ماذا نقرأ؟". في هذه المقالة عناوين نقترحها لكم لعلّها تُساعد في عملية اختيار العناوين التي تناسبكم، أو ربّما قد تكون العناوين المرشّحة بوابة لعناوين أخرى تظهر مصادفةً.


1- قطارات تحت الحراسة المشدّدة

يقول الروائيّ التشيكيّ ميلان كونديرا عن رواية "قطارات تحت الحراسة المشدّدة" (منشورات المتوسط/ دار الفارابي 2017) لمواطنهِ الروائيّ بوهوميل هرابال: "هذه الرواية واحدة من أكثر التجسيدات أصالة لمدينة براغ السحرية، اتّحاد رائع بين الفكاهة الواقعية والخيال الباروكي... الذي يميّز هرابال هو قدرته على الفرح". مقولة كهذه من شأنها أن تُحدِّد ملامح ومعالم هذا العمل السرديّ الذي نقلهُ الشّاعر اللبنانيّ الراحل بسّام حجّار إلى اللغة العربية، وصدر للمرّة الأولى عام 1990 عن "دار الفارابي". يتحدّث النصّ الروائيّ الذي نهض، كعادة أعمال هرابال، على تفاصيل وأحداث يومية لمجموعة من البشر العاديين، عن صبيّ يُدعى ميلوش هرما، موظّف متمرّن على تنظيم حركة القطارات في محطّةٍ صغيرة في إحدى المقاطعات التشيكيّة القريبة من العاصمة براغ قبل نهاية الحرب العالمية الثانية. ميلوش هرما، ومن خلال سردهِ تفاصيل جملةٍ من علاقاته، كعلاقته مع واقعه ومُحيطه الملوّن بالقسوة والعنف، وعائلته، وحبيبته، وعمله، يصوّر للقارئ ببراعة وفكاهة وخفّة، عبثية الحرب الدائرة دون أن تكون حاضرةً في العمل بصورةٍ مُباشرة، وما يحلّ بضحاياها. يفعل ذلك أثناء مراقبتهِ للقطارات التي تمرّ، تحت الحراسة المُشدّدة، حاملةً مؤنًا وأسلحة لقوات الاحتلال الألمانيّ.

2- تنظيم الدولة المكنّى "داعش"

قبل عدّة أيام من الآن، صدر عن "المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السّياسات" كتاب تحت عنوان "تنظيم الدولة المكنّى "داعش"". جاء الكتاب الذي يحمل قدرًا كبيرًا من الأهمية في جزأين، حمل الأوّل العنوان الفرعيّ "إطار عام ومساهمة نقدية في فهم الظاهرة" من تأليف المفكّر العربيّ عزمي بشارة، بينما جاء الجزء الثاني حامًلا عنوان "التشكّل والخطاب والممارسة" (مجموعة مؤلّفين). في الجزء الأوّل، ينطلق عزمي بشارة من السؤال التالي: كيف نفهم ظاهرة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"؟ وبناءً عليه، يقدّم إجاباتٍ تنهض على التفسير والتحليل والنقد، قبل أن يتوجّه نحو نقد ما صدر وأُنجز من كُتب ودراسات حول فهم وتحليل هذه الظاهرة التي خفت حضورها الإعلاميّ والميدانيّ هذا العام. ثمّ يكمل مُحاولًا تحديد مفاهيم هذه الظاهرة، وأيضًا، التعرّف إلى الكيفية التي نشأت من خلالها، وتطوّرت. الجزء الثاني من الكتاب، يتناول عددًا من المسائل الضرورية لفهم ظاهرة "داعش"، كالنشأة والجذور وسياق الظهور في المجتمعات المحلّية. بالإضافة إلى خلفيات التنظيم وممارساته وانتشاره وتمويله، عراقيًا وسوريًا في آن معًا.

3- باريس عيد

يُقدّم الروائي الأمريكيّ إرنست همنغواي كتابه "باريس عيد – وليمة متنقّلة" (المركز الثقافي العربيّ، 2016)، ترجمة علي القاسمي؛ قائلًا: "للقارئ أن يعدّ هذا الكتاب من باب السرد الخيالي، إذا أراد ذلك. لكن ثمّة احتمال دائم أنّ هذا الكتاب السردي قد يُلقي ضوءًا كاشفًا على الحقيقة والواقع". هكذا، يكون همنغواي قد كوّن صورة تقريبية للقارئ عن هذا الكتاب الذي يسرد فيه أجزاءً من ذكرياته في مدينة باريس، عندما كان يعمل هناك مراسلًا صحفيًا في العشرينات. بهذا الشكل، يكون الكتاب أقرب إلى ما يُمكن تسميته بـ"سيرة ذاتية"، أو ربّما يُشكّل جزءًا من السيرة الذاتية الخاصّة بالروائي الراحل. همنغواي تحدّث في "باريس عيد" عن مدينة باريس التي تفحّصها بعين الروائي، فأخذ يسرد، بأسلوب ساخر وضاحك، ما تتميّز به مدينة الأنوار كما يراها هو تحديدًا، وكما اختبرها وعايشها بنفسه، من مطاعم وحانات ومقاه وفنادق ومكتبات، تمامًا كما لو كان يرسم صورة متكاملة وعميقة عن الحياة في مدينة باريس، مازجًا الواقع بالخيال.

4- بنت الخياطة

ما يقرأهُ القارئ في رواية "بنت الخياطة" (دار هاشيت أنطوان – نوفل، 2018) للكاتبة والشاعرة اللبنانية جمانة حداد، هو جملة من المآسي التي تأخذ الكاتبة على عاتقها مهمّة سردها بدءًا من بدايات القرن الحالي، انتهاءً بزماننا هذا. مأساة وراء أخرى، تصوّر صاحبة "الجنس الثالث" أحوال البشر آنذاك، وأهوال ما يكابدونه في ظلّ ظروفٍ كهذه، لا سيما المرأة التي تشغل الحيّز الأكبر من "بنت الخياطة"، والعنوان خير دليل على ذلك. إذ تتحدّث حداد عمّا تتعرّض له النساء في الأزمات الكبرى كالحروب وسواها، من قتل وتشريد واغتصاب وهجرات تقود كلها إلى تقويض ثقة المرء بنفسه، وأخذ حياته منحىً آخر بغير إرادته إطلاقًا. تمامًا كالهجرة الأرمنية إثر المذبحة التي تعرضوا لها. هنا، تصوّر جمانة حداد المأساة بمشاهد قد تكون بسيطة، ولكنّها مُحمّلة بأفكار وإشارات عدّة: نساء أرمنيات لا يجدن حليبًا في أثدائهنّ لإرضاع صغارهن، نساء أخريات يقبلن بالاغتصاب شرط ألّا يمسّ الجنود بناتهنّ، وأخريات يعملن بجهدٍ كمحاولة لكبح جماح الجوع والفقر المُتسلّط عليهنّ وعلى صغارهنّ بفعل الحرب.

في "بنت الخياطة"، تكتب حداد مأساة المرأة بصورةٍ مباشرة، في أزمنة وأمكنة وصورٍ مختلفة ومتعدّدة.

5- بريد الليل

في حوارٍ أٌجريَ معها، تقول الكاتبة والروائية اللبنانية هدى بركات مُتحدّثةً عن روايتها "بريد الليل" (دار الآداب، 2016): "في بريد الليل كل شخصية غريبة في البلد الموجودة فيه. كانت غريبة في بلدها، ومتّجهة إلى منطقة غريبة، وهي بدورها غريبة عن نفسها". هكذا تُحدِّد سلوك شخصيات عملها هذا من خلال استعراض أبرز الأزمات النفسية التي تُلاحقها. تتوزّع الرواية على خمس رسائل تبدو منفصلة لجهة اختلاف من يكتب، المُرسِل، ومن من المفترض أن يقرأ، المُرسَل إليه. ولكنّها أيضًا، في أماكن معيّنة، تبدو متّصلةً، ومن الممكن أن تُكمّل بعضها البعض، لجهة نهوضها كُلّها على وجع البشر والأزمات التي يختبرونها. على سبيل المثال، نقرأ في الرسالة الأولى التي يكتبها رجل إلى المرأة التي يُحب، حكايته، منذ أن أودعته أمّه القطار في صغره، وحتّى الزمن الذي يكتب فيه، ساردًا ما عايشه واختبره من فقرٍ مُدقع، وإقامات مختلفة وبائسة في غرفٍ معدومة، وحياة يُمضيها متخفّيًا خوفًا من القبض عليه لأنّه لا يملك أوراقًا بعد أن رفضت سفارة بلاده تجديد سفره. في الرسالة الثانية، تكتب امرأة إلى حبيبها مُستعيدةً ماضيهما معًا، والتفاصيل الدقيقة في أثناء انتظارها له في موعدٍ لن يأتي إليه، وهي تدرك ذلك جيدًا. في الرسالة الثالثة ابن يكتب لوالده، وفي الرسالة نقرأ ظروف اعتقاله وتعذيبه قبل أن يتحوّل هو الآخر إلى جلّاد ينزل عقابًا شديدًا بكلّ المعتقلين. وعلى هذا الأساس، تُكمل هدى بركات "بريد الليل" التي تصفهُ بالقول إنّه: "أقرب ما يكون لهذا اليأس من التواصل، وللكلام عن هذه الفترة التي تعيشها الإنسانية كلها، وليس نحن فقط".

6- الوصمة البشرية

في روايته "الوصمة البشرية" (دار المدى، 2018) التي صدرت في طبعتها العربية الثانية، يتناول الروائي الأمريكيّ فيليب روث المجتمع الأمريكيّ من عدّة زوايا تُشكّل أجزاءً مهمّة من صورة هذا المجتمع الذي يكشف روث في هذا العمل عيوبه، بدءًا من الحرب العالمية الثانية وصولًا إلى نهاية التسعينات. فيليب روث المُلقّب بـ"شيخ الرواية الأمريكية المُعاصرة"، يفعل ذلك من خلال سرد حكاية روائي شهير يُقرر اعتزال الحياة بعد اكتشافه إصابته بالسرطان، قبل أن تأخذ حياته منحىً آخر بمجرّد أن يدخلها أستاذ جامعيّ يُقصّ على الكاتب حكايته طالبًا منه كتابتها. الأستاذ الجامعي المدعو كولمان سيلك، يُخبر الروائي الشهير بقصّة تنكّره لعرقه الأسود، مستندًا على لون بشرته الفاتحة في عملية تنصّله من هويته العرقية، مُعتقدًا أنّه إذا ما فعل ذلك، وأظهر نفسه للمجتمع كواحد من أبناء البشرة البيضاء، مستندًا إلى لون بشرته الفاتحة، فإنّ ذلك سوف يسهّل من حياته بصورةٍ غير متوقّعة. ولكنّ ما حدث أنّ الأستاذ الجامعي وجد نفسه أمام لجنة قرّرت أن تحاكمه بتهمة العنصرية والإساءة إلى الأسود، مُفضّلًا هنا الاستقالة من عمله على كشفه لحقيقة هويته العرقية التي كانت سوف تنقذه.

7- حياة كاملة

البرد، البرد هو كلّ ما يجدهُ القارئ أمامه في رواية "حياة كاملة" (دار التنوير، 2017) ترجمة ليندا حسين، للكاتب والروائي النمساويّ روبرت زيتالر. ولكن، دون شك، لا يُذكر "البرد" هنا بمعناه المعروف إطلاقًا، وإنّما برد من نوعٍ آخر، لا يتشابه مع ذلك الذي نعرفهُ سوى في أنّ الاثنين معًا قادران على نخر كلّ شيء واختراقه. زيتالر في روايته هذه التي وصلت إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر الدولية سنة 2016، يأخذ القارئ إلى قرية نمساوية نائية في جبال الألب، حيث لا شيء أيضًا سوى البرد. هناك، نتعرّف إلى رجل يُدعى أندرياس إيجر، يُراقب بحزنٍ التحوّلات الغريبة التي تطرأ على القرية، وتغيّر من معالمها وأنماط الحياة المعينة التي يعيش سكّان القرية وفقًا لها، بعيدًا عن التعقيد. وأوّل تلك التغيّرات التي تشوّه القرية، هي الحداثة التي جاءت على شكل مشروع بناء "تلفريك" يبدّد سكونها. وما تعيشه القرية، يدفع أندرياس، أو يرسله نحو الحزن العميق، واستعادة ماضيه الذي يحكمه الأسى والعنف الجسدي.

8- مهنة العيش

أوّل ما يتبادر إلى ذهن المرء عند ذكر الشاعر والروائي الإيطاليّ تشيرازي بافيزي، هو أنّه أنهى حياته منتحرًا. "لا كلمات. حركة. لن أكتب بعد الآن". هذه الجملة هي السطر الأخير من الصفحة الأخيرة من مذكّرات بافيزي التي صدرت باللغة العربية سنة 2016 تحت عنوان "مهنة العيش" (دار المدى/ ترجمة عباس المفرجي). وهي أيضًا آخر ما كتبه صاحب "الصيف الجميل" قبل أن يغادر عالمنا، تاركًا خلفه مذكّرات قد تُجيب على سؤال مثل: "لماذا فعل ذلك؟". في هذا الكتاب، يدوّن بافيزي عددًا من تجاربه المتعدّدة، مُركّزًا بصورةٍ واضحة على التجربة الأكثر صعوبةً، أو المهنة الشّاقة كما دأب على الإشارة في مذكّراته، وهي مهنة العيش كما يُسمّيها. ومن خلال هذا الكتاب أيضًا، نعرف أيضًا أنّ بافيزي تعرّض للاعتقال على يد الفاشيين الإيطاليين، وعاش تجارب عاطفية كثيرة باءت بالفشل. عدا عن متلازمة الشكّ فيما يكتبهُ، وحصوله على تقديرٍ يراه أقل مما يستحقّ فعلًا. عوامل خلقت حياة مضطّربة نتج عنها سيرة مضطّربة، ومحاولات انتحار كثيرة، ذلك أنّ من كتب "الرفيق" يقول: أعرف أنني محكوم إلى الأبد بفكرة الانتحار".

 

اقرأ/ي أيضًا:

ما الذي نعرفه عن الغجر؟ 5 كتب تجيب عن ذلك

4 كتب لا بدّ منها حول الحرية