21-يونيو-2016

المرشد العام لجماعة الإخوان محمد بديع في قفص المحاكمة (الأناضول)

هل لدى النظام في مصر شروط للمصالحة مع "الإخوان"؟.. هل اقتربت ساعة "الصفر" لنهاية الخلاف؟.. الإجابة ربما تعيدك إلى السؤال العبثي التاريخي "كل ده كان ليه؟!". في سيناريو المصالحة القادم بقوة معلومات وشخصيات، أبطال و"كومبارس"، دخلوا على الخط، وسبعة منهم سيتحمّلون المسؤولية أمام التاريخ.

تقارير صحافية أكدت أن أسامة الأزهري يدرِّب "الإخوان" على التبرؤ من بيعة الجماعة، ويشارك سرًا في المراجعات الفكرية للشباب قبل إعلان المصالحة

اقرأ/ي أيضًا: مصر.. أحاديث المصالحة مرة أخرى

1 ـ مجدي العجاتي

كان سؤال المصالحة على مائدة المستشار مجدي العجاتي، وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب، والإجابة جاهزة و"ساخنة" تدفع مراكز القوى في القاهرة إلى صراع داخلي، واختلافات بشكل واسع، لم تشهدها الساحة السياسية منذ "30 يونيو"، قال العجاتي إن "هناك مصالحة مع "الإخوان" من غير المتورِّطين في الدماء ستجري يومًا ما، وإن هذا اليوم قريب".

وأجاب على سيل أسئلة عصف به: "هذا ليس رأيي الشخصي، لم أقل شيئًا جديدًا ومن يعترض على كلامي، عليه أن يقرأ الدستور". وما كان منه إلا أن ربط المصالحة بمواد الدستور: "ملتزمون بإقرار المصالحة الوطنية بين فئات الشعب بشرط ألا تكون أيديهم قد تلوَّثت بالدماء، أو نسبت إليهم أفعال إجرامية". وردًا على النواب، الذين يحملون موقفًا مسبقًا من "المصالحة" وانتقدوا تصريحات الوزير، قال: "إذا كانت هناك فئة تعارض ذلك، فهذا شأنهم، ولكننا كحكومة ملتزمون بتطبيق نصوص الدستور". لكن متى؟

الإجابة كانت أن "الوزارة تضع اللمسات النهائية على مشروع قانون العدالة الانتقالية، المقرر إصداره قبل نهاية دور الانعقاد الأول للبرلمان وفقًا للدستور، ويتضمن عدة مبادئ لها علاقة بالمصالحة الوطنية تبدأ بكشف الحقيقة والمحاسبة وتعويض الضحايا".

2 ـ أسامة الأزهري

أسامة الأزهري، تلميذ المفتي السابق، علي جمعة، عضو مجلس النواب المعيّن، ومستشار الرئيس عبد الفتاح السيسي للشؤون الدينية، وجد هو الآخر دورًا رئيسيا في سيناريو المصالحة. فالأزهري الذي لا يجد حرجًا في قربه من القصر، اعترف في أكثر من مناسبة بأنه يتجول في السجون، ليقدم محاضرات دورية ومتكررة للمساجين، يتلقى منهم طقوس الاعتراف، ويساعدهم على التوبة، لكن لم يقل أي توبة تلك التي يقصدها؟

تقارير صحافية أكدت أنه يدرِّب "الإخوان" على التبرؤ من بيعة الجماعة، ويشارك سرًا في "إقرارات التوبة" والمراجعات الفكرية للشباب قبل إعلان المصالحة.  لكن  الأزهري لم يرد أن يرتبط اسمه بشكل واضح بالمصالحة، وردّ على هذه التقارير في بيان رسميّ قال فيه : "المحاضرات التي ألقيها داخل السجون في إطار التعاون الدائم بين وزارة الداخلية والمؤسسات الدينية لحثّ السجناء على الانضباط والإصلاح والتهذيب وإسداء النصح سواء داخل السجن أو خارجه عندما يخرجون للمشاركة في بناء وطننا الغالي بإيجابية تجاه المجتمع، وهو تقليد معمول به في كل بلاد العالم وليست مصر فقط".

وأضاف: "إن اللقاءات جاءت بمناسبة دخول شهر رمضان المعظم لإعادة تأهيل النفس وجدانيًا ومعرفيًا وأخلاقيًا".

3 ـ صفوت عبد الغني

لكن رغم نفي الأزهر، فـ"لا دخان دون نار"، هذا المثل المصري ينطبق على حالة أسامة الأزهري، الذي تمّ اختياره بعناية لهذا الدور، تصريحات الأزهري تثبت التقارير أكثر مما تنفيها.

 وفي مكان آخر، هناك، وراء أسوار "العقرب" و"أبو زعبل"، يتشكَّل بنعومة قرار سياسي داخل السجون لدى "الإخوان" أنفسهم. هنا، يمكن التوقف عند صفوت عبد الغني، قيادي الجماعة الإسلامية، الذي كان وسيط "القيادات المحبوسة".

فقبل أشهر، فوجئ مساجين الجماعة بحركة غير عادية داخل السجون، الضغوط النفسيّة بدت أقل، الراحة أكثر، المعاملة أفضل، القيادات استفتوا الأعضاء: "هل تؤيدون المصالحة أم لا؟" دون الكشف عن خبايا السؤال، وهو ما يشير إلى أنّ الأيام القادمة ستحمل أخبارًا "أفضل".

وبالفعل، وفقًا لمصادر، حقَّق الضباط مع أعضاء الجماعة، المحبوسين على ذمة قضايا، وكان السؤال واضحًا: "هل تؤيدون داعش أم لا؟". بدا، خلال التحقيقات، أن أي تهمة دون تأييد "داعش" و"أصدقائها"، هيّنة، وأكد ذلك الوعد الذي تلقوه بالإفراج عن دفعة جديدة منهم.

بعد هذا اليوم تحديدًا، انقلب السجن وأعيد ترتيب "عنابره" وزنازينه، وعادت محاضرات إقرارات التوبة، التي يقال، كما سبق، إن بطلها الأول أسامة الأزهري، إلى قاعات "أبو زعبل" و"العقرب"، وتمّ تصنيف المساجين وفقًا للخطورة والأهمية إلى أ وب وج، وفصل التائبين والمنشقين عن عناصر "الإخوان.

وتحت إشراف مشايخ، لم يذكر أسماؤهم، وزَّعت السجون كتبًا ودراسات ومراجعات فكرية من حقبة التسعينيات، وتم الاتفاق على مواضيع ومواعيد ندوات جديدة مناسبة للمرحلة.

من هنا، قدّم قادة الجماعة الإسلامية، التي اتخذت ميدان النهضة مقرًا خلال أيام اعتصام "رابعة العدوية"، 100 اسم طالبوا بالإفراج عنهم، ومن بينهم حسن الغرباوي، وصفوت عبد الغني، ولإثبات حسن النية، التي تريدها جميع الأطراف الآن، دفع النظام إلى الإفراج عن بعضهم بالفعل.

اقرأ/ي أيضًا: مصر.. ثعابين في زنازين المعتقلات

4 ـ علي عبد العال

حين طرح وسطاء المصالحة مع الإخوان لم يكن لدى نظام "السيسي" حرجًا في أن يعلن الموافقة ولكن بشروط، والشروط سيحددها البرلمان!

لدى النظام الحالي خطة نفسيّة في التعامل مع سجناء الجماعات الإسلامية للخروج من الأزمة، ودون الدخول في تفاصيل.. يمكن القفز إلى النتائج. حين طرح وسطاء المصالحة مع الإخوان على الطرفين لم يكن لدى نظام "السيسي" حرجًا في أن يعلن موقفه بالموافقة ولكن بشروط، والشروط سيحددها البرلمان بعد إقرار قانون العدالة الانتقالية.

التسريبات الواردة من البرلمان تقول إن علي عبد العال سيقرّ "المصالحة" بـ5 شروط: "الاعتراف بالأخطاء والاعتذار وإدانة العمليات الإرهابية وتقديم مراجعات فقهية وفكرية وعدم التورط في العنف".

على الجانب الآخر، انشقّ الإخوان إلى فريقين: جبهة محمود عزت، الملقّبة من جانب خصومها داخل الجماعة ب"شلة العواجيز"،، وجبهة عضو مكتب الإرشاد محمد كمال، الأقرب للشباب الحركي، وأخذ الصراع بين الجناحين يغطي كافة تحركات الجماعة، ولا تزال المعركة دائرة بين الفريقين في إسطنبول ولندن وبرلين بسلاح الفضائح المالية، والاختلاس من ميزانية القنوات والصحف والفضائيات، التي جهزوها لتكون منصات صواريخ الجماعة الجديدة. وكان السبب الأول والأهم في هذه المعركة هو موقف الطرفين من المصالحة.

بالنسبة إلى فريق "عزت"، يرى الفريق أن الجماعة قد خسرت الجولة بالفعل، وأنه يجب عليهم الإذعان لشروط الواقع الجديدة وتخفيف الضغط على الجماعة وأعضائها قدر الإمكان، حتى ولو كان بمصالحة ستعني تسليمهم بشرعية السلطة. أما بالنسبة إلى فريق الشباب، الذي وضع نفسه تحت إمرة محمد كمال، فهو يرفع شعارات " لا تفاوض مع الدم" ويؤيد الاستمرار في الصدام مع النظام حتى النهاية.

5 ـ محمود عزت

صباح 18 حزيران/يونيو الجاري، ومع أولى لحظات دخول المصالحة مع الإخوان مرحلة الترتيبات قبل الأخيرة، تداول بعض أعضاء جماعة الإخوان المؤيدين لجناح محمد كمال، ما قالوا أنه وثيقة داخلية يمهد بها جناح عزت للمصالحة.

الوثيقة، لم تتحدث تحديدًا عن المصالحة، ولكن كان تركيزها الأكبر على نقد العنف ومن لجئوا إليه من داخل الجماعة، وآثار ذلك السلبية على الجماعة وشعبيتها، كما ذكرت الوثيقة أن هناك تراجعًا ملحوظًا في الحراك ضد السلطة منذ العام الماضي.

يقدم "عزت"، المعروف في أوساط الجماعة بـ"الناب الأزرق"، نفسه خلال إجراءات المصالحة كـ"حمامة سلام" باعتباره "الوحيد" الذي يرفض العنف، ويحاول حقن الدماء، لأن سياسة العنف فشلت ولا بدّ من مسار آخر، وهو الطريق الذي ذهب إليه إبراهيم منير، القيادي بالجماعة في الخارج، خلال كلمته بمجلس العموم البريطاني، حيث اتهم الشباب والجماعة الإسلامية بـ"إثارة لعبة الضرب بالنار دائمًا". وهو العرض الذي ربما يتم تجهيز الأرض له في القاهرة، وإن كان لا يزال هناك رفض له من جانب بعض مؤيدي النظام الأكثر حماسة.

يقول سامح عيد، خبير شؤون الجماعات الإسلامية، إن "تمرير مصطلح المصالحة مع الإخوان اعتراف بالجماعة، ووجودها، وهو ما يتعارض مع اتجاه الدولة لشيطنة الجماعة أغلب الوقت، وتحميلها كل العنف الذي يجري في سيناء والقاهرة والمحافظات". وأكد وفقًا لمصادره الخاصة: "قواعد الإخوان لن ترضى عن المصالحة، وربما تتجه لمزيد من الدماء لأنهم سيعتبرونها مصالحة على الدم".

6 ـ محمد كمال

المعسكر الرافض لحديث المصالحة أغلبه شباب فضَّل الخروج من مصر بعد فضّ "رابعة"، متشبعًا بذكريات دموية من الاعتصام يريد الثأر لها

المعسكر الرافض لحديث المصالحة أغلبه شباب فضَّل الخروج من مصر بعد فضّ "رابعة"، متشبعًا بذكريات دموية من الاعتصام يريد ردّها، يومًا ما، على الأرض.

استلم عز الدين دويدار، وهومخرج مصري خارج البلاد وأحد المتحمسين لجناح محمد كمال داخل الإخوان، أطراف المبادرة مبكرًا، وأطلق هاشتاج "#مصالحة_على_الدم" على "تويتر" و"فيسبوك"، وكشف عن انتخاب مجلس شورى جديد لـ"إخوان إسطنبول" بعد عقد اجتماع جمعية عمومية.

ولخَّص "دويدار"، ممثلًا "إخوان إسطنبول"، التابعين لجبهة "كمال"، أسباب الرفض ونقاط الاختلاف بين جبهتيْ الإخوان في أنه هناك توافق على تجاهل المحبوسين في قضايا العنف، وهم أكثر من نصف مساجين الإخوان، وغلق "باب القصاص".

7 ـ الملك سلمان

ما الذي جرى في الغرف المغلقة؟ السؤال بصيغة أدق.. كيف دفعت الاتصالات الدولية "السيسي" إلى المصالحة؟ لا إجابة دقيقة دون تتبع مسيرة "المصالحة" في أوقاتها المبكرة.

في 31 تموز/يوليو 2015، قال الدكتور محمد غنيم، مستشار الرئيس السيسي، إن المصالحة الوطنية مع "الإخوان" ستأتي في وقت ما، ولكن بشرط وقف العنف، والاعتذار للشعب المصري. وكشف تصوّره، ليس شخصيًا تمامًا، عن العودة: "على الإخوان الاختيار بين العمل في السياسة أو الدعوة، إنما الاثنان معًا فلا". وعن آلية المصالحة، قال: "الدستور يتيح للحكومة والبرلمان المقبل أن يسن قانون المصالحة المجتمعية".

في وقت لاحق، خرج "السيسي" بتصريح يقول فيه: "إن جماعة الإخوان المسلمين جزء من الشعب المصري، وإن الشعب هو من يقرر طبيعة الدور الذي يمكن أن تلعبه الجماعة في المستقبل، وإن المئات من الذين حكم عليهم بالإعدام لن تنفذ فيهم الأحكام نتيجة ظروف التقاضي في مصر، وسيتم إعادتها بسبب الأحكام الغيابية التي صدرت ضدهم أو بسبب درجات التقاضي".

تكشف التصريحات أن نية المصالحة مع الإخوان مبيّتة، والنظام المصريّ يريد إنعاش علاقته بالجماعة، ولذلك قرر اتباع لهجة هادئة تجاه أعضائها استجابة لضغوط إقليمية ودولية، وهو ما يفسّر قول "السيسي" إن "المشكلة بين الإخوان والشعب، وليس النظام".

وهناك ضغوط خليجية على مصر للانتهاء من إجراءات التصالح مع الإخوان، ومن بينها ضغط سعودي قبل زيارة الملك سلمان بقليل، خاصة مع تخفيف التوتر في علاقات الجماعة بالمملكة بوفاة الملك عبد الله، ومشاركة إخوان اليمن/الإصلاح لها في عاصفة الحزم ضد إيران.

وكانت سلسلة المصالحات المصرية، بمباركة سعودية، بدأت بزيارات "حماس"، حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية، إلى القاهرة، وتصحيح مسار العلاقات عبر عدّة اجتماعات مع جهات سيادية مصرية.

اقرأ/ي أيضًا:

"المصالحة الوطنية" في العراق

تونس.. رؤية في قانون المصالحة