28-سبتمبر-2019

شخصت حالة "قفلة الكاتب" أول مرة عام 1947 (ليونيد باسترناك)

عادة ما يواجه الكُتاب كثير من المشكلات المتعلقة بالكتابة، أبرزها، وأكثرها تسببًا في قلق الكاتب، هي ما تعرف بـ"قفلة الكاتب" أو "Writer's Block". تلك الحالة التي تصيب الكاتب بالعجز عن إيجاد أو توليد أفكار جديدة، تم تشخصيها لأول مرة عام 1947 على يد المحلل النفسي إدموند برغلر.

يقول المثل: "لا يفل الحديد إلا الحديد"، وهكذا الكتابة نفسها من أهم الحلول التي قد يلجأ إليها الكاتب عند عدم قدرته عليها!

وتتعدد أسباب قفلة الكاتب، فثمة أسباب نفسية وأخرى عصبية، وغير ذلك. لكن النتيجة واحدة في النهاية: ورقة بيضاء فارغة، وإبداع مقموع بلا إرادة من الكاتب. وبالنسبة لمن يعملون في الكتابة، خاصة الذين يقتاتون منها، يعتبر الأمر مرعبًا، إذ يمكن أن يضيع عمله بسبب حالة قفلة الكتابة هذه.

اقرأ/ي أيضًا: إيلينا فيرانتي: "الكتابة موجودة دائمًا.. ملحّة دائمًا"

وإذا كان أصحاب المهن الأخرى، قد يعانون في بعض الأوقات من شعور بعدم القدرة على العمل، ناجمٍ عن الإرهاق والمجهود الكبير، فإنهم قادرون على العودة لأعمالهم مباشرة إذا استلزم الأمر.

لكن بالنسبة للكاتب، خاصةً الكاتب الإبداعي، تكون مهمة العودة للعمل في ظل حالة قفلة الكتابة، أمرًا صعبًا، فلن تأتي الفكرة الإبداعية موضوع الكتابة، إذا لم يكن العقل راغبًا في ذلك، وهذا ما تفعله قفلة الكتابة.

لكن، مع ذلك، هناك بعض الحلول الممكنة لتجاوز عقبة قفلة الكتابة هذه، نستعرض فيما يلي ستة من هذه الحلول:

1. الكتابة

يقول المثل: "لا يفل الحديد إلا الحديد"، وهكذا الكتابة نفسها من أهم الحلول التي قد يلجأ إليها الكاتب عند عدم قدرته عليها! فبعيدًا عن الحديث عن الوحي والإلهام، الجلوس إلى الورقة والقلم، هو التمرين الأهم فيما يخص الكتابة.

نجيب محفوظ
كان نجيب نحفوظ يكتب ست ساعات كروتين يومي

 كان الأديب المصري نجيب محفوظ، يمارس الكتابة يوميًا كحرفة لمدة ست ساعات، ما عدا يومي الخميس والجمعة، باعتبارهما أجازة. حتى وإن لم يكتب ما يرضيه، إلا أنه اعتاد هذا الروتين، حتى صار جزءًا من نظام حياته.

2. القراءة

لا يستطيع النحل إنتاج العسل دون أن يمتص رحيق الأزهار، وعلى نفس المنوال: لا يمكن للكاتب الكتابة بدون القراءة، فهي المنبع الرئيسي لكل الأفكار، والطريق الأسهل لتحسين اللغة وتطوير الأدوات.

عندما سئل الكاتب المصري بلال فضل: ما نصيحتك لمن يطمح أن يكون كاتبًا؟ فأجاب: "إذا كانت هناك نصيحة يجب أن أقولها، فهي أن يقرأ كل منهم 10 أضعاف ما يكتب على الأقل".

3. تغيير المكان

الجلوس في نفس المكان للكتابة، قد يكون أمرًا مملًا لدرجة قد تمثل عبئًا على نفس الكاتب. لذا يُنصح بتغيير المكان، خاصة في حالات قفلة الكتابة.

الكتابة
تغيير المكان قد يكون أمرًا مفيدًا لتجاوز "قفلة الكاتب"

بعض الكتاب لا يكتفي بتغيير مكان الجلوس للكتابة، بل يغير المدينة كلها، فبالنسبة لبعض الكتاب هناك مدن ملهمة للكتاب، مثل الإسكندرية في مصر، التي لجأ ويلجأ إليها كثير من الكتاب لتجاوز قفلة الكتابة.

ولا يمكن الحديث عن تغيير أماكن الكتابة دون ذكر المقاهي، فوجوه العابرين وأحاديثهم وحكاياتهم، مصادر إبداع لا تنضب.

4. مشاهدة الأفلام

مشاهدة الأفلام من باب البحث عن الحكايات، فالسينما في المقام الأول طريقة لسرد حكاية ما، فكل فيلم هو حكاية مصورة. لذا قد تكون مشاهدة الأفلام عاملًا مساعدًا على تجاوز قفلة الكتابة بالإيحاء المشاعري والإبداعي.

5. الحديث مع الآخرين

الحديث مع الأصدقاء والمقربين يساعد على تحفيز العقل، والاستماع لرأي هذا، والأخذ بوجهة نظر ذاك، هو أمر يدفع للتفكير دائمًا، فلكل منا حكايته الخاصة التي يحتاج أن يرويها لمن يرى أنه محل ثقة لذلك.

المقهى
التحدث إلى الآخرين وسماع حكاياتهم، قد يكون مفيدًا أيضًا في تجاوز قفلة الكاتب

أما عن الأكثر إلهامًا، فهو الحديث مع الغرباء. دائمًا ما تكون حكايات الغرباء أكثر إلهامًا وجاذبية لأنها أكثر مفاجئة بالنسبة إلينا من حكايات المعارف والأصدقاء.

كل فيلم هو حكاية مصورة. لذا قد تكون مشاهدة الأفلام عاملًا مساعدًا على تجاوز قفلة الكتابة بالإيحاء المشاعري والإبداعي

6. الموسيقى

الموسيقى مصدر إلهام متعدد الأوجه، من بين هذه الأوجه إلهام الكاتب الذي يعاني "قفلة الكاتب". لذا، فاللجوء للموسيقى لاستدعاء الإلهام، هو في الكثير من الأحيان كل ناجح.

 

اقرأ/ي أيضًا:

وحش "الكلام الفارغ".. أو لماذا صرت أخاف من الكتابة

فرانز كافكا: هل يساعدنا الأرق على الكتابة؟