02-يناير-2018

تمام عزام/ سوريا

شهدت السنة الفائتة زخمًا سوريًا لافتًا في مجال الإصدارات الروائية، ويبدو أنه زخم آخذ في التصاعد والنمو، لا سيما مع تحوّل عدد كبير من الصحافيين والشعراء السوريين إلى كتابة السرد الروائي. نعرض لكم في هذا المقال 5 من أبرز الأعمال الروائيّة التي صدرت تباعًا في مواسم 2017.


1. عمت صباحًا أيتها الحرب.. الاتكاء على الموتى

أقامت الروائيّة مها الحسن روايتها "عُمتِ صباحًا أيتها الحرب" (منشورات المتوسط 2017)؛ على فكرة الانقسام، مُتّخذةً من العائلة نموذجًا يتوسّع تدريجيًا داخل الرواية لُيعبّر عن الانقسام الحاصل في وطنها، وذلك من خلال سردها لسيرة العائلة في ظلّ الحرب؛ سيرة مليئة بحكاياتٍ مُختلفة لكلّ فردٍ من أفرادها، بدءًا من الأخ الكبير الذي يصطفُّ في معسكر النظام، والأخوات الواقفات على النقيض من شقيقهنّ، والأخ الصغير التائه بين كلّ ذلك، والساعي إلى الهجرة نحو الدول الأوروبيّة بحثًا عن حياة أفضل، وانتهاءً بالأم التي تقول مها حسن إنّها تُساندها في السرد.

تفرد الكاتبة مساحاتٍ واسعةٍ في روايتها لتسليط الضوء على قضايا عدّة طرأت على المجتمع السوريّ بعد الثورة، ولعلّ أبرزها قضيّة اللجوء بحثًا عن حياة أكثر أمنًا، أو على الأقل هربًا من الموت. وفي هذا السياق، ترصد مها حياة اللاجئين السوريين في المخيمات التركيّة، فضلًا على حديثها عن صعوبات رحلة اللجوء ومتاعبها، قبل أن تنتقل للحديث عن الثورة السوريّة ومتغيّراتها بطريقةٍ نقديّة، وتأثير الفساد الذي ظهر في بعض مؤسّساتها على الثورة والمواطنين معًا.

عمت صباحًا أيتها الحرب

2. بيت حُدُد.. فظائع الاستبداد 

يقدّم الكاتب السوريّ فادي عزّام في "بيت حُدُد" (دار الآداب، 2017) روايةً مليئةً بالحكايات، وذلك من خلال شخصيّاتها المتعدِّدة، والتي تدور جميعها في أمكنة وأزمنة واحدة، ما يمنحهُ، ومن خلال  تجارب تلك الشخصيّات، قدرةً أكبر على استعراض تلك المراحل الزمنيّة وأحداثها من وجهات نظرٍ مختلفة، سياسيّةً كانت أو اجتماعيّة.

تُجسّد الرواية واقع المجتمع السوريّ في مراحل زمنيّة مختلفة، وتستعرض ممارسات النظام القمعيّة ضدّ الإنسان والمكان معًا؛ ضدّ المكان من خلال "بيت حُدُد" الذي يعدُّ واحدًا من المعالم الأثريّة والوطنيّة في مدينة دمشق، قبل أن يصير هدفًا لرجال أعمال النظام الذين عملوا على طمس وتهميش معالم المدينة وتحويلها إلى مطاعم وفنادق؛ وضدّ الإنسان من خلال شخصيّات الرواية التي تحمل كلّ منها حكايةً مختلفةً عن تجربتها مع النظام وقمعه.

يعمل فادي عزّام في روايته أيضًا على توضيح العلاقة القائمة بين رجال الأعمال ورجال الأمن في سوريا، قبل أن ينتقل للحديث عن الثورة السوريّة وما حملتهُ من متغيّرات سياسيّة واجتماعيّة، فضلًا عن شبكات تجارة الأعضاء التي يُديرها النظام، وظهور التنظيمات المتشدّدة، ورصد الحياة اليوميّة للسوريين في ظلّ الحرب.

بيت حُدُد

3. المشاءة.. السير في الخراب

تأخذ الحرب السوريّة في رواية سمر يزبك "المشّاءة" (دار الآداب، 2017) شكلًا مختلفًا عن ذلك الذي عرفناه في عمليها السابقتين "تقاطع نيران" و"بوابات أرض العدم"، إذ أنّ الحرب في هذه الرواية تُروى من منظور طفلة بكماء يعتقد محيطها أنّها مُختلةٌ عقليًا، غير أنّها تبدو ناضجةً ومدركةً لحقيقة ما يدور حولها، حيث إنّ الحرب وما خلّفته من آثار عملت على إنضاجها مبكّرًا.

الطفلة في رواية يزبك تواجه صعوبةً في النطق، فضلًا عمّا تُعانيه من مشاكل نفسيّة، وامتلاكها رغبة دائمة في السير دون توقف، ما دفع والدتها لتقييدها إلى معصمها للحدِّ من سيرها وتفاديًا لضياعِها، بيدَ أن ذلك لم يُجدي نفعًا، حيث تمكّنت الفتاة من الإفلات من والدتها عند حاجزٍ للجيش، والسير دون الالتفات إلى الجنود الذين طلبوا منها العودة، قبل أن يقتلوا والدتها التي لحقت بها لإعادتها، وتسليمها بعد ذلك إلى شقيقها الذي فرّ بها إلى الغوطة الشرقيّة، حيث عايشت هناك الحرب والموت والقصف وأخيرًا مجزرة الكيماوي التي نجت منها.

تُسهب الطفلة في الحديث عن حالة الخراب والدمار من منظورها الخاص، ووصف الأشلاء والجثث بواقعيّة، ومن ثمّ اختفاء شقيقها بعد أن أوصى رفيقه بها، والذي قيّدها داخل قبو دون طعام واختفى أيضًا.

المشاءة

4. لا ماء يرويها.. عطش الجنوب

سلكت الروائيّة نجاة عبد الصمد في روايتها "لا ماء يرويها" (منشورات ضفاف والاختلاف، 2017) طريقًا مختلفًا عن ذلك الذي سلكهُ جلّ الروائيين السوريين، والمتمثّل في الكتابة عن الحرب كونها الحدث الأبرز في المشهد السياسيّ والثقافيّ السوريّ، إذ أنّها توجّهت في روايتها نحو الريف في مدينة السويداء، مستعرضةً الحياة الاجتماعيّة هناك، ومسلطةً الضوء على عدّة قضايا مهمّة ومهمّشة في الوقت نفسه.

تتّخذ عبد الصمد من شخصيّة الرواية الرئيسيّة حياة نموذجًا تصف من خلاله حياة المرأة في ذلك المكان، حيث لا وجود أو اعتبار لها، فضلًا عن السلطة الذكوريّة المطلقة، والتعنيف الحاد ضدّ النساء، والقوانين الدينيّة والتقليديّة التي همّشت المرأة وعزّزت من مكانة الرجل وسلطته، كلّ ذلك نتعرّف عليه من خلال حياة التي تتزوج رغمًا عنها من أحد أقربائها بدلًا من الرجل الذي تحبّ، لتروي لاحقًا ما تتعرّض لهُ من تعنيف جسديّ ونفسيّ وإهانات متكرّرة على يده، شأنهُ شأن والدها وجلّ رجال المنطقة، الأمر الذي يدفعها لخيانته مرّات ومرّات، قبل أن تعود مطلّقة إلى منزل والدها، حيث تُرمى هناك كأيّ شيء ليس ذو نفع.

لا ماء يرويها

5. زئير الظلال في حدائق زنوبيا.. حوار الخيبات

يقدّم سليم بركات في "زئير الظلال في حدائق زنوبيا" (المؤسّسة العربيّة للدراسات والنشر، 2017) روايةً تاريخيةً تختلف عن الروايات التاريخيّة السائدة حول الملكة زنوبيا ومملكتها تدمر، وصراعها مع المملكة الرومانيّة، فضلًا عن أنّها تقدّم وصفًا عن الحياة اليوميّة في المملكة في تلك المرحلة الزمنيّة، أي قبل وبعد أسر زنوبيا.

تحملُ الرواية في مضمونها سيرة الملكة زنوبيا، ويقدِّمها سليم بركات سيرةً ممزوجةً بخيال الروائيّ المؤرّخ، مضيفًا إليها تفاصيل يقول أنّها ناقصةً من السيرة السائدة التي يصبّ جلّ اهتمامها في إظهار شجاعة زنوبيا وجمالها بطريقةٍ مُبالغ بها، فضلًا عن مقارنتها بالرجال من حيث شجاعتها وسلوكها. ويعرض سليم بركات أيضًا حوارًا بينها وبين خدمها إبّان أسرها؛ حوارًا قائمًا على الخيبة والهزيمة.

زئير الظلال في حدائق زنوبيا

اقرأ/ي أيضًا:

تعرّف على 5 من أبرز الروايات السورية

5 من أبرز الروايات النسائية العربية