05-مايو-2022
الإجهاض في أمريكا

يعد الإجهاض من القضايا الأكثر إثارة للجدل في المجتمع الأمريكي (NPR)

بعد انقضاء قرابة خمسة عقود على قرار تاريخي للمحكمة العليا الأمريكية يقضي بدستوريّة الإجهاض وتكريسه كحقّ للأمريكيات على المستوى الفدرالي في الولايات المتحدة، تعتزم المحكمة التراجع عن هذا القرار، تمهيدًا للعودة إلى الوضع الذي كان ساريًا قبل العام 1973، أي منح الحقّ لكل ولاية في وضع تشريعاتها المتعلّقة بهذه الظاهرة تشريعًا أو حظرًا.

نصف الأمريكيين يرون أن الإجهاض مرفوض أخلاقيًا

 أثارت هذه الخطوة موجة واسعة من الجدل في الولايات المتحدة على مستويات مختلفة شعبية ورسمية بين الديمقراطيين والليبراليين. فقد قال الرئيس الديمقراطي جو بايدن، والذي يعدّ من مؤيّدي الحقّ في الإجهاض، إن إلغاء المحكمة العليا قرارها السابق حول تشريع الإجهاض قد يعني أن الأمريكيين سيكونون أمام مرحلة جديدة من تغيير الأحكام التي تمسّ "مجموعة كاملة" من القضايا المتعلقة بالحريّات الشخصيّة والحقوق المدنية. في المقابل، وصف المناهضون للحقّ في الإجهاض أن قرار المحكمة سيكون "انتصارًا للحقّ في الحياة"، وخطوة في الاتجاه السليم نحو تقييد هذه الممارسة في المجتمع الأمريكي، والتشجيع على التفكير بخيارات أخرى قبل إقدام أية امرأة على الإجهاض. 

أثار القرار موجة واسعة من التنديد في الولايات المتحدة (PBS)
أثار القرار موجة واسعة من التنديد في الولايات المتحدة (PBS)

وبحسب القرار الصادر عن المحكمة العليا الأمريكية عام 1973، فإن القانون الفدرالي الأمريكي يكفل للمرأة الأمريكية الحق في إنهاء حملها ما دام الجنين غير قادر على الحياة خارج الرحم، وهو ما يعني أن الإجهاض مشروع حتى 22 إلى 24 أسبوعًا من الحمل، وهو ما تراجعت عنه الأغلبية المحافظة في المحكمة مؤخرًا، والتي رأت أن الإجهاض لا يمكن أن يكون محميًا وفق الدستور الأمريكي، وأنّه "ليس راسخًا في تاريخ الأمة الأمريكية وتقاليدها".

نستعرض هنا أبرز 6 حقائق إحصائية حول الجدل عن الحق بالإجهاض في الولايات المتحدة:

  1. 59 بالمئة من الأمريكيين البالغين يرون أن الإجهاض يجب أن يظل مشروعًا في القانون في جميع أو معظم الحالات، في حين يرى 39 بالمئة منهم أنه يجب أن يكون مجرّمًا في جميع أو معظم الحالات

وذلك وفق استبيان مؤسسة "بيو" للأبحاث في ربيع العام الجاري. ورغم أن الإجهاض مسألة جدليّة وموضع استقطاب شديد في المجتمع الأمريكي، إلا أن حوالي 60 بالمئة من الأمريكيين البالغين لا يتخذون موقفًا جازمًا وقطعيًا من القضيّة. في حين يرى 34 بالمئة منهم أن الإجهاض يجب أن يكون غير مشروع في معظم الحالات، وليس في جميعها، مقابل 26 بالمئة يرون أنه يجب أن يكون غير مشروع في غالبية الحالات وليس في جميعها، مقابل أقليّة ممّن استطلعت آراؤهم اتخذوا مواقف قطعيّة مطلقة بشأن قانونية الإجهاض أو عدم قانونيّته من وجهة نظرهم.

  1. الشرخ بين الجمهوريين والديمقراطيين في مسألة الإجهاض يتّسع بشكل متزايد

بحسب بيانات مؤسسة "ديو" البحثية فإن الديمقراطيين والمستقلين المحسوبين على الديمقراطيين أكثر ميلًا من الجمهوريين والمستقلين المحسوبين عليهم للتعبير عن آراء مؤيّدة لقانونية الإجهاض في جميع أو معظم الحالات بواقع 80 بالمئة مقابل 35 بالمئة. وقد وصل هذا التباين إلى 45 نقطة خلال السنوات الماضية، بعد أن بلغ 33 نقطة في العام 2016، بواقع 72 بالمئة مقابل 39 بالمئة بين الديمقراطيين والجمهوريين.

الإجهاض في أمريكا
لم يطرأ تغيّر كبير على توجهات الأمريكيين يشأن الإجهاض بين العامين 1995 و2021 (Pew)
  1. الآراء حول الإجهاض محكومة بشكل أساسي بالتوجهات الدينية للأمريكيين

يعدّ الدين عاملًا أساسيًا في تقرير توجّهات الأمريكيين بشأن الإجهاض. فزهاء ثلاثة أرباع البروتستانت الإنجيليين البيض (77 بالمئة) يقولون بضرورة أن يكون الإجهاض غير مشروع في القانون في جميع أو معظم الحالات، مقابل 21 بالمئة منهم يرون بأنه يمكن أن يكون قانونيًا في معظم الحالات على الأقل. في المقابل، فإن 63 بالمئة من البروتستانت البيض في الولايات المتحدة، غير الإنجيليين، يرون أن الإجهاض يجب أن يكون مشرعًا في القانون في جميع أو معظم الحالات. أما بين الأمريكيين المنتمين للكنيسة الكاثوليكية، فقد كانت الآراء أكثر انقسامًا، بحوالي 55 بالمئة لصالح الإجهاض في جميع أو معظم الحالات، مقابل 43 بالمئة يرون خلاف ذلك. أما الأمريكيون غير المتدينين، فكانوا في غالبيتهم مؤيدين للإجهاض، بواقع 82 بالمئة يرون أنه يجب أن يكون قانونيًا في جميع أو معظم الحالات.

  1. 70 بالمئة من الأمريكيين لا يؤيدون التراجع الكامل عن قرار المحكمة العليا الأمريكية عام 1973 بشأن الإجهاض

غالبية الديمقراطيين بطبيعة الحال عبروا عن هذا التوجّه بخصوص عدم رغبتهم في حصول انقلاب في المحكمة العليا لصالح عدم تشريع الإجهاض على المستوى الفدرالي في الولايات المتحدة. أما الجمهوريين فكانوا أكثر انقسامًا حول هذه المسألة بالتحديد، حيث قال 50 بالمئة إنهم لا يرغبون بحصول تحوّل كامل بموقف المحكمة بشأن قانونية الإجهاض، مقابل 48 بالمئة يرون ضرورة حصول ذلك.

الإجهاض في الولايات المتحدة
  1. نصف الأمريكيين يرون أن الإجهاض مرفوض أخلاقيًا

بحسب استبيان لمؤسسة "بيو" الأمريكية عام 2017، فإن نصف الأمريكيين تقريبًا (48 بالمئة) يرون أن الإجهاض مرفوض أخلاقيًا، مقابل 20 بالمئة قالوا إنّه خيار أخلاقي، في حين وجد 31 بالمئة من المستطلعة آراؤهم أن الإجهاض ليس مسألة أخلاقيّة. وكما هي الحال مع الآراء المتعلّقة بقانونيّة الإجهاض، كانت هذه الآراء متسقة مع التوجهات الدينية للمشاركين في الاستبيان. فحوالي ثلث البروتستانت الإنجيليين قالوا إن الإجهاض ممارسة غير أخلاقية، وهو رأي لم يتفق معه سوى 24 بالمئة من الأمريكيين غير المتدينين.

أرقام عامة حول الإجهاض في الولايات المتحدة

يذكر أن ممارسة الإجهاض تشهد تراجعًا ملحوظًا في الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية. فقد انخفضت معدلات الإجهاض بين العامين 2010 و2019 في الولايات المتحدة بواقع 18 بالمئة تقريبًا. أما في العام 2019 فقد تزايدت النسبة على نحو طفيف، وبواقع 2 بالمئة فقط. فبحسب بيانات الهيئة الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، فإن عدد حالات الإجهاض المسجلة في الولايات المتحدة في العام 2019 قد بلغ 629،898 حالة إجهاض، مقارنة بـ614،820 حالة في العام 2018. أما معدل الإجهاض بين كل 1000 امرأة أمريكية بين 15 إلى 44 عامًا فقد بلغ 11.4 حالة. وقد تصدّرت ولاية نيويورك قائمة الولايات بحسب معدل الإجهاض بواقع 20.3 حالة لكل 1000 امرأة بين سن 15 و44 عامًا في العام 2019، حيث سجّلت الولاية 78،587 حالة إجهاض.

الإجهاض في أمريكا

وبحسب الهيئة، فإن أكثر من نصف من لجأن إلى الإجهاض في الولايات المتحدة في العام 2019 هنّ فتيات دون 30 عامًا (56.9 بالمئة).

أكثر من نصف من لجأن إلى الإجهاض في الولايات المتحدة في العام 2019 هنّ فتيات دون 30 عامًا (56.9 بالمئة)

وفي حال تمرير المحكمة العليا الأمريكية قرارها المتعلق بالإجهاض في الولايات المتحدة خلال الأيام القادمة، فإن عددًا من الولايات ستتخذ خطوات فورية ضد الإجهاض فيها. وبحسب وسائل إعلام أمريكية، فإن 13 ولاية على الأقل ستضع قوانين جديدة تستهدف حظر الإجهاض وتقييده قانونيًا بعد صدور قرار المحكمة، في حين ستعيد ولايات أخرى فرض قوانين كانت سارية فيها قبل العام 1973.