22-سبتمبر-2021

منحوتات لـ خالد ضوا/ سوريا

ألترا صوت – فريق التحرير

دخل الزعيم السياسي، أو الطاغية، إلى الأدب منذ زمن طويل، لكن دخوله بالشكل الحديث بدأ في القرن التاسع عشر، ثم تطور إلى الصورة التي نعرفها مع رواية الكاتب الإسباني رامون ماريا ديل بايي إنكلان "تيرانو بانديراس"، حيث قدّم فيها ما يُعد أساسًا لما كتبه لاحقًا روائيو أمريكا اللاتينية من أعمال تناولت الدكتاتوريين في تلك القارة، وشكّلوا من خلالها حركة روائية متميزة.

الدكتاتور، أو المستبد أو الطاغية، هو ذلك الحاكم الذي يُقصي الآخرين من أي مشاركة ممكنة، ويستحوذ على مقاليد السلطة بالكامل، من خلال الإمساك بأجهزة الأمن والجيش بشكل رئيسي، وبالتالي يستطيع فرض ما يريد بالطريقة التي يريد، ولن يجد كل من لا يوافقونه سوى السجن أو المنفى أو الموت. طبعًا يفعل الطاغية كل ذلك ليصل إلى حالة من المطابقة بينه وبين البلد. فهو كل البلد، والبلد كله هو. وهي معادلة اغتصابية للسياسة والحياة والحقيقة.

وعلى الرغم من أن الأدب يأخذ على عاتقه أن يرصد مختلف التجارب الإنسانية من أجل فهمها والإحاطة بها، ومن أجل محاربة هذه الظاهرة المعادية للحياة والمجتمعات، إلا أنه بمقدار ما حققت الروايات الشهيرة في هذا الباب ذلك سعت في الوقت نفسه إلى تقديم الطاغية كإنسان، فالجبروت والتعطش للقوة والسلطة صفات نابعة من صميم النفس البشرية، وهذا ما جعلها نماذج فنية وأخلاقية في آن.

في هذه المساحة نقف لنستذكر ونذكّر ببعض من هذه الأعمال من مختلف قارات العالم.


1- مزرعة الحيوانات

"مزرعة الحيوانات" رواية خيالية كتبها جورج أورويل. تدور أحداثها في مزرعة للحيوانات يملكها السيد جونز. تمكن الحيوانات من إطلاق ثورة عاتية أطاحت بالسيد جونز، ونقلت السلطة إلى الحيوانات. لكن الخنازير التي قادت الثورة تبدأ بمعاملة الحيوانات الأخرى بشكل غير منصف، ناهيك عن ظهور صراع بين الخنازير أنفسها، الأمر الذي يجعل الحيوانات تثور في وجههم مرة أخرى.

اعتبرت الرواية مداخلة فنية في أحوال الثورة البلشفية وانقلابها إلى دكتاتورية قاتلة.

2- خريف البطريرك

"خريف البطريرك" رواية لغابرييل غارسيا ماركيز، صدرت سنة 1975. أراد صاحب "مائة عام من العزلة" منها تقديم صورة نموذجية للدكتاتور، ولأجل هذا لم يختر بلدًا ولا طاغية من التاريخ، إنما ركّب كل ذلك من مزيج من طغاة حقيقيين، في محاولة لصنع رمز لكل حاكم مستبد.

3- حفلة التيس

"حفلة التيس" واحدة من أهم روايات الروائي البيروفي ماريو فارغاس يوسا، تتناول الدكتاتور تروخيو الذي حكم جمهورية الدومنيكان من عام 1930 حتى عام 1961.

في هذه الرواية نعاين سيرة طاغية سادي، متناقض الصفات، أحب بلده وكان شخصًا مجتهدًا وذا نظرة ثاقبة للأشياء من حوله.

تسير الرواية في خطوط سردية متعددة، تتفرع عبر رواة مختلفين، ليجتمع في آخر الأمر على الذين قاموا باغتيال الدكتاتور، المعروف عند معارضيه باسم التيس على الرغم من كل أسماء وألقاب التجبيل التي أسبغها على نفسه.

4- عالم صدام حسين

تحمل رواية "عالم صدام حسين" اسم مهدي حيدر ككاتب لها، لكن المعروف أنه اسم مستعار، وظل كذلك رغم كل المحاولات  

التي بذلها الصحافيون للكشف عنه منذ صدور الرواية.

المهم في هذه الرواية أنها ليست نصًا تاريخيًا إنما عالم خيالي موازٍ للعالم الواقعي، يتطابق معه أحيانًا ويختلف في أحيان أخرى، فتُعطى شخصيات معروفة مصائر مختلفة عن الواقع التاريخي بحسب ما تقتضيه الحاجة الفنية.

كتب الناقد محمد الغامدي: "عالم صدام حسين عالم يدخلنا الى شخصية الدكتاتور، كما يُدخلنا الى صراعات السلطة في بلد عربي، قد لا يختلف ما حصل فيه عما حصل في بقية الأماكن، يدخلنا من باب جمال الكتابة، إلى قساوة الحياة التي نعيشها".

5- عو

"عو" رواية الفلسطيني إبراهيم نصر الله تدور حول أربعة شخصيات هي: جنرال، كاتب، قارئ، كلب. تطرح الصراع الحاد والشرس بين الدكتاتورية وأحلام الإنسان البسيطة، وتكشف محاولة تحويل هذا الإنسان إلى ملحق بالسلطة، أو بوق من أبواقها، ليكون في آخر الأمر تحت السيطرة. وبالقدر الذي ترصد فيه نمو الوعي السلطوي، ترصد بالمقابل ظاهرة سقوط المثقف في شرك الدعوة إلى تعايش المبدع والسلطة، أو ما يُسمَّى تجسير الهوة بين المثقفين والسلطة!

اقرأ/ي أيضًا:

هل سيولد أدب الدكتاتور العربي قريبًا؟