26-مايو-2020

روائيات من عُمان (ألترا صوت)

من بين تفاصيل وقضايا كثيرة تنشغل بها الرواية العُمانية، هناك المسعى المستمر والدؤوب لتكوين صورة تعريفية لعُمان، باعتباره بلدًا لا يزال عند الكثير من العرب مجهولًا، وللأدب العُماني باعتباره مرآةً لا بدّ أن تعكس أحوال هذا البلد وناسه وتحوّلاته وتاريخه القريب والبعيد. هكذا، يُمكنُ للأدب أن يكون بوابةً لا بد أن تصل القارئ بهذا المجتمع وتفاصيله وخصوصيته.

هنا وقفة مع 5 روائيات عُمانيات قدّمن، روائيًا، صورًا مختلفة لعُمان عند القارئ العربيّ.


1- جوخة الحارثي

أصدرت الروائية العُمانية جوخة الحارثي، حتّى حصولها على جائزة "البوكر" العالمية، مجموعتان قصصيتان وثلاث روايات بالإضافة إلى مجموعة من الدراسات النقدية والثقافية، إلّا أنّ شهرتها الفعليّة تحقّقت عقب "البوكر" التي نالتها عن روايتها "سيدات القمر" (دار الآداب، 2010).

صاحبة "نارنجة" المولودة سنة 1978، كتبت في روايتها هذه سيرةً لأربعة أجيال عايشوا عن قرب تحوُلات سلطنة عُمان السياسية والاجتماعية التي انعكست على سكّان قرية تُسمّى "العوافي"، جاءت داخل العمل بمثابة عُمان مُصغِّرة، تفحّصت فيها الحارثي وعاينت أحوال سكّانها عبر فترات زمنية مُختلفة، وبطريقةٍ مكّنتها أيضًا من تعميمها على بقية سكّان البلاد دون نزعها لخصوصية مُدنها واختلافها عن بعضها، في الوقت الذي كانت فيه تحوّل الحكايات المروية داخل "سيدات القمر" إلى وثيقة تاريخية شفوية للمكان وأهله.

2- بشرى خلفان

اشتغلت بشرى خلفان في روايتها الأولى والوحيدة حتّى هذه اللحظة "الباغ" (دار مسعى، 2016) على بلورة مشروعها الروائي الذي ينهض، وكما بدا من خلال روايتها هذه، على ثنائية الحكاية والوثيقة التاريخية بمختلف أشكالها، أي أنّها حاولت أن تؤرّخ لأكثر مراحل سلطنة عُمان التاريخية حساسية وحركة وجدلًا، مُتّخذة من عهد السلطان سعيد بن تيمور البداية، وصولًا إلى بداية عهد السلطان قابوس بن سعيد، مُتناولة ما حدث بين هذين التاريخين من أحداث فارقة كان لها انعكاسها على عُمان ومجتمعها وأهلها.

هكذا، استعادت خلفان حروب العُمانيين العديدة التي خاضوها منتصف القرن الماضي، كمحاولة السعوديين احتلال "البريمي"، وثورة الجبل، وثورة ظفار، وغيرها. كما تناولت مجموعة من المواضيع المُتّصلة بفكرة الرواية الرئيسية، كسقوط الإمامة، وحال الولايات العُمانية وناسها في ظلّ سلطة القبيلة.

3-هدى حمد

وزّعت هدى حمد نتاجها الأدبيّ على ثلاث مجموعات قصصية، بالإضافة إلى ثلاث روايات تمحورت أحداثها حول عُمان ونسائها، حيث لعبت المرأة، في رواياتها الثلاثة، دور البطولة إلى جانب المكان، أي عُمان، مما جعل مشروعها الروائي يبدو قائمًا على استعادة المكان، ماضيه وحاضره، وروايته من منظور نسائي، بينما تسرد في المُقابل أحوال المرأة داخل هذا المكان، لا سيما في رواية "سندريلات مسقط" (دار الآداب، 2016) حيث تلتقي ثمانية نساء عُمانيات في العاصمة مُصادفة، ويبدأن بسرد قصصهنّ وتجاربهنّ مع الحياة والحبّ والزواج والمجتمع، الأمر الذي جعل من قصصهنّ "كولاجًا" للحياة العُمانية وطبيعتها من منظور مجموعة نسوة لهنّ صراعاتهنّ ومآزقهنّ وحياتهنّ اليومية الخاصّة، وبتفاصيلها المُملة والمُلفتة في آنٍ معًا.

4- شريفة التوبي

ترى الكاتبة العُمانية شريفة التوبي ضرورة أن تعيش الروائية وتتفاعل أيضًا مع مشاكل أمّتها وهمومها، وكذا عالمها المُتناحر، لتتجاوز بذلك العاطفة بحيث تشتبك مع ما هو أكثر عبئًا، أي العالم بكلّ ما فيه من خراب وسوء. هكذا، ستتناول في أحدث رواياتها المعنونة بـ "سجين الزرقة" (الآن ناشرون، 2019) قضية اجتماعية شائكة هي قضية مجهوليّ النسب والكيفية التي يتعامل بها المجتمع مع هؤلاء الذين يدفعون ثمن خطأ لم يكونوا جزءًا منه، بقدر ما كانوا نتيجته.

من بين ما ترويه شريفة التوبي في "سجين الزرقة" قصّة فتاة قاصر تتعرّض لاعتداء زوج والدتها، فتحملُ بطفلها وهي لا تزال على مقاعد الدراسة، وتنجبه داخل السجن لينتقل بعدها إلى دار الأيتام، حيث أمضى طفولته وفترة المراهقة، قبل وقوفه حائرًا إزاء أكثر الأسئلة إلحاحًا بالنسبة إليه: "من أنا"؟

5- بدرية الشحّي

تقول بدرية الشحّي إنّها كتبت لسببٍ وحيد، وهو شعورها بضرورة أن تكتب، في الوقت الذي لا تملك فيه إلّا القليل من الوقت. هكذا، ستُصدر روايتها الأولى سنة 1999 تحت عنوان "الطواف حيث الجمر"، لتعود بعد 20 عامًا وتُصدر روايتها الثانية التي جاءت معنونةً بـ "كارما الذئب: فيزياء 2"، وبين الروايتين، بدا مشروعها ثابتًا تقريبًا، تتنقّل ضمنه بين مُحاولة استكشاف الفروق بين الصفات الفردية والعوامل المُحيطة التي تحرّكها وتكوّنها، بالإضافة إلى مسألة الاختلافات الطبقية والأحقاد والعنصرية وغيرها.

تناولت روايتها الأولى حكاية هروب زهرة، فتاة عُمانية من سكّان مدينة نزوى، باتّجاه جزيرة زنجبار، ومعاناتها النفسية لا سيما خيانة حبيبها لها وزواجه من فتاة زنجبارية. وعلى هامش هذه الحكاية، تروي الكاتبة العُمانية تفاصيل الاحتلال العماني لشرق افريقيا، دون انحياز لصفٍّ على حساب آخر.

اقرأ/ي أيضًا:

3 شاعرات من عُمان.. هي ذي أسرارنا الصغيرة

الروائية روزا ياسين حسن: لا نجاة لنا بغير الفنّ