24-أكتوبر-2018

مينكسي كام/ تركيا

نستمتع بقراءة الروايات، ونتناول بشكل يومي وجبات من مقالات الصحافة، وقد نساير أنفسنا في قراءة بعض الكتب، لكن عندما يتعلق الأمر بنص فلسفي تحس عقولنا وكأننا أمام متاهة مغلقة، أو أننا أمام عبء ثقيل، وفي غالب الأحيان نهرب بعيدًا. غير أنه إذا تعرفنا على كيفية قراءة الكتابة الفلسفية، سنعثر على هواية جديدة نتمرن من خلالها على الفهم والتفكير النقدي.

 إن النصوص الفلسفية تختلف عن غيرها من أشكال الكتابة، ولذلك فهي تتطلب أسلوبًا خاصًا في القراءة للنفاذ إليها، وقبل ذلك، تحتاج قارئًا متواضعًا وصبورًا ودقيقًا، يتحرى الصدق فقط، ويُرجح كفّة الحجج على آرائه المسبقة وأهوائه في رؤيته للمواضيع. ونُجمل هذه الطريقة التي تتيح لنا قراءة القطع الفلسفية بشكل فعّال في خمس خطوات متوالية.


1. اقرأ النص مليًّا

قبل الشروع في القراءة، تأكد أن لديك النص الفلسفي بلغته الأصلية، وإذا تعذر ذلك احرص على الأقل أن تكون ترجمته جيدة، قم بقراءة عرضية للعثور على الفكرة الرئيسية التي تدور حولها بنية القطعة. إذا كانت مقالة، فاقرأ الفقرات الأولى والأخيرة بأكملها، وإذا كان كتابًا، فابحث عن جدول المحتويات واطلع على الملاحظات الافتتاحية. هكذا ستكون مستعدًا بشكل أفضل للغوص وقراءة النص بذكاء. ثم بعدها خذ وقتك في قراءة النص كاملًا وبتأنٍّ.

2. استوعب ما يريد الفيلسوف قوله

في الخطوة الثانية، ستقوم بقراءة أخرى، تسعى من خلالها إلى فهم طرح الفيلسوف جيدًا، إذ بالضرورة تحتوي القطعة الفلسفية على رأي معين، يحاول المؤلف إقناعك بصدقيته، ولكي تحكم عليه بتبنيه أو رفضه، فستحتاج إلى فهم الأفكار المقدمة أولًا والحجج المستخدمة للبرهنة عليها.

استخدم قلم الرصاص أو ملون لتمييز الأفكار والمفاهيم والحجج الرئيسة في النص، وبعدها لخص فكرة القطعة الفلسفية في أقل من ثلاثة أسطر.

3. جادل النص

عندما يتضح إليك أنك استوعبت طرح الفيلسوف بشكل واضح، تأتي مرحلة التفاعل مع النص، فمهمتك كقارئ فلسفة ليس فقط أن تأخذ المعلومات، كما تفعل مع كتاب البيولوجيا، أو تسير بالضرورة مع الطريق الذي يأخذك فيه الكاتب كالشأن مع الروايات، بل ينبغي أن تدخل في حوار مع النص.

حاول تقييم مدى قوة الحجج التي قدمها المؤلف وهل هناك فجوات أو نقاط ضعف في طرحه. فإذا كنت ترى فكرة الكاتب مقبولة وتوافق عليها، فعليك أن تبرهن لماذا تراها كذلك، وإذا كنت ستوجه إليها انتقادات ما، تأكد أن هذه الانتقادات صلبة بما فيه الكفاية للرد على طرح الفيلسوف، مع استحضار آراء الفلاسفة الآخرين الذين أدلوا أيضًا بدلوهم في نفس الموضوع.

4. شارك الآخرين في مناقشة النص

في هذه المرحلة قم بمشاركة الآخرين، ربما زملاء دراسة أو أصدقاء، فهمك لفكرة الفيلسوف، وتَحصّل على تعليقاتهم حول الموضوع، للدخول معهم في مناقشة سلسة، فربما تتكشف لك أوجه أخرى لتلك الفكرة الفلسفية كانت غائبة عنك.

أما إذا أردت نقاشًا أكثر عمقًا حول طرح الفيلسوف، فعليك البحث عن الدراسات العلمية المعمولة ومحاورة الخبراء المتخصصين في ذلك الحقل.

5. استثمر فكرة النص

في الأخير، ستخرج بفكرة معينة كنتيجة نهائية، ربما هي نفس فكرة الفيلسوف أو قد تكون محوّرة عنها أو فكرة مغايرة تمامًا، حاول إيجاد صلة بينها والواقع، من خلال ربطها بما يحدث في بيئتك المحلية أو تجربة حياتك الشخصية لاستلهام بعض الأفكار، ثم اسأل نفسك كيف يمكن استثمار هذه الفكرة في حياتك اليومية أو في الواقع عموما لبلوغ شيء ما، بحيث يرتد إيجابًا على واقعنا المعيشي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الفلسفة والأدب.. سردية حب معلن

لماذا لا يجب أن تموت الفلسفة؟