19-ديسمبر-2018

أغلفة الكتب

ألترا صوت – فريق التحرير

لم يعد المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات بحاجة إلى أيّة مقولاتٍ جاهزة لتُعرِّف عنهُ، وعن كلّ ما يقوم به من نشاطاتٍ بحثية فكرية وتنويرية أيضًا. ذلك أنّ المركز، منذ أن تأسَّس، بات يُعرّف عن نفسه من خلال ما يصدرهُ من منشوراتٍ وضعتهُ في مصاف مراكز الأبحاث العالمية لا العربية فقط. كتب وأبحاث عن مواضيع متعلّقة بالأمّة العربية ومشاكلها وما تواجههُ وما سبق أن واجهتهُ أيضًا، وأخرى مختصّة بالعلوم الاجتماعية والإنسانية، والديمقراطية ومعوّقاتها عربيًا. وغيرها من المواضيع التي بات تُميّز المركز، وتلبّي احتياجات الشارع العربيّ. في هذا المقال، نستعرض 4 من أبرز الكتب الصادرة مؤخّرًا عن المركز.


1- تكوّن العربية الإسرائيلية

تُطرح بين فترةٍ وأُخرى أسئلة مُتعلِّقة باللغة العربية ودراساتِها في الكيان الصهيونيّ، أي في المدارس والجامعات اليهودية، لا سيما وأن الأمر أخذٌ بالتوسّع. وعادةً ما تبحثُ هذه الأسئلة في مكانة اللغة العربية في الكيان، وعلاقتها بأمنهِ ووجودهِ، والسياقات التي تُطرح فيها، والكيفية التي تُدرِّس من خلالها، والدافع أو الغرض من تدريسها للطلّاب اليهود. كتاب "تكوّن العربيّة الإسرائيلية: معطيات سياسية وأمنية في تشكّل دراسات العربية في إسرائيل" لمؤلِّفهِ يوناتان مِندِل، ترجمة أحمد مغربيّ؛ يحملُ في متنه إجاباتٍ عن عددٍ من الأسئلة التي تُطرح في سياقٍ كهذا، باعتبار أنّ الكتاب أخذ على عاتقهِ طرح جُملةٍ من المواضيع المتفرّعة من موضوعه الرئيسيّ، أي تاريخ دراسات اللغة العربية وسياساتِها في المدارس اليهودية، في آن معًا.

المؤلّف، ومن أجل فهمٍ أكثر وضوحًا ودقّة للموضوع الذي يطرحهُ، يعرض أوّلَا نظرةً تاريخية سريعة وموجزة، كمدخلٍ رئيسيّ، لطبيعة الحياة في فلسطين قبل تشكّل الحركة الصهيونية، أي طبيعة العلاقة بين العرب واليهود في البلاد، وتحديدًا طبيعة العلاقة بين اليهود واللغة العربية قبل أن يبدأ الصراع بانطلاق الحركة الصهيونية. بعد ذلك، يتّجه مِندِل نحو تفسير العلاقة أو ربط الحركة الصهيونية أمن الكيان باللغة العربية، وتوظيف هذه اللغة في الحرب، كحربيّ 1967 و1973. ويُخصِّص أيضًا فصلًا كاملًا للحديث عن جيش المستعربين. أمّا أهمية اللغة العربية وتدريسها بالنسبة إلى الإسرائيليين، لا سيما أجهزة المخابرات والجيش، يُشار إليها في مقدّمة الكتاب بالقول إنّ استطلاعات رأي عدّة برهنت على أنّ الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية مثّلت عنصرًا أساسيًا في تحفيز التلامذة اليهود الإسرائيليين على دراسة العربية.

2- الدولة ومجتمع الولاية في الإمبراطورية العثمانية: الموصل 1540-1834

طيلة 5 سنواتٍ مضت، احتلّت مدينة الموصل الواقعة شمال العراق شاشات التلفاز ونشرات الأخبار والصحف واستديوهات التحليل. كما شغلت الرأي العام العربيّ والعالميّ في آن معًا، باعتبار أنّ المدينة كانت معقلًا رئيسيًا لأشدّ التنظيمات المتشدّدة تهديدًا للوجود البشريّ، أي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشّام "داعش". وأيضًا، مسرحًا لجرائمهِ وكلّ ممارساته العنيفة بحقّ البشر هناك. في هذا السياق، تُقدّم المؤرِّخة الأمريكية – اللبنانية دينا رزق خوري كتابها "الدولة ومجتمع الولاية في الإمبراطورية العثمانية: الموصل 1540-1834" (المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات) ترجمة سلوى زكو؛ بالقول إنّهُ: "عبارة عن تاريخ مدينة ومنطقة تتعرّض بيئتها الثقافية والإنسانية لتدمير منهجيّ. إنّه كتاب أكاديميّ، لكنّه أيضًا كتاب ذاكرة تاريخية".

عبارة كهذه وردت على لسان المؤلّفة في تقديمها للطبعة العربية من الكتاب الذي مضى عل صدورهِ للمرّة الأولى أكثر من 17 عامًا، تُشيرُ بوضوحٍ إلى أنّ الكتاب يضمّ في متنه استعاداتٍ لمحطّات وصورٍ من تاريخ مدينة الموصل التي عُرِف عنها آنذاك أنّها مدينة ضمّت تواريخ متعدّدة، باعتبار أنّها جمعت أيضًا بشرًا وشعوبًا متعدّدة، عرقيًا وطائفيًا ومذهبيًا في آن معًا. فالكتاب يسرد تفاصيل عدّة عن موضوعاتٍ تُساهم كلّها في تشكيل صورة المدينة آنذاك. ومنها، على سبيل المثال لا الحصر، الدولة والمجتمع والثقافة السياسية في بدايات الموصل الحديثة. وتكوين الاقتصاد المحلّيّ للمدينة، والحروب وأثارها في المجتمع الموصلي، وغيرها من الأمور الأخرى.

3- الصراع العثماني – الصفوي وآثاره في الشيعية في شمال بلاد الشام

يتّخذ الكاتب والباحث السوريّ محمد جمال باروت من مسألة الصراع العثماني – الصفويّ حول السيطرة على طريق الحرير الموضوع الرئيسيّ لكتابه الصادر مؤخّرًا "الصراع العثماني – الصفوي وآثاره في الشيعية في شمال بلاد الشام".

في الكتاب، يشتغل جمال باروت على جُملة من المواضيع والقضايا المتعلّقة بهذا الصراع، لا سيما المُتغيّرات التي أحدثها في تلك المنطقة، سياسية كانت أو اجتماعية وثقافية أيضًا، أضف إلى ذلك المتغيّرات الحاصلة على المستوى الطائفيّ، ذلك أنّ الصراع أسَّس لعملية تطييفٍ حوّلت الصراع من عثماني – صفوي، إلى آخر سنّي – شيعي. الأمر الذي كانت لهُ انعكاسات ونتائج كثيرة يتناولها باروت في هذا الكتاب، مُتّخذًا من البحث والتحليل ودراسة المتغيّرات والتطوّرات سبيلًا لذلك.

يبدأ محمد جمال باروت الكتاب بالحديث عن الهيمنة الشيعية على التركيبة الجماعاتية المذهبية في شمال بلاد الشام. ويقصد الباحث بالشيعة في هذا البحث، كما جاء في مقدّمة الكتاب: "الفضاء الشيعيّ الديموغرافيّ الجهويّ العام والمتنوّع شيعيًا في شمال بلاد الشام، كما تشكّل على المدى التاريخيّ الطويل للقرون الخمسة التي سبقت اندلاع الصراع العثمانيّ – الصفويّ". ليذهب صاحب "التكوين التاريخي للجزيرة السورية" بعد ذلك للحديث عن الاستقطاب السنّي – الشيعي في حواضر حلب. قبل أن يركّز على الخلفية التاريخية السابقة لهذا الصراع في ستينيات القرن الخامس عشر. واحتدام الصراع البايندري – العثماني حول شمال بلاد الشام، واندلاع الحرب العثمانية – الصفوية، وقطع طريق الحرير، وغيرها من المواضيع المرتبطة بموضوع الكتاب الرئيسيّ.

4- الجهادية العربية: اندماج الأبعاد

منذ أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، وحتّى ظهور تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، ومن ثمّ انحسار حضوره الميدانيّ في العراق وسوريا، هناك جُملة من الأسئلة لا تزال تُطرح حول هذا الشأن، وتُقابل – بطبيعة الحال – بإجاباتٍ مُختلفة ومتعدّدة عربيًا وعالميًا. ومن جملة هذه الأسئلة، على سبيل المثال، السؤال المستمرّ حول الكيفية التي نشأت من خلالها الأيديولوجيا الجهادية العالمية؟ ومن بعدها الجهادية العربية؟ وأيضًا، كيف تطوّرت وتوسّعت وازدهرت هاتين الأيديولوجيتين، لا سيما العربية التي تُحاول تمثيل السنّة بجهدٍ حثيث. أضف إلى ذلك الأسئلة المتعلّقة بكيفية نشوء تنظيم "داعش" وتطوّره بعد ذلك، متخليًا عن الخلافة لصالح الدولة الإسلامية التي أرسى مبادئها في كلّ من الموصل والرقّة. كتاب "الجهادية العربية: اندماج الأبعاد: النكاية والتمكين بين الدولة الإسلامية وقاعدة الجهاد"، تأليف حسن أبو هنية، يُحاول الإجابة على هذه الأسئلة وأسئلةٍ أُخرى تتصلُّ، بشكلٍ أو بآخر، بها.

هكذا، يتحدّث الكاتب عن تشكّل الهوية الجهادية وعلاقتها بالاستعمار الكولونيالي، والجهاد التضامني الذي برز مع دعوات الدفاع عن الأمّة الإسلامية بوصفها أمّة مستهدفة. بالإضافة إلى انشطار القاعدة وصعود الدولة الإسلامية، بدءًا عند الزرقاوي ووصولًا إلى البغدادي أيضًا. ومن بعد ذلك بروز "داعش" كتنظيم يسعى إلى إقامة دولة إسلامية لا خلافة فقط. وظهور ولايات تابعة لهُ في عدّة دول عربية، وانتشاره عربيًا وعالميًا. وأخيرًا، يتوقّف الكاتب للحديث عن "قاعدة الجهاد العربية"، بدءًا بالنموذج السوريّ "جبهة النصرة"، وقاعدة الجهاد في جزيرة العرب، وقاعدة الجهاد في بلاد المغرب الإسلاميّ.

 

اقرأ/ي أيضًا:

اختتام أعمال مؤتمر "المعاجم التاريخية للغات: مقارنات ومقاربات"

مقتطفات من أبزر الكلمات في إطلاق "معجم الدوحة التاريخي"