03-فبراير-2019

فلاحون فلسطينيون في أرضهم قرب مستوطنة إسرائيلية (تويتر)

خلال السنوات الماضية، برز مفهوم دراسات الاستعمار الاستيطاني في عديد من التجمعات الأكاديمية والجامعات والكتب والمجلات. حيث أعيد النقاش عن هذا النموذج المدروس بشكل متفرق سابقًا، من خلال مجموعة من المنظرين الذين اعتقدوا أن تحليل "ما بعد الاستعمار" قد لا يكون كافيًا لفهم تجارب استعمارية عديدة، وانطلقوا بشكل أساسي من التفريق بين الاستعمار الذي يقوم على الاستغلال الاقتصادي، ويتم بطريقة مباشرة من خلال الدولة الأم، وبين نماذج يغيب فيها هذا الدور المباشر للدولة الأم، فيما يكون الدور الأساسي للمستوطنين أنفسهم.

انطلقت دراسات الاستعمار الاستيطاني من التفريق بين هذا النوع من الاستعمار وبين النوع التقليدي، القائم على استغلال الأرض والسكان اقتصاديًا

كما أن هذا النموذج، رأى ضرورة في التفريق بين أنماط المستوطنين أنفسهم، حيث إن المستوطن التقليدي يهاجر إلى المستعمرة كموظف للدولة الأم، سرعان ما تنتهي خدمته ويعود إلى موطنه، أما المستوطن في الاستعمار الاستيطاني، فهو الفاعل الأساسي، "جاء ليبقى"، وليطرد السكان الأصليين، لأنه يريد الأرض ولا يريد استغلالهم.

يسلط "ألترا صوت" في هذه المقالة، الضوء على أربعة كتب أساسية، يتم العودة إليها عند الحديث عن هذا الحقل.

1. الاستعمار الاستيطاني.. مراجعة نظرية

يقدم الباحث الأسترالي، وأحد أهم الأسماء في دراسات الاستعمار الاستيطاني، لورنسو فرتشيني، في هذا الكتاب الصادر بالإنجليزية تحت عنوان "Settler Colonialism.. A Theoretical Overview"، إطارًا نظريًا عامًا حول مفهوم الاستعمار الاستيطاني، وتاريخًا موجزًا له، يفرق فيه بينه وبين الاستعمار التقليدي القائم على الربح والاستغلال، بينما يبيّن كيف يهدُف المستعمر الاستيطاني إلى إلغاء السكان الأصليين بشكل نهائي حتى لو استخدمهم لبعض الوقت.

اقرأ/ي أيضًا: حوار| لورنسو فرتشيني: قانون القومية مؤشر على أزمة إسرائيل الاستعمارية

 فيما يوضح بإسهاب وبلغة أكاديمية مكثفة، قد تكون موجهة للمختصين أحيانًا، الآلية التي تم فيها التفكير في تشكيل مجتمعات المستوطنين خارج أوروبا، لتصبح لاحقًا جماعات استعمارية شبه منفصلة.

2. الاستعمار الصهيوني في فلسطين

ييدو كتاب الاستعمار الصهيوني في فلسطين لفايز صايغ، الباحث السوري الفلسطيني، متعلقًا بتاريخ الحركة الصهيونية وصفاتها، أكثر مما هو كتاب نظري متعلق بالاستعمار الاستيطاني. إلا أن إشارته إلى العديد من القضايا البارزة في دراسات الاستعمار الاستيطاني، منذ وقت مبكر، جعل من هذا الكتاب ملهمًا لعديد من الباحثين في هذا الحقل.

يُعد كتاب فايز صايغ وثيقة مهمة حول تاريخ الصهيونية في مرحلة" الييشوف"  أو ما قبل تأسس الدولة، وعلاقتها بالانتداب البريطاني

يبين فايز صايغ، بلغة سلسة، أهم صفات الاستعمار الصهيوني في فلسطين، مستشهدًا بكثير من الأدلة من تاريخ الصهيونية نفسها، أو من تاريخ إسرائيل. ورغم أنه نُشر في الستينات، إلا أن صايغ استطاع الإشارة إلى نزعات لا زالت تحدد بنية الدولة وطبيعة عملها في إسرائيل اليوم. كما أن الكتاب يُعد وثيقة مهمة حول تاريخ الصهيونية في مرحلة الييشوف أو ما قبل تأسس الدولة، وعلاقتها بالانتداب البريطاني، وكيف تكيفت التطلعات الأولى للآباء المؤسسين للصهيونية مع الظرف الإقليمي والدولي.

3. دراسات في الاستعمار الاستيطاني: السياسة، الهوية، والثقافة

يحاول هذا الكتاب الصادر بالإنكليزية تحت عنوان Studies in Settler Colonialism: Politics, Identity and Culture لمجموعة مؤلفين، تحديد الصفات المميزة للاستعمار الاستيطاني، مناقشًا عواقبه السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. يضم الكتاب عددًا من القراءات المختلفة، من كتاب وباحثين عديدين في هذا الحقل، منهم باتريك وولف وفرتشيني وآخرين.

تكمن أهمية الكتاب في تركيزه على جوانب عديدة من الاستعمار الاستيطاني، ثقافية واقتصادية ومفاهيمية، بالإضافة إلى استعراض عدد من التجارب المتنوعة لهذا النوع من الاستعمار، من خلال مساهمات ودراسات مختلفة.

4. الاستعمار الاستيطاني وتحولات الأنثروبولوجيا

يعتبر هذا الكتاب، لباتريك وولف، الذي يُعد المنظر الأهم في الموجة الجديدة من دراسات الاستعمار الاستيطاني، والصادر عام 1999 بالإنجليزية تحت عنوان "Settler Colonialism and the Transformation of Anthropology" عملًا بارزًا وعلامة فارقة في صعود دراسات الاستعمار الاستيطاني، كحقل متكامل لتحليل وفهم بعض التجارب الاستعمارية، رغم أن الكتاب لا يتطرق بشكل مباشر إلى هذا المفهوم نظريًا. ولكنه يتتبع مجموعة من الصفات الحاسمة داخل الاستعمار الاستيطاني، من خلال تقديم تاريخ نقدي للأنثروبلوجيا الأوروبية، منذ القرن التاسع عشر، وعلاقتها مع المؤسسة الاستعمارية والحملات الاستيطانية، تحديدًا إلى أستراليا.

ويوضح وولف، أنه في حين كان الاستعمار الاستيطاني في أستراليا، غير قائم على النزعة التقليدية في استغلال السكان الأصليين ولكن لطردهم، فقد شكل تحولًا في الأنثروبلوجيا الأوروبية، التي اُستخدمت من أجل هذه الهدف، من عدة زوايا.