31-مارس-2019

تسبب التحالف السعودي بآلاف الانتهاكات الحقوقية في اليمن (Getty)

الترا صوت - فريق التحرير

العشرات من الجرائم التي ارتكبتها مقاتلات التحالف السعودي الإماراتي، منذ بدء العدوان على اليمن، في 26 آذار/مارس 2015، تحت شعار "عاصفة الحزم"، وتحت مبرر إعادة شرعية الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، وإيقاف التمدد الحوثي وتقليص نفوذ ايران في اليمن. 

شنت مقاتلات التحالف عشرات الغارات الجوية "الخاطئة"، التي استهدفت مواقع مدنية أسفرت عن سقوط المئات من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين، منذ 2015

أكثر من 2500 طلعة جوية لمقاتلات التحالف استهدفت مواقع عسكرية وحيوية ومنازل آهلة بالسكان وأسواق شعبية، في مختلف مناطق البلاد، أدت إلى مقتل وإصابة الآلاف من المدنيين وتدمير البنية التحتية لليمن. 

اقرأ/ي أيضًا:  القمامة.. كل ما تبقى لنازحي "الحديدة" في اليمن

ورغم أن السعودية توقعت أن تحسم المعركة في اليمن خلال أسابيع قليلة فقط عقب انطلاق الحرب على اليمن، حسب تصريحات مسؤولين بما فيهم ولي العهد المثير للجدل، محمد بن سلمان، فإنها فشلت حتى في السيطرة على العاصمة صنعاء، والقضاء على جماعة الحوثيين الذين باتوا اليوم أكثر قوة وأصبحت صواريخهم تصل إلى عمق أراضي المملكة.

جرائم حرب

شنت مقاتلات التحالف عشرات الغارات الجوية، التي استهدفت مواقع مدنية أسفرت عن سقوط المئات من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين، منذ 2015، ووثّقت هيومن رايتس ووتش نحو 90 غارة جوية غير مشروعة أصابت المنازل والأسواق والمستشفيات والمدارس والمساجد، وأدت إلى مقتل أكثر من 1000 مدني. كما أكدت المنظمة في تقرير لها، أن بعض الهجمات لمقاتلات التحالف قد ترقى إلى جرائم حرب.

 ففي 2018، قصفت قوات التحالف حفل زفاف في محافظة حجة، ما أسفر عن مقتل 22 شخصًا، بينهم 8 أطفال. وفي هجوم آخر قصف التحالف حافلة مليئة بالأطفال بمحافظة صعدة، "معقل الحوثيين"، ما أسفر عن مقتل 26 طفلًا على الأقل. 

في هذا السياق، أكدت المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أنها سجلت أكثر من 17 ألف حالة لمقتل وإصابة المدنيين في اليمن منذ تدخل التحالف في النزاع أواخر آذار/مارس 2015.

وذكرت المتحدثة الرسمية باسم مكتب حقوق الإنسان الأممي، ليز ثروسيل في بيان لها، أن 6592 مدنيًا قتلوا وأصيب 10470 آخرين  في اليمن، حسب تقديرات المنظمة العالمية، خلال فترة ما بين 26 آذار/مارس 2015 و9 آب/أغسطس 2018. وأشارت المتحدثة إلى أن التحالف بقيادة السعودية يتحمل المسؤولية عن معظم هذه الحالات (10471 من 17062 حالة).

من جهتها، أكدت منظمة الصحة العالمية، أن الحرب أوقعت، على مدار الأربع سنوات الماضية، حوالي 10 آلاف قتيل غالبيتهم من المدنيين بينما أصيب أكثر من 60 ألف شخص، في حين تقول منظمات حقوقية مستقلة إن عدد القتلى الفعلي قد يبلغ خمسة أضعاف ذلك. 

وبينت منظمة العفو الدولية، أنه بعد أربع سنوات من إراقة الدماء في أفقر دول العالم العربي، لم يعد بإمكان اليمنيين تحمل الآثار الإنسانية الكارثية للحرب.وقالت سماح حديد، مديرة الحملات المعنية بالشرق الأوسط في المنظمة في بيان نشرته المنظمة على موقعها الرسمي: "لقد حان الوقت لنقول كفى. فمع تزايد عدد الضحايا في اليمن، وتفاقم الوضع الإنساني المؤلم يوميًا، يجب وضع حد لهذه الانتهاكات المدمرة، كما يجب محاسبة المسؤولين عنها".

واختتمت حديد قائلة: "يجب على الدول الغربية أن توقف فورًا تجارة الأسلحة مع الأطراف المتحاربة. ويجب أن تضع حقوق الإنسان، وحياة الملايين من المدنيين اليمنيين، والتزاماتها القانونية فوق مبيعات الأسلحة المربحة".

مع ذلك، تستمر العديد من الدول الغربية في بيع الأسلحة لدول التحالف، من بينها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا. وتستخدم دول التحالف أسلحة فتاكة وصواريخ مدمرة بينها أسلحة محرمة دوليًا منها القنابل العنقودية التي استخدمتها السعودية في عدد من هجماتها الجوية على اليمن، وأسفرت عن سقوط ضحايا في صفوف المدنيين.

الأزمة الإنسانية

قال المجلس النرويجي للاجئين في تقريرٍ له إن عدد الوفيات في اليمن، بلغ 80,000 شخص كنتيجة مباشرة للعنف وقد يكون العديد من الناس قد ماتوا من الجوع والأمراض. وأكد المجلس أن أكثر من 30,000 حالة وفاة في اليمن في العام الماضي ناجمة مباشرة عن النزاع وهو ما يمثل زيادة بأكثر من 82 في المئة في إجمالي الوفيات المبلّغ عنها منذ عام 2017.

فيما لفت المجلس إلى أنه في كل يوم يستمر قتل وجرح مدنيين يمنيين في منازلهم وسياراتهم وحافلاتهم ومزارعهم وأسواقهم، ويستمر تدمير المنازل والمدارس والمستشفيات وخزانات المياه من قبل جميع الأطراف في هذا الصراع. وتعتبر الضربات الجوية هي المتسبب في معظم الضرر. وأكد أن العدد الإجمالي للهجمات الجوية للتحالف خلال عام 2018 انخفض، إلا أن نسبة الهجمات التي ضربت الأهداف المدنية ارتفعت بينما انخفضت الهجمات على الأهداف العسكرية. ووضح أنه من بين 3636 غارة جوية في اليمن في عام 2018، كانت 420 من هذه الغارات الجوية على مناطق سكنية، وقدر المجلس أن 600 مبنى مدني يتضرر أو يدمر كل شهر.

ويعاني أكثر من 20 مليون شخص في جميع أنحاء البلاد من الجوع، وبات 10 ملايين شخص على بعد خطوة واحدة من المجاعة، بزيادة 14 في المئة عن العام الماضي. وشردت الحرب التي تقودها السعودية 4.3 ملايين شخص أثناء النزاع بما في ذلك ما يقرب من 3.3 ملايين شخص ظلوا نازحين.

الحصار البري والبحري والجوي

أعلن التحالف السعودي الإماراتي، في نيسان/أبريل 2015 حظرًا جويًا وبريًا وبحريًا على اليمن لمنع تهريب السلاح إلى الحوثيين من إيران عبر مطار صنعاء والموانئ اليمنية بحسب زعمه. ومنع التحالف دخول المواد الغذائية، والمساعدات الإغاثية والإنسانية، عبر المطارات والموانئ اليمنية باستثناء مينائي الحديدة وعدن، ومنفذ الوديعة البري، ما فاقم من معاناة المواطنين بالإضافة إلى أن لجان التفتيش التابعة للتحالف تعرقل وصول السفن التجارية إلى ميناء الحديدة عبر البحر الأحمر، ناهيك عن وفاة المئات من المرضى لعدم قدرتهم على السفر إلى الخارج بسبب إغلاق المطارات والمعابر البرية.

تقسيم وتشظية البلاد

سعت دولتا التحالف، السعودية والإمارات، إلى تشظية البلاد وتقسيمها على أسسٍ حزبية ومناطقية ونشر ملشيات مسلحة تعمل خارج إدارة الدولة من أجل تنفيذ مشاريع احتلالية في الأراضي اليمنية.

ونشرت الإمارات الآلاف من المليشيات المسلحة في المحافظات الجنوبية سيطرت من خلالها على الموانئ الحيوية وآبار النفط بالإضافة إلى أن المليشيات التي تدربها وتمولها تقوض سلطات الرئيس هادي، الذي تدخل التحالف لدعم شرعيته. بحسب تقرير خبراء الأمم المتحدة.

ومنذ دخول التحالف سعت الإمارات إلى احتلال جزيرة سقطرى جنوب شرقي اليمن، وكانت قد نشرت العشرات من آلياتها المسلحة في الجزيرة المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي، غير أن الرفض الشعبي، أجبرها على سحب قواتها من الجزيرة. وما زالت الإمارات تدرب الآلاف من المسلحين تحت إمارة المجلس الانتقالي الجنوبي الداعي إلى انفصال جنوب اليمن.

في الجانب الآخر تسعى المملكة العربية السعودية، للسيطرة على محافظة المهرة الحدودية مع سلطنة عمان وأنشأت العديد من المعسكرات ودفعت بقوات عسكرية سعودية، إلى المحافظة خلال الأشهر الماضية. وتسعى السعودية إلى مد أنبوب نفطي عبر محافظة المهرة إلى بحر العرب، للتخلص من هيمنة مضيق هرمز الذي تشرف عليه سلطنة عُمان.

كما تدعم السعودية والإمارات، الأحزاب السياسية والجماعات الدينية التي تتصارع فيما بينها داخل اليمن، وتعرقل الوصول إلى حلول جذرية للحرب التي تشهدها البلاد، إما بالحسم العسكري أو مفاوضات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة.

توسع الحوثيين

بعد أن استفرد الحوثيون بالحكم نهاية 2017، عقب مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، تمكنت الجماعة من إحكام السيطرة على المحافظات اليمنية التي ما زالت تخضع لسيطرتها، وحوثنت كافة مؤسسات الدولة، وباتت كل مقاليد الأمور تحت يدها، ما يجعلها قوة يصعب كسرها.

إلى جانب قوتها العسكرية، طورت جماعة الحوثيين، العديد من الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة التي قصفت مواقع داخل الأراضي السعودية، وتؤكد الجماعة أنها باتت اليوم أكثر قوة.

وقال زعيم الحوثيبن، عبدالملك الحوثي في كلمة بثتها قناة "المسيرة" بمناسبة "مرور أربعة أعوام على الصمود" منذ انطلاق عمليات التحالف في اليمن: "نحذرهم من التصعيد العسكري لأنه لن تبقى فقط نتائجه على محافظة الحديدة بل ستمتد إلى عمق تلك الدول التي تشرف وترعى وتنفذ هذا العدوان".

وأضاف: "سيندم أعداؤنا وسيعرفون مستقبلًا أن عدوانهم أسهم في أن نتحول إلى بلد يطور وينتج القدرات العسكرية ليتبوأ مقعدًا وموقعًا متقدمًا بالمنطقة في هذا المجال". مضيفًا أن تطوير الأسلحة، "معجزة والثمرة العظيمة للصمود".

اقرأ/ي أيضًا: صعدة ليست الأولى.. أبرز مجازر السعودية بحق الأطفال في اليمن

وتابع: "بلدنا اليوم في هذا المجال ينتج ويصنع ويمتلك تقنيات وقدرات لاتتوفر لدى السعودي بكل ثروته وملياراته وأمواله ونفطه وكميات الرز الهائلة التي يدخرها في مخازنه ومتاجره، ولا لدى الإماراتي وكثير من الدول".

واستطرد: "نمتلك من التقنيات والقدرات الشيء المهم الذي يساعدنا في الحاضر والمستقبل في الدفاع عن بلدنا واستقلالنا، لسنا عدوانيين ولا نريد الاعتداء على أي بلد عربي، وليست مشكلة الآخرين معنا هي مخاوفهم على أمنهم من جانبنا، لا السعودي ولا الإماراتي".

رغم أن السعودية توقعت أن تحسم المعركة في اليمن خلال أسابيع قليلة فقط عقب انطلاق الحرب على اليمن، فإنها فشلت حتى في السيطرة على العاصمة صنعاء

ودعا الحوثي السعودية والإمارات إلى "علاقة قائمة على حسن الجوار والاحترام المتبادل والكف عن التدخل في الشؤون الداخلية والأمن والأمان المتبادل"، رافضًا أن تكون "علاقة عبودية"، معتبرًا ذلك "أبعد من عين الشمس".

بمثل هذه الحصيلة المرعبة من الخسائر في الأرواح والممتلكات، رفقة تدمير مصير اليمن ودفعه إلى مجاهيل كثيرة، يمكن القول أن هذا ما جنته السعودية والإمارات على اليمن، عبر سلسلة ما زالت مفتوحة من جرائم الحرب التي ترتكب كل يوم. لا تقدم أو انتصار سياسي بأي معنى من المعاني، ولا أي خطوة إيجابية لصالح اليمن وشعبه!

 

اقرأ/ي أيضًا:

اليمن.. محميات عدن الطبيعية مهددة!

مها عوض.. صورة عن تحدي نساء اليمن