29-يوليو-2018

غرافيتي في ميلانو

ألترا صوت - فريق التحرير

كان الأدب الإيطالي هو الأقل حظًّا بين آداب العالم في الترجمة إلى العربية، لكنّ السنوات الأخيرة شهدت اهتمامًا لافتًا بأدب هذه اللغة، فباتت تظهر أعمال جديدة كل فترة. هنا وقفة مع 4 أعمال روائية حقّقت حضورًا خاصًّا في لغتها الأصلية وبين قرّاء اللغة العربية.


1- ثلاثة جياد

يكتب الروائي الإيطاليّ أري دي لوكا (1950) في روايته "ثلاثة جياد" (منشورات الجمل، 2014) ترجمة نزار آغري؛ سيرةً مُشبعة بالقهر والأسى هي سيرة مُحارب ومُهاجر إيطاليّ، تمكّن أخيرًا من الفرار من الأرجنتين التي دخلت توًّا في متاهات الدكتاتورية العسكرية التي بدأت العبث بمصائر البشر، مُدخلةً بلاد التانغو في مرحلة دمويّة فتكت بها.

يضعنا أري دي لوكا، صاحب "جبل الرب"، إزاء هذه الأحداث عبر الشخصية الرئيسية في روايته، والتي صوَّر من خلالها محنة اللاجئين الإيطاليين الذين توافدوا إلى الأرجنتين في فترة الثلاثينيات، ليبلغ عددهم مع نهاية 1939 ما يُقارب 3 ملايين مهاجر.

نتعرّف أوّلًا إلى بطل الرواية الذي يعمل بستانيًا، ونكتشف مع تواتر الأحداث شغفه وولعه بالكتب المستعملة، وكرهه للكتب الجديدة التي يصفها بـ"الوقحة". وشيئًا فشيئًا، يبدأ بسرد سيرة حياته التي بدأها مهاجرًا وأنهاها فارًّا من جحيم العسكر، عبرتها امرأتان، تشاء الصدف أن تكون الثانية هي من يروي لها حكايته التي تصغي إليها مُبدية اهتمامًا شديدًا.

يجيء اهتمامها هذا انطلاقًا من شغفها هي الأخرى بحكايات الآخرين. وهنا، نتعرّف إلى حكايتها الشخصية التي لا تخلو من الغرابة والتشويق، وذلك لأنّها في الأساس طبيبة أسنان تركت مهنتها هذه إثر ارتكابها خطأً طبيًا، لتبدأ حينها حياةً جديد بوصفها الآن مومسة مُصرّة على أنّها مختلفة عن بقية المومسات، لأنّها تفعل ذلك لغرض المتعة، لا كسب المال. وعلى الطرف الآخر، نتعرّف أيضًا إلى دفورا، المرأة الأولى في حياة بطلنا البستاني، والتي أُلقيت من طائرة مروحية، مقيدة ومعصوبة العينين، في أعماق البحر.

[[{"fid":"101736","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"ثلاثة جياد","field_file_image_title_text[und][0][value]":"ثلاثة جياد"},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"ثلاثة جياد","field_file_image_title_text[und][0][value]":"ثلاثة جياد"}},"link_text":null,"attributes":{"alt":"ثلاثة جياد","title":"ثلاثة جياد","height":306,"width":200,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"}}]]

2- القرصان الأسود

توصف أعمال الروائي الإيطاليّ إميليو سالغاري بأنّها أعمال أدبية مُشبعة بروح المغامرة التي تُضفي على الحكاية أجواءً من التشويق والإثارة، والتي من شأنها بطبيعة الحال جذب القارئ وحصد اهتمامه. سالغاري المولود في مدينة فيرونا شمال إيطاليا سنة 1862، ظّلت أعماله الأدبية البالغ عددها 200 عملًا بين رواية وقصّة قصيرة، بعيدةً عن متناول القارئ العربيّ لما يُقارب مئة وعشرين عامًا. وذلك إلى أن أخذت "منشورات المتوسط" على عاتقها نقل أعماله إلى اللغة العربية، وأصدرت سنة 2016 روايته "القرصان الأسود" بترجمة العراقيّ كاصد محمّد، لتكون أوّل أعماله المترجمة إلى العربية.

"القرصان الأسود" التي صدرت للمرّة الأولى سنة 1898، وهي الجزء الأوّل أيضًا من سلسلة "قراصنة جزر الأنتيل"، تذهب بنا إلى القرن السابع عشر، حيث تدور المعارك تدور بين القراصنة وأساطيل البحرية الإسبانية التي كانت آنذاك في أوج قوِّتها. وهنا يصوِّر لنا إميليو سالغاري ببراعة عالية تلك المعارك التي كانت تدور عادةً في البحار وتمتدُّ أحيانًا لتصل إلى قلاع المستعمرات الإسبانية.

يروي سالغاري مغامرات القراصنة في ذلك الزمن، من خلال حكاية قرصان يُسمّى القرصان الأسود، يجمعه بـ"الدوق فان غولد"، حاكم ماراكابيو عداءً متبادلًا، يدفع الدوق لإعدام شقيقي القرصان، ليبدأ الأخير هنا رحلة ثأر برفقة عددٍ من القراصنة الآخرين. وفي هذه الرحلة، يضعنا سالغاري إزاء قوانين البحر التي يسنّها القراصنة، ونتعرّف أيضًا إلى أهواله، أي البحر، والعلاقة الحميمية التي تجمعه بهؤلاء القراصنة.

[[{"fid":"101737","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"القرصان الأسود","field_file_image_title_text[und][0][value]":"القرصان الأسود"},"type":"media","field_deltas":{"2":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"القرصان الأسود","field_file_image_title_text[und][0][value]":"القرصان الأسود"}},"link_text":null,"attributes":{"alt":"القرصان الأسود","title":"القرصان الأسود","height":308,"width":200,"class":"media-element file-default","data-delta":"2"}}]]

3- حب في سردينيا

شيَّدت الروائية الإيطالية ميلينا آغوس روايتها "حب في سردينيا" (دار الساقي، 2016) ترجمة نبيل رضا المهايني؛ على ثنائية تسير وفقًا لخطٍّ سرديّ واحد، وهي ثنائية الحب والحرب.

إذًا، ثمّة في الأجواء حرب تُعيد صياغة مصائر البشر، والعبث فيها كيفما شاءت، وهي الحرب العالمية الثانية. وعلى الجانب المقابل، ثمّة حب يصوغ مصائر فردية لبشر نجوا من أهوال تلك الحرب، ليدخلوا حربًا ضروسًا مع الذات، لا تقلّ نتائجها سوءًا عن الحرب التي تدور على بعد مئات الأمتار من مسرح أحداث الرواية.

تروي لنا ميلينا آغوس في "حب في سردينيا" سيرة امرأة لا تنفكّ تطاردها رغباتها الجنسية المُلتهبة، الأمر الذي يصل بها لأن تكتب قصائد أيروتيكية تُحاول من خلالها إغواء القادمين لخطبتها لغرض إخماد شغفها، غير أنّ قصائدها تلك كانت تدفع الرجال للهرب منها، وهكذا إلى وجدت نفسها تبلغ الثلاثين من العمر وهي لا تزال عزباء. لكنّ الأمر لا يلبث أن يتغير، إذ يقصد منزل عائلتها رجل دمّرت الطائرات الأمريكية قريته، وسلبت منه الحرب التي بلغت ذروتها بين الحلفاء ودول المحور زوجته وأبناءه. ليجد نفسه مجبرًا على الزواج من تلك المرأة التي لُقِّبت في قريتها بـ"المجنونة"، وجاء زواجه منها كردٍّ لجميل عائلتها التي استضافته في منزلها.

أوكلت آغوس مهمة سرد سيرة هذه المرأة لحفيدتها التي تخبرنا عن وقوع جدّتها في الأربعين من عمرها في حبّ جندي يعود من الحرب بساقٍ واحدة، وكانت قد التقت فيه أثناء جلسات علاجها، لتبدأ بينهماه علاقة جنسية صاخبة، وحبّ من طرفها هي فقط.

[[{"fid":"101738","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"حب في سردينيا","field_file_image_title_text[und][0][value]":"حب في سردينيا"},"type":"media","field_deltas":{"3":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"حب في سردينيا","field_file_image_title_text[und][0][value]":"حب في سردينيا"}},"link_text":null,"attributes":{"alt":"حب في سردينيا","title":"حب في سردينيا","height":303,"width":200,"class":"media-element file-default","data-delta":"3"}}]]

4- قاطفة اللوز

"أنا مدينة لتأخّر طائرة باليرمو – لندن بلحظة الإلهام التي دفعتني لكتابة هذه الرواية". بهذا الإهداء الغريب نوعًا ما، والمفاجئ أيضًا، تستهلُّ الروائية الإيطالية سيمونتا أنيللو هورنوبي روايتها "قاطفة اللوز" (المركز القومي للترجمة، 2015) ترجمة نجلاء والي.

هورنوبي المولودة في مدينة باليرمو الإيطالية سنة 1945، بدأت الكتابة في السابعة والخامسين من عمرها، أي أنّ "قاطفة اللوز" التي صدرت أوّل مرّة سنة 2002 هي روايتها الأولى، والأكثر شهرة بين أعمالها أيضًا.

جاءت "قاطفة اللوز" بقصّة بسيطة ومسلّية، لكنّها في الوقت نفسه بذلت جهدًا كبيرًا في سبيل أن تتمكّن من الإطلالة، قدر ما تستطيع، على أمكنة تبدو مهمّشة. فالمدينة التي قررت هورنوبي أن تكون مسرحًا لأحداث روايتها هذه، هي في الأساس مدينة تحظى عصابات المافيا فيها بتاريخ وتواجد كبيرين. وجلّ ساكنيها من العائلات الثرية الراقية، والسماسرة الذين ليسوا سوى جزءًا من شبكات المافيا هناك.

هكذا، تروي لنا هورنوبي قصّة امرأة بدأت حياتها بالفقر والعمل في قطف اللوز والخدمة في منازل أثرياء المدينة. قبل أن تصير فجأة سيدة ثريّة في منزل عائلة "الفاليبي" التي تُعاني ضائقة مادّية جاءت كنتيجة طبيعية لسوء إدارتها لثرواتها. وهنا، تستطيع الخادمة بشخصيتها القوية وذكاءها إدارة أملاك هذه العائلة والحفاظ عليها، وسط شائعات كثيرة أطلقها سكّان المدينة، وأهمّها أنّ الخادمة السابقة، والسيدة الثريّة الآن، تربطها علاقاتٍ قوية بالمافيا.

[[{"fid":"101739","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"قاطفة اللوز","field_file_image_title_text[und][0][value]":"قاطفة اللوز"},"type":"media","field_deltas":{"4":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"قاطفة اللوز","field_file_image_title_text[und][0][value]":"قاطفة اللوز"}},"link_text":null,"attributes":{"alt":"قاطفة اللوز","title":"قاطفة اللوز","height":286,"width":200,"class":"media-element file-default","data-delta":"4"}}]]

اقرأ/ي أيضًا:

4 روايات عن الغزو العراقي للكويت

4 روايات عربية لعطلة نهاية الأسبوع