31-أكتوبر-2017

صحراوية باللباس التقليدي المميز (كريستينا كيكلار/أ.ف.ب)

لا تشبه المرأة الصحراوية باقي نساء المغرب، هذا استنتاج شهير، كما أنها لا تشبه نساء العرب عامة أساسًا من حيث العادات والتقاليد، فالمجتمع الصحراوي المغربي له طقوس مميزة، يقدس فيها المرأة أحيانًا ويقسو عليها في أحيان أخرى. في هذا التقرير لمحة عن بعض هذه العادات الفريدة للمرأة الصحراوية في المغرب.

لا يعني الاحتفاء بالطلاق تشجيع النساء الصحراويات عليه بقدر ما يعني حفظًا لكرامتها وتدعيمًا لحظوظها في الزواج من جديد

1. يحتفلن بالطلاق..

للمرأة المطلقة في المجتمع الصحراوي مكانة هامة وسط النساء قد لا تتوفر عند المرأة المتزوجة أو البكر، فالمجتمع الصحراوي المغربي يحتفل بالمرأة المطلقة، عبر إقامة حفل نساء راقص بمجرد انتهاء عدتها. لا يعني الاحتفاء بالطلاق تشجيع النساء الصحراويات عليه بقدر ما يعني حفظًا لكرامتها وسط قبيلتها ومعارفها.

لهذا لا تستغرب إن استقبلت المرأة المطلقة في منزل أهلها بالزغاريد وأحيانًا بنحر الإبل على شرفها، فضلًا عن إقامة حفل نسائي راقص بمجرد انتهاء عدتها، تحييه فرقة موسيقية وتقدم خلاله أشهى المأكولات.

والهدف من هذه الطقوس هو إشهار طلاقها للراغبين في طلب يدها من جديد، وغالبًا ما تجد المرأة المطلقة حظوظًا في الزواج للمرة الثانية والثالثة في المجتمع الصحراوي، فالرجل الصحراوي يسعى إلى الزواج بالمرأة المطلقة لما لها من مكانة وسط نساء محيطها. كما أنها تتلقى الهدايا من صديقاتها ونساء العائلة في حفل الطلاق، دون أن ننسى أنها تتمتع بحرية الخروج بمفردها والتجول بين المنازل والقبائل، وهي الحرية التي قد لا تتوفر عند الفتاة البكر أو المتزوجة.

اقرأ/ي أيضًا: مغربيات بعد الطلاق.. فخورات بقرارهن

2. "السمينة" هي الجميلة..

صدق أو لا تصدق، معيار جمال المرأة في المجتمع الصحراوي يكمن في الجسد المكتنز المليء. ومن بين الأمثلة الشعبية التي يتم تداولها بين ساكنة الصحراء بالمغرب، والتي تثبت أن صاحبة الكيلوغرامات الزائدة هي الجميلة، "مرا سمينة كلمتها متينة"، أي المرأة السمينة تفرض كلمتها، أو "المرا الرقيقة يجي العجاج ويطيرها".

كما أن المرأة النحيفة لا حظوة لها أمام باقي النساء، ولا نبالغ أبدًا إن قلنا إنها  تعتبر "فالًا سيئًا" على العائلة، لأن عدم زيادة وزنها، في نظرهم، يدل على بخل وفقر عائلتها في المجتمع الصحراوي، لهذا فرص الزواج عند هذه المرأة قليلة إن لم نقل نادرة. أما المرأة السمينة فهي محببة،  وتعتبر سمنتها دليلاً على كرم الأهل وثرائهم.

لهذا تتبع الصحراويات المغربيات نظامًا قاسيًا قصد زيادة الكثير من الكيلوغرامات، وهو يسمى محليًا بـ"التبلاح"، أو "التسمين" والذي يتم عبر مجموعة من المراحل. تنبني أولى المراحل بالأساس على الجانب النفسي، بإقناع  الفتاة  بالخضوع لعملية "التبلاح"، خوفًا عليها من العنوسة، ويتم هذا الإقناع بمختلف الطرق ويصل لاعتماد طرق قاسية مثل الضرب والإكراه.

تتبع الصحراويات المغربيات نظامًا قاسيًا قصد زيادة الوزن وهو يسمى محليًا بـ"التبلاح"، أو "التسمين" والذي يتم عبر مجموعة من المراحل

أما المرحلة الثانية فتتمثل في عملية "الحقين"، ويبدو أنها المرحلة الأصعب والأخطر، إذ تجلس الفتاة أزيد من شهرين قرب البحر في خيمة خاصة لها، تقوم النساء المتمرسات في هذا النوع من النظام، بملئ قنينات ضخمة بماء البحر يتم وصلهن بأنبوب رقيق، وبعد التدفئة يقمن بإدخال الأنبوب في مؤخرة الفتاة من أجل تنقية أمعائها استعدادًا لعملية "التبلاح"، وللإشارة هذه العملية صعبة جدًا وتتسبب في الكثير من الآلام للفتاة الصحراوية. والكثير من الحقوقيات يحاولن جاهدات إقناع النسوة الصحراويات بالتخلي عن هذه العادة. يذكر أن ثمة مرحلة أخرى بعد مرحلة "الحقين"، وهي مرحلة  تناول الأعشاب والأكل بمختلف أنواعه.

اقرأ/ي أيضًا: البدانة.. جمال في العيون الموريتانية

3. الغزل المباح أو "التبراع"

شعر "التبراع"، هو فن الغزل الذي لا تتقنه إلا الصحراويات من قبائل "البيضان"، الذين يستقرون في جنوب المغرب وفي موريتانيا ومناطق أخرى مجاورة. حيث جرت العادة، في مناسبات معينة، أن تجتمع النساء الصحراويات من نفس الجيل، بعيدًا عن أعين كبار السن، يجلسن داخل خيمة سوداء، تبدأ إحداهن بقول "التبراع"، أي إلقاء الشعر وذلك بإنشاد جزء لتتبعها المرأة الثانية ثم الثالثة وهكذا.

وفي سرية مطلقة، تنظم النساء أبيات للتعبير عن حبهن لرجل أثار إعجابهن سواء من القبيلة أو العائلة. وتجدر الإشارة أن هذا الغزل أو فن "التبراع" غير إباحي، والغريب أن هذا الغزل والكلمات الرقيقة التي تتضمنها أبيات "التبراع" تقف عند حدود الخيمة والصديقات، فلا يعرف الرجل  المقصود.

شعر "التبراع"، هو فن الغزل الذي لا تتقنه إلا الصحراويات من قبائل "البيضان" وهو شعر غير إباحي يتغزلن من خلاله برجال القبيلة

4. تزن وزنها ذهبًا..

"لا سابقة ولا لاحقة"، هذا ما تشترطه المرأة الصحراوية على الرجل الراغب في الزواج منها، ومعنى هذه العبارة المحلية هو أن لا يكون الرجل متزوجًا من قبلها وأن لا ينوي الزواج بعدها، إضافة إلى شروط أخرى، من بينها المهر الذي أحيانًا يكون باهظًا، وفقا للمكانة الاجتماعية للمرأة في المجتمع الصحراوي.

يكون عقد القران يوم "الدفوع"، وهو نفس اليوم الذي يتكلف فيه أهل العروس بإعداد وجبة الغذاء لأن إجراءات العقد ستتم داخل بيتهم تحت إشراف ولي أمرها وشيخ، ليتم بعد ذلك توثيق العقد بالمحكمة بحضور أولياء أمر العريس وبعض الأقارب كشهود. المهر هو عادة مبلغ مالي محترم فضلاً عن ضرورة شراء الإبل لعائلة المرأة. وليس هناك مقدار محدد للمهر، فهو يختلف باختلاف العائلات والمكانة الاجتماعية. وقد يُطلب وزن الفتاة ذهبًا، وأحياناً قد يتساهل والد العروس في مقدار المهر خصوصًا إذا كان العريس من الأقارب ويتم العكس عادة إذا كان من قبيلة أخرى.

 

اقرأ/ي أيضًا:

صحراء المغرب.. وجهة للترفيه والاستشفاء

"مرزوكة" المغربية.. بحر الرمال وسحر الغروب