12-ديسمبر-2017

وقع ترامب في 4 أخطاء على الأقل بإعلانه القدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي (تشيب سوموديفيلا/ Getty)

في الكلمة التي أعلن فيها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اعتراف إدارته بالقدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي، وعليه نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس؛ اتهم الرؤساء السابقين بـ"عدم الشجاعة" لتأخرهم في اعتماد قانون عام 1995 الذي حثّ فيه الكونغرس، الإدارة الأمريكية بنقل السفارة إلى القدس.

بإعلانه أن القدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي، يكون ترامب قد ارتكب أربعة أخطاء على الأقل دفعة واحدة، بينها ما يمس باستقرار حكمه 

زعم ترامب أنّه باتخاذه هذه الخطوة التي قوبلت بالرفض والاستهجان دوليًا، بأنها محاولة لتجاوز "نفس الاستراتيجيات الفاشلة" في التعامل مع قضية الصراع العربي الإسرائيلي. لكن على ما يبدو لم يكن ترامب محقًا بأي شكلٍ من الأشكال، فقد جرّ بإعلانه هذا، إدارته للمزيد من الأخطاء التي سيسجلها التاريخ عليها.

1. انتهاك القانون الدولي

أبقى العرف القانوني الدولي، وضعية مدينة القدس المُحتلة مُعلقًا، وكما قال مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الخارجية، نبيل شعث، فإنّ "قرار دونالد ترامب ينتهك القانون الدولية والاتفاقيات الدولية"، مُشيرًا إلى الوضعية القانونية المُعلقة للقدس المحتل لحين التوصل لاتفاق شامل بين الفلسطيين والاحتلال الإسرائيلي.

اقرأ/ي أيضًا: عزمي بشارة: كل فلسطين قدس

من جهة أُخرى فإنّ القرار الأمريكي سيعزز من الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة للقوانين والمواثيق الدولية، فهو بهذا يُمثل في نفسه انتهاكًا قانونيًا، ويعزز على الانتهاك القانوني الذي يمضي فيه قدمًا الاحتلال الإسرائيلي سياسيًا وعسكريًا.

2. تعزيز انعدام الأمن والاستقرار في المنطقة

تعيش المنطقة، والعالم، حالة من الفوضى والقلاقل المستمرة، والتي تضاعف منذ سنوات. وبإعلان ترامب الأخير فإنّه يزيد من حالة الفوضى وانعدام الأمن والاستقرار العالميين، كما أنّه يُعزز من تأخير أي عمليات سلام مُحتملة في المنطقة كان يسعى إليها ترامب، أو قد وعد بها في شهور حكمه الأولى.

عن هذا، قال سفير السلطة الفلسطينية في مصر، دياب اللوح، إن القرار الأمريكي "هو في الواقع قبلة الموت لأي مظهر من مظاهر السلام والاستقرار في المنطقة"، مُتهمًا ترامب بأنه "لا يدرك خطورة وتداعيات قراره".

في سياق مُتصل، أصدرت بعض السفارات في دول عربية، تحذيرات لرعاياها على خلفية قرار ترامب، خشية تصاعد مظاهر الاحتجاج على القرار. وقد شهدت السفارة الأمريكية في دولة كلبنان محاولة اقتحام لها، خلال تظاهرة احتجاجية على قرار ترامب الاعتراف بالقدس المحتل عاصمة للاحتلال الإسرائيلي.

احتجاجات في محيط السفارة الأمريكية ببيروت
احتجاجات في محيط السفارة الأمريكية ببيروت

3. سقطة جديدة لترامب 

منذ وصوله للبيت الأبيض، ومن قبل ذلك، أي أثناء الحملة الانتخابية، ويُجيد ترامب، عن قصدٍ أو بدون قصد، إثارة الجدل حول تصرفاته. ومنذ توليه الحكم والفضائح السياسية تلاحق الرئيس اليميني المتشدد، المهدد في أي وقت بعزله من منصبه على خلفية اتهامات سياسية وأمنية بحقه، تزداد وطأتها كل حين. 

من المرجح جدًا أن ترامب تعجّل بإعلانه الأخير الخاص بالقدس، ليُغطي على الفضائح التي تلاحقه داخليًا، والتي كان آخرها اعتراف مستشاره السابق للأمن القومي، مايكل فلين، بأنه كانت هناك اتصالات بين حملة ترامب ومسؤولين روس، وإعرابه عن استعداده أن يشهد ضد ترامب في هذا الصدد. 

مع ذلك، يُرجح من جهة أُخرى أن يجر إعلان ترامب الأخير، على نفسه وإدارته، الهجوم الذي لم يتوقف، مع استدعاء كل ما أثير حول الرجل سواءً بدعمه وتأييده للعنصريين المتطرفين في بلاده وخارجها أو ما يعتبره الأمريكيون تهديدًا للأمن القومي للبلاد بالتواصل المباشر مع مسؤولين روس للتنسيق بشأن الانتخابات، أو بدعمه لأنظمة متهمة بارتكاب جرائم حرب في المنطقة، كما الحال مع السعودية والإمارات على وجه التحديد.

4. تكريس لعزلة أمريكا وسقوطها كوسيط لـ"السلام"

توشي تحركات ترامب، ومن قبلها خطاباته وتصريحاته، بسعي نحو عزل الولايات المتحدة عن محيطها العالمي كفاعل مُؤثر أساسي. يُرى ذلك في جملة تصريحات ترامب العنصرية، وكذا في خطوات مثل الانسحاب الأخير من الاتفاق العالمي للهجرة، ومن قبله الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ.

قرار ترامب يُكرس للعزلة الأمريكية على يديه (Getty)
قرار ترامب يُكرس للعزلة الأمريكية على يديه (Getty)

وبالإضافة إلى قدرته الخارقة لكسب عداوات الحلفاء التقليديين في الاتحاد الأوروبي، فإن ترامب بقراره الاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي، يُسقط الإرث التاريخي للإدارات الأمريكية المتعاقبة كوسيط لعملية السلام في المنطقة. صحيح أنها لم تكن يومًا وسيطًا مُحايدًا بأي شكل، إلا أنها بحكم الأمر الواقع كانت صاحبة الصوت الأعلى في هذا الشأن.

قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي، يزيد عزلة الولايات المتحدة ويُسقطها من الوساطة في مباحثات السلام بالمنطقة

وعلى حد قول رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، فإن قرار ترامب الأخير "يُنهي دور واشنطن الذي امتد لعقود كوسيط في مباحثات السلام مع إسرائيل"، وهو أمر يعزز من جهة عزلة الولايات المتحدة على يد ترامب، وقد يؤدي من جهة أخرى لانعدام الاستقرار في المنطقة والعالم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

 تقدير موقف: قرار ترامب إعلان القدس عاصمة لإسرائيل: الدوافع والمعاني والآفاق

السفارة الأمريكية إلى القدس.. متابعة إعلامية وردود دولية غاضبة