23-يناير-2019

الطبيب الروسي روجوزوف يجري لنفسه عملية استئصال الزائدة الدودية (Wikimedia)

ألترا صوت - فريق التحرير

العملية الجراحية هي إجراء شديد الدقة، ويتطلب لتنفيذه مهارة عالية وتركيزًا كبيرًا من قبل الطبيب الجراح المتخصص. وعادة ما تجرى العمليات الجراحية بعد تخدير المريض الخاضع للعملية.

في العشرينات أجرى الألماني فرنر فورسمان لنفسه عملية قسطرة قلب فصل بسببها من عمله، بوعد 17 عامًا حصل بسببها على جائزة نوبل

لكن على مدار سنوات، ولأسباب عديدة، سُجّلت حالات غاب فيها أحد أفراد ثنائية العمليات الجراحية: الطبيب والمريض! فكان الطبيب هو نفسه المريض، والجراح هو صاحب الجسد الخاضع للعملية!

شاهد/ي أيضًا: فيديو: كيف أنقذ قلب رجلٍ هندي حياة امرأة أردنية؟

في بعض الحالات تخطى ولع الأطباء في فهم جسم الإنسان حدود المكتبات، ما دفعهم إلى شق أجسادهم لاكتشافها، وفي حالات أخرى لم تترك الظروف القاهرة خيارًا آخر للبقاء على قيد الحياة سوى تنفيذ العمل ذاتيًّا.

قد لا يكون مصطلح العملية الجراحية الذاتية مألوفًا، وخاصة في العصر الحديث، إلا أنه قد سجلت بعض الحالات النادرة وفيما يلي تفاصيل ثلاثة منها:

1. قسطرة القلب

كان فرنر ثيودور أوتو فورسمان، طالبًا في إحدى كليات الطب بألمانيا في عشرينات القرن الماضي، عندما أثار أحد أساتذته تساؤلًا ظل عالقًا بباله. كان ذلك السؤال هو: هل من الممكن الوصول إلى القلب من خلال الأوعية والشرايين دون الحاجة إلى جراحة؟

كان فورسمان قد قرأ من قبل مقالًا عن طبيب بيطريّ تمكن من الوصول إلى قلب حصان عن طريق أنبوب أدخله من خلال الوريد الوداجي الداخلي.

فرنر فورسمان

وتوصل فورسمان من خلال ذلك إلى نظرية مفادها أنه من الممكن الوصول إلى القلب بالطريقة ذاتها. وأراد فورسمان إجراء التجربة على أحد المرضى، إلا أن رئيس الجراحين آنذاك رفض ذلك خوفًا على سلامة المريض.

ورفض الرئيس كذلك طلب فورسمان في إجراء التجربة على نفسه للسبب ذاته؛ فما كان من فورسمان إلا أن طلب الإذن من الممرضة المسؤولة، باستخدام غرفة العمليات، فرحبت بالفكرة وعرضت عليه أن يقوم بإجراء العملية عليها. إلا أنه وعلى الرغم من شجاعتها، صمم على إجراء العملية على نفسه.

أوهم فورسمان الممرضة بإجرائه العملية عليها، ولكنه قام بتخدير وريده ودس الأنبوب مسافة 30 سم في ذراعه، قبل أن تكتشف الممرضة الأمر.

نجحت تجربة فورسمان، ولكنه قوبل بالفصل من عمله بسبب خرقه للقوانين، وعندما لم يقبل أي قسم جراحي بالعمل معه تحول إلى علم المسالك البولية.

وبعد 17 عامًا من تلك التجربة العجيبة، حصل فورسمان إلى جانب اثنين آخرين، على جائزة نوبل في الطب عن دوره الكبير في اكتشاف عملية قسطرة القلب، وذلك عام 1956.

2. عملية استئصال للزائدة الدودية

في عام 1960، كان ليونيد روجوزوف أحد أعضاء البعثة السوفييتية الأنتاركتيكية، وكان الطبيب الوحيد في الفريق.

وبعد أسابيع من الخروج في البعثة، بدأ الجراح البالغ من العمر 27 عامًا يشعر بأعراض كالحمى والضعف والغثيان، وألمٍ حاد في الجزء السفلي من البطن.

أدرك روجوزوف بأن هذه الأعراض لا بد وأنها بسبب التهاب في الزائدة الدودية. ولم تساعد العقاقير في تحسين حالته، إذ كان لا بد من التدخل الجراحي.

ليونيد روجوزيف

كتب روجوزوف عن ذلك في مذكراته قائلًا: "لم أستطع النوم الليلة الماضية أبدًا، الألم لا يُحتمل، عاصفة ثلجية تجتاح روحي".

ومع زيادة حدة الشتاء وتجمد البحر، لم يكن لدى روجوزف أمل في العودة سريعًا من أجل إجراء العملية، فما بقي له خيار سوى إجراء العملية بنفسه! 

وسبق لروجوزوف أن أجرى هذه العملية عدة مرات سابقًا، لكن بالطبع إجراء العملية لنفسه لن يشبه أي من الحالات السابقة.

طلب روجوزوف المساعدة من ثلاثة من زملائه؛ أحدهم كان مسؤولًا عن حمل المرآة والمصباح، والثاني عن مناولته المعدات عند احتياجه إليها، أما الثالث فبقي في الاحتياط في حالة إصابة أحدهم بالإغماء بسبب منظر الدم.

وشرح روجوزوف لزملائه كيف عليهم استخدام الأدرينالين لإيقاظه في حال فقده للوعي. وبالفعل نجحت العملية، وبعد أسبوعين فقط من إجرائه لها، عاد روجوزوف إلى كامل صحته.

3. عملية ولادة قيصرية

على عكس القصتين السابقتين، بطلة هذه القصة لم يكن لديها أي خبرة في الطب! حصلت هذه الواقعة في آذار/مارس 2000 في قرية نائية في المكسيك حيث كان وصول أي رعاية صحية أمرًا مستحيلًا.

كانت امرأة تبلغ من العمر 40 عامًا، حاملًا في طفلها التاسع. وقبل عامين من ذلك الحمل، فقدت هذه السيدة طفلًا بسبب تعسّر الولادة.

لذا بعد ساعات من تعسر الولادة مرة أخرى، خشيت المرأة من أن تفقد الطفل مجددًا، فقررت أن تقوم بشق نفسها وإخراج الطفل بنفسها.

شربت الأم البائسة مشروبات كحولية قوية ثم قامت بشق بطنها ثلاث مرات. استغرقت العملية الناجحة ساعة واحدة، وأخيرًا تنفس الطفل خارج الرحم.

في عام 2000 أجرحت سيدة ريفية مكسيكية لا علاقة لها بالطلب، عملية ولادة قيصرية ناجحة لنفسها، واستطاعت أن تتعافى بعدها تمامًا

وصلت ممرضة إلى السيدة في وقت متأخر، إلا أنها ساعدت في تقطيب الجرح ونقلها إلى أقرب مستشفى يبعد عنها مسيرة ثماني ساعات. تعافت السيدة الشجاعة و غادرت المستشفى بعد عشرة أيام.

 

اقرأ/ي أيضًا:

سيرجيو كانافيرو وأكذوبة عملية "زراعة الرأس".. بيع أوهام ودجل إعلامي

تونسية شابة تقدم أملًا جديدًا لمرضى الزهايمر