06-أكتوبر-2018

يحد بقاء "عجائز الشأن العام" في مناصبهم، من الفرص أمام الشباب في المغرب (Getty)

رغم كل الانتقادات التي قد تطالهم بسبب أقدميتهم الغابرة أو فشل تسييرهم، يصر السياسيون المغاربة على الاحتفاظ بكراسيهم، كلما استطاعوا ذلك، ويأبون إفساح المجال أو إعطاء فرصة للآخرين في تدبير الشأن العام، خلافًا لمعظم سياسيي العالم الذين عادة ما يغادرون مناصبهم السياسية تلقائيًا بعد تبين فشلهم أو إمضاء فترة من الزمن.

بالمقارنة مع زعماء آخرين، فإنه عند تعيين  امحند العنصر  وزيرًا للبريد سنة 1981 كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون طفلًا بعمر 5 سنوات  فقط، ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانثيز بعمر 10 سنوات

في هذا التقرير نقدم ثلاث شخصيات عمرت طويلًا كزعامات خالدة في العمل السياسي أو النقابي بالمغرب.

امحند العنصر.. شيخ السياسيين

دخل امحند العنصر ميدان السياسة قبل أكثر من 40 سنة، حينما انخرط في حزب الحركة الشعبية سنة 1975، ليُنتخب أمينًا عامًا للحزب سنة 1986، ومنذ ذلك الوقت، لم يتزحزح عن كرسي الأمانة العامة للحركة الشعبية إلى اليوم. و نجح قبل أيام، رغم كل الانتقادات، في الحصول على كرسي رئاسة الحزب، وهو في عمر 76 سنة، ليكمل مسيرته منذ 36 عامًا في قيادة الحركة الشعبية.

ليس هذا فحسب، بل زَاوج بين العديد من المسؤوليات، ففي سنة 1981 عُين وزيرًا للبريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، ثم وزيرًا للفلاحة سنة 2002، وبعد ذلك سيتحول إلى وزير للدولة سنة 2009، ليصعد بعدها إلى "أم الوزارات" ويصبح وزيرًا للداخلية سنة 2012، فيما يترأس في 2018 جهة فاس بولمان ويقود حزب الحركة الشعبية.

اقرأ/ي أيضًا: المغرب.. نحو إلغاء مجانية التعليم العمومي!

لقد عايش امحند العنصر 12 حكومة وسبعة برلمانات على مدار أربعة عقود. وبالمقارنة مع زعماء آخرين في العالم، فإنه عندما عيّن وزيرًا للبريد سنة 1981 كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون طفلًا بعمر 5 سنوات  فقط، ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانثيز كان في عمر 10 سنوات، بينما لم يكن رئيس وزراء كندا جاستن تورودو، يتجاوز آنذاك 11 عامًا.

ومنذ جاء العنصر إلى منصب الأمانة العامة للحركة الشعبية لم يتغير قط خطها السياسي أو برنامجها الانتخابي، إذ ظلت حزبًا تقليديًا قريبًا من "دار المخزن" أو السلطة، يستند في حملاته الانتخابية على الأعيان، ويجمع شعبيته من القرويين، يتحالف تارة مع حزب يساري وتارة أخرى يجتمع مع حزب يميني، من أجل إيجاد موضع قدم له في التركيبة الحكومية.

عبد الواحد الراضي.. أقدم برلماني في العالم

عندما ولج قبة البرلمان المغربي لأول مرة سنة 1963، وُصف عبد الواحد الراضي حينها بكونه أصغر نائب في تاريخ المغرب، لكنه تحوّل اليوم إلى أقدم برلماني في العالم، لم يُهزم أبدًا في أي استحقاقات تشريعية على مدى 53 سنة إلى الآن، ولا يزال بقاؤه في البرلمان مستمرًا، بعد أن نجح في الظفر بمقعده البرلماني المعتاد، في الانتخابات التشريعية لعام 2016.

دخل الراضي البرلمان منذ حقبة حكم الرئيس الفرنسي "شارلي ديجول"، وآوته قُبة المؤسسة التشريعية منذ أن كان الرئيس الأمريكي "جون كيندي" في الحكم، ولايزال برلمانيًا حتى الآن، للمرة التاسعة على التوالي، دون أن يستطيع أحد من المرشحين المنافسين الإطاحة به.

وانخرط عبد الواحد الراضي مبكرًا في العمل السياسي، إذ انتخب عضوًا في المجلس الوطني لحزب الاتحاد الاشتراكي منذ عام 1962، ثم عضوًا في لجنته الإدارية سنة 1996، وأصبح عضوًا بالمكتب السياسي للحزب منذ عام 1989. وتقلّد أيضًا مسؤولية نائب الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي سنة 2003، وصار كاتبًا أولًا في سنة 2008.

نوبير الأموي.. الزعيم النقابي الخالد

هو أحد أقدم الزعامات في تاريخ الحركة العمالية بالمغرب، يترأس نقابة الكونفدرالية الديموقراطية للشغل منذ تأسيسها سنة 1978 إلى اليوم.

اقرأ/ي أيضًا: هل يحتاج المغرب إلى ضرائب جديدة أم إلى إصلاح ضريبي؟

انخرط نوبير الأموي مبكرًا في "العمل النضالي والنقابي"، إذ التحق بحزب الاستقلال، الذي كان يمثل الشريحة الكبرى من الحركة الوطنية إبان عهد الاستعمار، منذ عام 1952. وبمجرد التحاقه بالتعليم، انضم إلى "الاتحاد المغربي للشغل"، الجناح النقابي للحركة الوطنية. وعُين مسؤولًا عن اللجنة العمالية بالرباط في 1963.

وفي سنة 1978، تأسست نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وأصبح نوبير الأموي زعيمًا لها، ولا يزال منذ ذلك الحين قائدًا للنقابة التاريخية. ومع أن الرجل قدّم في بدايات نشاطه "نضالات" تستحق التقدير، تعرض بسببها للاعتقال سنة 1981 وسجن لمدة عامين، غير أن احتفاظه بمنصب الزعامة لنقابة تمثل حقوق العمال طوال 40 سنة، هو ممارسة "غير ديموقراطية" كما يقول ناشطون.

وبسبب الأطر التقليدية القديمة التي جعلت النقابات بمثابة عقارات أو شركات خاصة، تحول العمل النقابي في المغرب إلى نشاط لا يعكس مصالح الطبقة الشغيلة، التي باتت تتعرض إلى ضربة تلو الأخرى من قبل السياسات الحكومية ولوبيات القطاع الخاص.

 

اقرأ/ي أيضًا:

المغرب تهتز.. فاجعة الصويرة تعكس عمق معاناة المواطن المغربي

البطالة في المغرب.. توقعات متشائمة ومخاوف متزايدة