26-أغسطس-2018

لاقى قانون التجنيد الإجباري في المغرب جدلًا واسعًا (Getty)

دخل قانون الخدمة العسكرية الإجبارية حيز التنفيذ رسميًا في المغرب، بعد أن صادقت عليه الحكومة مؤخرًا، ووافق عليه المجلس الوزاري الذي يترأسه الملك محمد السادس، حيث سيتم فرض التجنيد على الشباب ما بين 19 و25 سنة، ذكورًا وإناثًا، لمدة 12 شهرًا.

يؤكد القانون المغربي الجديد، المرقم بـ 44.18، أن الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و25 سنة ملزمون بأداء الخدمة العسكرية لمدة 12 شهرًا

وكان المغرب قد شرّع التجنيد الإجباري أول مرة سنة 1966، بأمر من الملك الراحل الحسن الثاني، ثمّ أُلغي سنة 2007، ليتم إعادته من جديد، على نحو مفاجئ، مما أثار جدلًا واسعًا وسط الرأي العام المغربي والشباب بين مؤيد ومعارض.

1. ما هي مضامين قانون الخدمة العسكرية الجديد؟

يؤكد القانون الجديد، المرقم بـ 44.18، أن الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و25 سنة ملزمون بأداء الخدمة العسكرية لمدة 12 شهرًا، باستثناء النساء المتزوجات أو الذين يعانون من عجز بدني أو صحي، أو الراغبين في متابعة دراستهم، فإنهم يستفيدون من إعفاءات نهائية أو مؤقتة بعد إدلائهم بشهادات إثبات لوضعهم. كما يستثنى أيضًا الأشخاص الذين حكم عليهم بعقوبة جنائية أو بالسجن النافذ لمدة تزيد عن ستة أشهر، ما لم يحصلوا على إعادة الاعتبار.

اقرأ/ي أيضًا: المغرب.. نحو إلغاء مجانية التعليم العمومي!

أما الأشخاص الذين يرفضون أداء الخدمة العسكرية، بعد أن تستدعيهم السلطات، دون سبب وجيه، فإنهم يعاقبون بالسجن من شهر إلى ثلاثة أشهر وغرامة من 2000 إلى 5000 درهم، كما تبين المادة 15 من قانون التجنيد.

وينص القانون أيضًا على أن المجندين يخضعون للقوانين والأنظمة العسكرية، وهم ملزمون بالانضباط أثناء الخدمة، وبواجب التحفظ وحماية أسرار الدفاع وخاصة كل ما يتعلق بالوقائع، والمعلومات والوثائق التي اطلعوا عليها بمناسبة الخدمة العسكرية، حتى بعد تسريحهم.

ويستفيد المجندون من أجر وتعويضات، ستحددها نصوص تنظيمية، وأيضًا من العلاجات في المستشفيات العسكرية، والتغطية الصحية، والتأمين عن الوفاة والعجز، والمساعدة الطبية والاجتماعية.

وفي نهاية الخدمة العسكرية، يسرح المجندون ويُدرجون ضمن احتياطي القوات المسلحة الملكية، ويمكن الاحتفاظ ببعضهم للعمل في المؤسسات العسكرية، إذا ما أرادوا، خاصة الذين تتوفر عندهم مؤهلات تقنية أو مهنية.

2. كيف استقبل الشباب المغربي قانون التجنيد الإجباري؟

حظي قانون الخدمة العسكرية الجديد بتفاعل واسع من قبل الرأي العام المغربي، وبينما ادعى جزء منهم أنه سيكون "الخلاص" من ضياع المراهقين وانحرافهم نحو الجريمة والظواهر السلبية، خرجت أصوات شبابية في مواقع التواصل الاجتماعي تعارض التجنيد الإجباري، تحت مبادرة "التجمع المغربي ضد الخدمة العسكرية الإجبارية"، منتقدين الطريقة الفجائية التي تم بها إخراج هكذا قانون بدون أي حوار قبلي مع المجتمع المدني أو نقاش مع الفئة المستهدفة.

وقالت المبادرة التي استقطبت على صفحتها أكثر من 10 آلاف عضو حتى الآن، في بيان لها، إن: تنامي ظاهرة "الكريساج" مرتبط بالفقر وانعدام فرص الشغل أمام هذه الفئة، ما يدفعها إلى الانحراف. متسائلة: "هل الخدمة العسكرية هي التي ستحسن من وضعية الشباب في ما يخص هذه الأمور؟".

وأردفت الصفحة الشبابية موضحة: "إن الأولوية يجب أن توجه للتعليم، الصحة، الثقافة والشغل. فمشاكل الشباب التربوية سببها استقالة المدرسة العمومية من دورها بسبب غياب إرادة حقيقية لتحسين وضع التعليم، وتأكد ذلك بعدما صادق المجلس الوزاري على إلغاء مجانيته تدريجيًا؛ ومشاكل الشباب الأخلاقية تتعلق بتهميش الثقافة في البلاد، وغياب المسارح، ودور الشباب وقاعات السينما، والإغلاق المنهجي للساحات العمومية".

يربط محللون عودة تجنيد الشباب في المغرب بالأوضاع السياسية الإقليمية، سيما بعد تأزم الوضع في الصحراء، وظهور بوادر حرب بين المغرب وجبهة البوليساريو

فيما توسم بعض الشباب في مشروع الخدمة العسكرية خيرًا، واعتبروه طريقًا لتعلم المسؤولية والالتزام وروح المواطنة، لكنهم في نفس الوقت، عبروا عن مخاوفهم من أن يتم استثناء، بطريقة أو بأخرى، أولاد الأغنياء والمسؤولين وأصحاب المناصب الرفيعة من أداء الخدمة العسكرية، ويصبح أبناء الفقراء فقط وقود التجنيد.

3. لماذا لجأ المغرب إلى التجنيد الإجباري الآن؟

لم توضح الحكومة المغربية سياق أو الهدف من وضع قانون الخدمة العسكرية في هذا الوقت، واكتفت بنصه الذي يقول، إنه "بموجب مقتضيات الفصل الـ38 من الدستور تسهم المواطنات والمواطنون في الدفاع عن الوطن ووحدته الترابية. ولهذا الغرض يخضعون للخدمة العسكرية".

اقرأ/ي أيضًا: المغرب والبوليساريو.. جولة "الكركرات" ليست الأخيرة

لكن محللين يربطون عودة تجنيد الشباب في البلاد بالأوضاع السياسية الإقليمية، سيما بعد تأزم الوضع في الصحراء، وظهور بوادر حرب بين المغرب وجبهة البوليساريو، مما "دفع المغرب إلى تقوية جبهته الداخلية استعدادًا لأيِّ حرب محتملة في الصحراء".

وكانت الأوضاع في منطقة الصحراء خلال الشهور الأخيرة قد شهدت تصعيدًا خطيرًا، بعدما قامت عناصر جبهة البوليساريو،  في الأوّل من نيسان/أبريل الجاري، بعمليات توغل شرق الجدار الأمني بحدود الصحراء جنوب المغرب، في خرق للاتفاق العسكري لعام 1991 الذي أقام منطقة عازلة، وهو ما أغضب الرباط وجعلها تتجه نحو الخيار العسكري، حيث دشنت آنذاك حملة سياسية وإعلامية لتعبئة الرأي العام تمهيدًا لدخول الحرب.

 بينما رأت بعض الأصوات في عودة التجنيد الإجباري "وسيلة لتصفية الحركة الاحتجاجية الشبابية" التي نشطت في السنوات الأخيرة، وفي هذا السياق قالت شبيبة حزب النهج الديموقراطي اليساري المعارض، إن السلطة عمدت إلى "خلق أداة جديدة لإشاعة قيم الطاعة والخنوع المخزنيين وسط الشباب والامتصاص المؤقت لبطالة الآلاف منهم سنويا".

 

اقرأ/ي أيضًا:

هكذا خذلت النقابات عمّال المغرب!

هل يحتاج المغرب إلى ضرائب جديدة أم إلى إصلاح ضريبي؟