05-يناير-2019

220 حالة انتهاك على الأقل ضد صحفيين في العراق خلال 2018 (تعبيرية/ Getty)

ألترا صوت - فريق التحرير

على ما يبدو لم يُفهم من "الديمقراطية التوافقية" في العراق إلا المشاركة في الانتخابات، مع إهمال قضايا مفصلية وكبرى، تتعلق بإرادة الفرد ومشاركته في حرية التعبير والفكر والنقد والاحتجاج السلمي. 

سجّل المركز العراقي لدعم حرية التعبير (حقوق)، نحو 220 حالة انتهاكٍ حقوقي بحق صحفيين ومدونين عراقيين خلال عام 2018

فضلًا عن أنها "ديمقراطية" خاضعة لشوكة الجماعة الطائفية أو العرقية بسلاحها وسطوتها في الفضاء العام، حيث لا وجود للفرد أمامها إلا أن يكون ماشيًا في مسار الجماعة بإرادتها وقوتها التي توازي قوة الدولة.

اقرأ/ي أيضًا: حظر "المساس بالرموز".. مقدمة لقمع الرأي العام العراقي

وبسبب قوة الجماعة وتماهي النظام السياسي معها كنظام مكوناتي يعزّز من هيمنة الجماعات الفرعية، فإن التعامل مع أصحاب الرأي، والذين ينقلون المعلومة، من قبل هذه الجماعات، لا يختلف كثيرًا عن أي نظام استبدادي قامع لكل من يتحدث بلسان يختلف عنه وعن شعاراته والأدبيات السياسية التي يتبناها، خاصّة وأن تلك الجماعات تمتلك السلاح والقوة، بالإضافة إلى السيطرة على المنابع الاقتصادية.

220 انتهاكًا بحق الصحفيين وظاهرة جديدة في القمع!

الجماعات المتحكمة التي تساهم في قمع الرأي والانتهاكات على الصحفيين، تتوزع بين السلطة والمليشيات والعشائر والجماعات المذهبية الأقوى في العراق. 

فيما سجّل المركز العراقي لدعم حرية التعبير (حقوق)، في الرابع من كانون الثاني/يناير الجاري، 220 انتهاكًا بحق الصحفيين في 2018، بالإضافة إلى المدونين في مواقع التواصل الاجتماعي، والذين يكتبون ضدّ مليشيات ما، أو عشائر متنفذة، أو السلطة المحلية في المحافظة التي يسكن فيها المدون.

وأشار المركز، في تقريره الذي تلقى "ألترا صوت" نسخة منه، إلى أن "الانتهاكات توزعت على قضايا متنوعة، أبرزها الحكم على ناشط مدني بالسجن ست سنوات، والحكم على محلل سياسي، واحتجاز صحفيين، وإغلاق ثلاث قنوات فضائية اثنان منها في إقليم كردستان، وواحدة في بغداد".

كما سجل المركز أيضًا "الاعتداء بالضرب على طواقم القنوات الفضائية أثناء تغطيتهم افتتاح مقر حزب سياسي في محافظة الأنبار من قبل حماية النائب محمد الكربولي، وفي تغطية نشاطات لجامعة صلاح الدين، قابلها اعتداء من نوع آخر تضمن ضرب رئيس مؤسسة إعلامية لمدير بنفس المؤسسة، والعشرات من الملاحقات، واحتجاز صحفيين من قبل قوات أمنية، فضلًا عن منع طواقم القنوات الفضائية واعتقال كوادرها بسبب تغطية التظاهرات في البصرة".

شبكة الإعلام العراقي
الإعلام الحكومي العراقي.. جيش موظفين في جثّة تحنطها مليارات السلطة

في حين لفت مركز حقوق إلى بروز ما أسماها "ظاهرة جديدة من نوعها"، وهي "مقاضاة مراسلي القنوات الفضائية على تقارير سابقة، فضلًا عن تهديدات مبطنة تعرض لها صحفيون ومدونون بسبب تعقيبهم على قرارات ومواقف تصدر عن برلمانيين ومسؤولين في الحكومة سواء في القنوات أو فيسبوك".

سلسلة الاعتداءات والحكم بالسجن

بينما ذكر المركز أحداثًا تفصيلية للانتهاكات التي أوردها، تحفظ عن نشر عدد من الحالات، بناءً على طلب صحفيين تعرضوا للانتهاكات، خوفًا من الاعتداء عليهم مرة أخرى. 

فيما أشار المركز إلى أنّ مجاهد أبو الهيل، الرئيس الشابق لشبكة الإعلام العراقي، شبه الحكومية، اعتدى بالضرب على مدير مديرية العلاقات والإعلام في الشبكة، وطرده من مكتبه، دون أن يتخذ أي إجراء بحق أبو الهيل في الحادثة التي وصفها المركز بـ"السابقة الخطيرة".

كما بزغ نجم أبو الهيل كمُنتهك لحقوق الصحفيين العاملين بشبكة الإعلام العراقي في 2018، ففضلًا عن واقعة الاعتداء الجسدي المذكورة، أقال أبو الهيل، مدير علاقات وكالة الأنباء العراقية التابعة للشبكة، نمير علي حسون بسبب اعتراضه على أداء الشبكة، وبعد ذلك خفض الدرجة الوظيفية للمخرج التلفزيوني رامي اللامي بسبب تعبيره عن رأيه في مواقع التواصل الاجتماعي. إضافة للحادثة الشهيرة بإقالة سكرتير تحرير مجلة "الشبكة" بسبب منشوراته على فيسبوك! 

قرار تنزيل الدرجة الوظيفية للمخرج رامي اللامي

بصدد ذلك، أوضح مركز حقوق، أنه بالإضافة إلى الاعتداءات، استخدمت السلطات الحبس والسجن ضد الصحفيين، كما حدث مع المصور الصحفي خليل البركات، الذي تم اعتقاله بسبب تضامنه مع الناشط المدني باسم خشان الذي حُكم عليه بالسجن ست سنوات.

بالعودة إلى انتهاكات أبو الهيل، ففي السابع من أيار/مايو 2018، حُكم بالحبس سنة واحدة على المحلل السياسي محمد نعناع، بسبب شكوى رفعها عليه مجاهد أبو الهيل، لانتقادات كان نعناع قد وجهها للشبكة، وأشار فيها إلى ملفات فساد بالشبكة الإعلامية الرسمية.

أما خلال التظاهرات الاحتجاجاية الأخيرة التي شهدها العراق في العديد من المحافظات، رصد مركز حقوق 15 اعتداءً و50 مذكرة اعتقال بحق صحفيين ومدونين في ست محافظات بسبب تغطيتهم للمظاهرات

التهمة منشورات فيسبوك!

يستخدم فيسبوك نحو 10 ملايين عراقي، بحسب إحصائية خاصة بنمو المواقع ومنصات التواصل الاجتماعي. وينشط علي العديد من المدونين رصدًا وتعليقًا على القضايا المحلية وتفاعلات المجال العام، لذا فإن السلطات العراقية تراقب فيسبوك عن كثب خوفًا من تأثير النشطاء عليه.

ورصد مركز حقوق في تقريره المذكور، العديد من الانتهاكات التي تعرض لها مدونون وصحفيون بسبب منشوراتهم على فيسبوك، فتم تهديد معدّ برامج في قناة صلاح الدين بـ"الخصومة العشائرية"، بسبب منشور على صفحته في فيسبوك.

وفي الأول من نيسان/أبريل 2018، اعتدى مجهولون على المدوّن رضا الشيباني بالسكاكين والحراب، في محافظة الديوانية، بسبب منشوراته على فيسبوك أيضًا.

كما طالب قائم مقام الديوانية، سالم هلول العبادي، مديرية الأمن الوطني، بالتدقيق والمتابعة للصفحات الشخصية للصحفيين والمدونين، بعد أن اتهمهم ببث الشائعات في المحافظة عبر السوشيال ميديا.

كما تمت مقاضاة المدونين حسن المحنة وعبدالله الحمزاوي وأبو مختار العراقي، من قبل قائم مقام قضاء عفك، التابع إلى محافظة الديوانية، ماجد المنذور، على خلفية انتقادهم للوضع المحلي في القضاء.

وفي 22 أيلول/سبتمبر، أصدرت محكمة تحقيق الديوانية، بلاغًا بالاستقدام إلى الناشطين رضا الشيباني وشامل الرماحي على خلفية دعوتين سجلهما النائب منصور البعيجي وعضو مجلس محافظة الديوانية حكيمة الشبلي، وفق تهمة تتعلق بقضايا نشر وانتقاد على فيسبوك. فيما حكم بالحبس على الناشط المدني صفاء مهدي فارس بسبب منشور على فيسبوك!

ويسجل المركز العراقي لدعم حرية التعبير (حقوق)، عشرات الانتهاكات في تقريره، منها ما يتعلق بتسريح صحفيين وإنزال الدرجات الوظيفية بسبب آرائهم على فيسبوك، أو في بعض النوافذ الإعلامية، فضلًا عن الملاحقة من قبل مجهولين أو مليشات بالضرب والانتهاك، بالإضافة إلى إشارة المركز إلى التعميم الذي أصدرته هيئة الإعلام والاتصالات في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر إلى المؤسسات الإعلامية، والذي يقضي بإيقاف "الإساءة إلى الرموز الوطنية"، وهو ما اعتبره المركز انتهاكًا لـ"حرية التعبير وخرقًا دستوريًا واضحًا".

تعميم هيئة الإعلام والاتصالات العراقية بإيقاف "الإساءة للرموز الوطنية"

وفي 21 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، نُشر آخر خبر في وكالة "نيو نيوز" الإخبارية على صفحتها بفيسبوك. وقال أحد المحررين الصحفيين بالوكالة، لـ"ألترا صوت"، إن "الوكالة أغلقت من قبل فصيل عصائب أهل الحق". 

في 2018 سجلت العديد من الانتهاكات الجسدية والقانونية والحقوقية بحق مدونين وصحفيين في العراق بسبب آرائهم على فيسبوك

وأوضح المحرر الصحفي أن "أحد الصحفيين الذين لهم علاقة متينة بالعصائب، أراد إغلاقها بسبب خصومة له مع رئيس التحرير وسكرتيره، فضلًا عن نشر الوكالة ما لا يعجب توجهه وتوجه المسؤول الذي يعمل معه"، مبينًا أن "العصائب قالوا لصحابها أغلقها، فأغلقها وتم تسريحنا جميعًا والآن نحن بلا عمل بفضل الصحفي!".

 

اقرأ/ي أيضًا:

اغتيالات وخطف وتجسس.. عالمٌ ضد الصحفيين

حرية الصحافة لعام 2018.. العداء ضد الصحفيين يزداد عالميًا ويتضاعف عربيًا