24-يوليو-2017

من مؤتمر "حرية التعبير.. نحو مواجهة المخاطر" بالدوحة (يوتيوب)

بمشاركة نحو 200 منظمة وشخصية حقوقية وإعلامية، افتتح اليوم بالعاصمة القطرية الدوحة، المؤتمر الدولي "حرية التعبير.. نحو مواجهة المخاطر"، الذي تنظمه اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بالتعاون مع الفيدرالية الدولية لحماية الصحفيين وكذلك المعهد الدولي للصحافة. 

وكانت على رأس المنظمات المشاركة في المؤتمر، المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، والاتحاد الدولي للصحفيين، ومنظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية الدولية، والمعهد الدولي للصحافة، واتحاد البث الأوروبي، إضافةً إلى حضور منظمات دولية وإقليمية غير حكومية مهتمة بحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير في وسائل الإعلام.

فرضَ حصار قطر نفسه على مؤتمر حرية التعبير بالدوحة، إذ تضمنت قائمة الدول المحاصرة، مطالب تنتهك حرية الرأي والتعبير

المؤتمر الذي يستمر انعقاده ليومين، أولهما اليوم الإثنين 24 تموز/يوليو 2017، على أن ينتهي مساء الغد الثلاثاء، يُشارك فيه أيضًا عدد من الباحثين والخبراء في المجالات السياسية والإعلامية والحقوقية، وتدور مضامينه حول حرية الرأي والتعبير والانتهاكات التي تتعرض لها، والمخاطر التي تحدق بها من خطابات الكراهية والتحريض.

حصار قطر يفرض نفسه

بطبيعة الظرف والمكان، شهد اليوم الأول من فعاليات المؤتمر حديثًا حول الحصار المفروض على قطر. وتركّز الحديث في هذا السياق، على المطالب التي أرادت دول الحصار فرضها على الدوحة، وما يمثّل بعضها من انتهاك لحرية الرأي والتعبير، خاصة المتعلقة بإغلاق قناة الجزيرة التي وصفها المدير التنفيذي لهيومن رايتس ووتش، كينث روث، بأنّها "من أبرز منصات حرية الرأي، ودعمت حقوق المهمشين، كما أنّها تعدت الخطوط الحمراء في المنطقة التي اعتاد عليها الإعلام الرسمي"؛ بالإضافة إلى وسائل إعلام أُخرى تموّلها قطر.

اقرأ/ي أيضًا: الرفض القطري لإغلاق الجزيرة.. "إعلاءً لحرية الصحافة واستقلالها"

وفي خضم حديثه خلال الجلسة الافتتاحية، أشار كينث روث إلى أن كلًا من مصر والإمارات تستخدمان ذريعة الإرهاب لمواصلة انتهاكاتهما لحقوق الإنسان، وذلك في سياق تأكيده على أنّ مطلب إغلاق الجزيرة دوافعه كشفها عن الممارسات القمعية في المنطقة، مُضيفًا أنّ "الدول التي تطالب بإغلاق الجزيرة تمتلك سجلًا حافلًا من انتهاكات حرية الرأي والتعبير وحقوق الإنسان".

لفت أيضًا المدير التنفيذي لهيومن رايتس ووتش إلى "الدعم المفتوح للإرهاب الذي تغذيه السعودية منذ فترات طويلة"، على حد تعبيره، مُشيرًا إلى المأساة التي يتعرض لها المدنيون اليمنيون في ضوء الحرب التي تقودها السعودية هناك، وما تسببت فيه من أضرار جسيمة، ليس أقلها تفاقم كارثة انتشار وباء الكوليرا.

من جهة أخرى، وفي سياق إشادته بتصديق الدوحة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تعزز من حرية الرأي والتعبير والأمن المعلوماتي "ما يجعل منها مختلفة عن باقي دول المنطقة في مجال الحريات"، بتعبيره، طالب روث قطر بالضغط على تركيا بفضل تقاربهما، للإفراج عن الصحفيين المعتقلين هناك، مُشيدًا بأنّ الدوحة باتت قبلة للصحفيين المضطهدين في بلادهم.

دلالات من وراء الحضور

من جانبه، قال علي بن صميخ المري، رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر، إنّ هذا المؤتمر "يأتي في ظل حصار مفروق على قطر من قبل دول تضع شروطًا لرفعة إغلاق قناة الجزيرة"، مُطالبًا المجتمع الدولي بتحمّل مسؤوليته القانونية والأخلاقية في مواجهة هذه الهجمة على الدوحة، والتي وصفها بـ"الانتهاك الصارخ لأبسط حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير".

أشار المري إلى تبعات الحصار المتماسة مع الحقوق والحريات، ليس على قطر فقط، وإنما أيضًا على مواطني دول الحصار، وذلك من حيث فرض غرامات مالية وعقوبات بالسجن على أي مواطن من دول الحصار يُبدي تعاطفه مع قطر، أو رفضه لقطع العلاقات معها، قائلًا إنّه "لا يمكن قبول معاقبة الشخص على آرائه، وكذلك لا يمكن الزج بالمواطنين والإعلاميين والصحفيين في الخلافات السياسية".

وعمّا يُمثّله الحضور، اعتبر المري أنّ مشاركة أكثر من 200 منظمة وشخصية من حول العالم في هذا المؤتمر، "دليلٌ على وقوفهم ضد مخالفة مواثيق حقوق الإنسان". وقد أثار الحضور أيضًا ملاحظة محمد النسور، رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالفوضية السامية لحقوق الإنسان، إذ اعتبر أنّ الحضور الكبير والمتنوع للمؤتمر "رمزية في هذه الأوقات العصيبة التي تمر بها قطر"، على حد تعبيره.

وأكّد النسور على أن المطالبة بإغلاق قناة الجزيرة ووسائل إعلامية أخرى، "سابقة خطيرة، قد نراها في المستقبل من دول أُخرى للمصادرة على حرية الرأي والتعبير"، لافتًا إلى أنّ مع الاختلاف أو الاتفاق على طريقة تغطية الوسائل الإعلامية "يبقى الحكم هو المشاهد، الذي يملك التحول من قناة إلى اُخرى"، في إشارة إلى شعبية قناة الجزيرة في الوطن العربية.

الفصل بين الإعلام والصراعات السياسية

من جانبه وصف جون يارود، رئيس المعهد الدولي للصحافة، شبكة الجزيرة بـ"أكبر أداة لحرية التعبير" في المنطقة، مُؤكدًا على أنّ مطالب إغلاقها ليست إلا "انتهاكًا لحرية التعبير والحق في المعرفة"، ومُطالبًا الأنظمة الحاكمة بإبعاد وسائل الإعلام عن الصراعات السياسية، إذ إنّ "للإعلام والصحافة رسالة سامية، وأي محاولة للاعتداء عليها ستكون محل إدانة من الشعوب الحرة والعالم المتحضر"، بحسب قوله، مُشددًا على أنّ "حقوق الإنسان تساوي حقوق الصحفيين"، ومُضيفًا: "علينا أن نتعلم من ثبات قطر في وجه الهجمة ضدها".

هذا ومن المقرر أن يشهد اليوم الأول للمؤتمر أربع مجموعات عمل حول "حرية الإعلام وعالمية الإنترنت: البيئة القانونية والتنمية" و"حرية الإعلام وحقوق الصحفيين: نحو وسائل إعلام تعددية ومستقلة" و"حرية الإعلام والحرب: حماية الصحفيين على خط المواجهة"، و"الأخلاقيات في مجال الأخبار: في مواجهة الصواب والخطأ"، بينما يُفترض أن يشهد اليوم الثاني والأخير للمؤتمر، جلسة عمل تحت عنوان "استمرار النضال من أجل تحقيق حرية وسائل الإعلام عالميًا"، ومن ثمّ إعلان توصيات المؤتمر.

يُعطي الحضور الكبير والمتنوع للمؤتمر، دلالة على الرفض العالمي للانتهاكات التي يمثلها حصار قطر ومطالب دول الحصار

ويبدو في تزامن توقيت المؤتمر مع حصار قطر الفاشل، رسالة أخرى محرجة لدول الحصار التي تلقي بالتهم جزافًا على قطر، في الوقت الذي تتحدث فيه كافة التقارير الدولية المعنية بالحقوق والحريات وحرية الرأي والتعبير، بل أيضًا الخاصة بالإرهاب ومكافحة دعمه وتمويل؛ عن تورط دول الحصار في ممارسات قمعية في حق مواطنيها وفي حق حرية الرأي والتعبير واستقلالية الصحافة، فضلًا عن تورط بعضها، كالسعودية في الجانب الأكبر من دعم وتمويل الإرهاب العالمي، خاصة وأنّ حضور المؤتمر يُعبّر عن تمثيل دولي لأهم الشخصيات والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وحرية التعبير والصحافة. 

اقرأ/ي أيضًا: خفايا السعب المحموم لإنهاء "كابوس" الجزيرة والإعلام الممول قطريًا

وكانت دول الحصار قد أبدت عدة خطوات توشي بتقهقر حصارها، من بينها سحب قائمة المطالب الـ13، وآخرها رفع الإمارات الحظر عن باقة قنوات "بي إن سبورت" الرياضية القطرية، في مقابل صمود قطر على مواقفها، وإبداء العالم تضامنًا معها، ما دعا العديد إلى التساؤل عن الفائدة المرجوة من وراء السياسات المتهورة لدول الحصار التي دفعتها إلى الإقدام خطوة قطع العلاقات مع قطر!

 

اقرأ/ي أيضًا:

أبوظبي على لسان سفيرها في موسكو: حرية الصحافة والتعبير ليست لنا

"رشوة" إماراتية وراء قضية محمد فهمي ضد الجزيرة