12-مارس-2016

أحمد أبو الغيط (Getty)

ترشيح أحمد أبو الغيط، وزير الخارجية المصري الأسبق، لأمانة جامعة الدول العربية يعني أن الدبلوماسية المصرية في خطر، فلا رجل رشيد، ولا دبلوماسي "عقر" يتقدّم لمهمة حلّ المحنة، التي زلّت فيها أقدام مصر عربيًا بعد 30 يونيو. 

أحمد أبو الغيط هو الوزير الذي ناصب الفيسبوك العداء رسميًا من خلال برقية صادرة عن مكتبه تحذر الدبلوماسيين المصريين من الدخول على فيسبوك

كان يمكن للرئيس عبد الفتاح السيسي أن يجلس في مكتبه، ويختار "داهية سياسية" يلقي عليها حمول الجامعة العربية، أو بتعبير أدق، يلقي عليه حمل تحويل الجامعة من صفر المعادلة العربية إلى الرقم الصعب. كان يمكن له، وهو الذي يحاول أن يدير لعبة عضّ الأصابع مع السعودية، وشدّ الحبل مع الإمارات، وعسكر وحرامية مع قطر، أن يلقي بالجامعة العربية في جيب رجل من داخل معسكره الدبلوماسي، إلا أنه على ما يبدو لم يجد أحدًا في حجم المنصب، فعاد إلى القديم.

اقرأ/ي أيضًا: دولة الأكراد في سوريا..أقرب من أي وقت مضى

تقدّم أحمد أبو الغيط، سليل نظام مبارك، بحسبة سياسية غير معلنة، حاملًا على صدره وسام من تل أبيب جزاء كونه سندًا لـتسيبي ليفني حين كانت على وشك السقوط فأمسك بيديها بعدما أعلنت في مؤتمر ديسمبر أن بلادها ستوجه ضربة قاضية إلى غزة. 

لأحمد أبو الغيط ملف سياسي ضخم، تحتلّ صفحاته سقطات سياسية، لعلّ أبرزها صورته مع ليفني.. صاحبة الكعب العالي، التي أنقذها من السقوط، ويسجّل كتاب "خريف الدبلوماسية المصرية" للصحفي محمد عبد الهادي علام، رئيس تحرير الأهرام، الذي عمل لأكثر من 25 عاما محررًا دبلوماسيًا خطايا أبو الغيط. والغريب أن صحيفة الأهرام المصرية صدرت أمس بـمانشيت يثني على قوة الدبلوماسية المصرية في حصول وزير الخارجية الأسبق على منصب الأمين العام للجامعة العربية! 

1- يوصف دور أبو الغيط في أزمة النيل بأقل من فشل ذريع؛ إذ إن سوء إدارة وزارته لاتفاقية "عنتيبي"، التي وقعتها 8 من دول حوض النيل، أدى إلى توابع وصلت إلى سد النهضة الإثيوبي. والأزمة كانت بسبب تكليف دبلوماسيين يحملون عداوة وغرور في التعامل مع الدول الإفريقية. 

2- في حزيران/يونيو 2007 أعلن وزير الخارجية عن وجود إيراني في غزة بعد حصول حماس على السلطة، وفي اليوم التالي تدخل الرئيس مبارك لضبط الإيقاع والانفعالات لنفي وجود إيراني في غزة.

3- في شباط/فبراير 2007 أعلن وزير الخارجية في تعقيبه على فيلم تسجيلي إسرائيلي بعنوان "روح شاكيد" بثه التليفزيون الحكومي حول إعدام الأسرى المصريين خلال عدوان 1967م، "أن الجنود المصريين استشهدوا خلال العمليات الحربية"، فنسف القضية من أساسها رغم أن المعلومات الواردة في الفيلم تستند إلى وثائق حربية وتشكل اعترافًا بالجريمة.

4- خلال نفس الشهر أعلن أبو الغيط أن "قرية أم الرشراش نواة ميناء إيلات على خليج العقبة" التي احتلتها إسرائيل في 1949 بعد شهر من توقيع اتفاق رودس للهدنة مع مصر، أرض فلسطينية، في وقت تشهد فيه مصر جدلًا حول هويتها. الغريب في تصريح أبو الغيط أنه جعل أم الرشراش ضمن حدود 1948 ما يعني أنها في نظر المجتمع الدولي ليست فلسطينية بل إسرائيلية.

5- ردًا على اقتحام جموع فلسطينية الحدود فى نيسان/أبريل 2008، أعلن وزير الخارجية أن مصر "ستقطع رجل" كل من يحاول اقتحام الحدود في تصريح أبعد ما يكون عن الدبلوماسية، وفي وقت لم تصل فيه التصريحات المنددة بمقتل 42 شهيدًا على الحدود برصاص إسرائيلي هذا المستوى من الحدة!

6- أعلن أبو الغيط في كانون الثاني/يناير 2008 إلغاء اجتماعات اللجنة السياسية للمشاركة المصرية الأوروبية احتجاجًا على تقرير للبرلمان الأوروبي بشأن حالة حقوق الإنسان في مصر غير مكتف برد فعل مجلس الشعب "برلمان يرد على برلمان" بمقاطعة الاجتماعات البرلمانية الأورو-متوسطية، وذلك على الرغم من أن حل الخلافات بالوسائل السلمية وعبر الحوار -وليس المقاطعة- مبدأ ثابت من مبادئ السياسة الخارجية المصرية قبل أبو الغيط ثم تراجعت وزارة الخارجية ومجلس الشعب عن المقاطعة، وشارك رئيس المجلس في الاجتماعات البرلمانية في أثينا في مارس، وذهب وزير الخارجية إلى اجتماعات المشاركة المصرية الأوروبية ببروكسيل في شهر أبريل من نفس العام.

7- حين وصلت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني إلى القاهرة، وهددت الجانب الفلسطيني من قلب مصر وعلى مرأى من وزير الخارجية، وسجلت الكاميرات صورة شهيرة لأحمد أبو الغيط وزير الخارجية السابق وهو يمسك بيد تسيبي ليفني عقب المؤتمر الصحفي، قيل وقتها إن ليفني أعلنت الحرب على غزة من قلب مصر، وردّ أبو الغيط على الصورة في مذكراته "شهادتي" قائلًا: "أعلنت في المؤتمر الصحفي أن مصر ضد التصعيد وترفض كل أعمال العنف من الجانبين. وبعد المؤتمر الصحفي، أوشكت ليفني على السقوط على سلالم القصر، فأمسكت بيدها حتى لا تتزحلق على الرخام كموقف تلقائي.. ثم فوجئت فى اليوم التالي بصورتي وأنا ممسك بها في الصحف". ويضيف أن زوجته حذرته من كون تلك الصورة سوف تثير الناس عليه ولكنه رد عليها -بشهامة الفرسان الكبار- كما يدّعي: وهل كنت أتركها تسقط؟! وترد هي بلسان المرأة المصرية الطبيعية: "كنت سيبها تقع". 

8- ظهر أبو الغيط مضطربًا، حادًا، بعد ثورة 25 يناير، لم يكتف بتصريحاته العدائية لثورة الشباب ولم يكتف بسوء تقديره الذي ثبت فشله عندما قال إن مصر ليست تونس، مراعاة "لأكل عيشه"، واصفًا كل حديث عن ثورة مصر بأنها كلام فارغ لكنه تعدى ذلك إلى محاولة الاستعداء على المتظاهرين المصريين، وأطرف ما يمكن أن يقال عن أحمد أبو الغيط فهو أنه الوزير الذي ناصب الفيسبوك العداء رسميًا من خلال برقية رسمية صادرة عن مكتبه تحذر الدبلوماسيين المصريين من الدخول على فيسبوك.

اقرأ/ي أيضًا: طرد عكاشة من البرلمان وألعاب مقاومة التطبيع

9- قبل سقوط النظام، حاول أبو الغيط الدفاع عن مبارك، واصفًا أوباما بأنه "The boy"، ولم يتوقف عن فعل أي شيء في مساعدة استمرار النظام، بداية من البرقيات الغريبة التي دأب على إرسالها للدبلوماسيين المصريين بالخارج وحتى محاولة اختلاق مواقف وطنية مكذوبة تحاول جعل مبارك ونظامه حجر ثقيل أمام أمريكا، لتحريض حزب الكنبة على ثوار التحرير، حيث أرسل برقيات إلى سفراء مصر في الخارج، طالبًا منهم التأكيد للحاشيات المصرية، والإعلام الغربي، أن كل شباب الثورة مجموعة من العملاء يتلقون دعمًا أجنبيًا، وأن الجهات الأمنية في مصر استطاعت أن تضع يدها على أجهزة وأوراق تنظيمية تثبت ذلك.

10- زرع أبو الغيط رجاله في السفارات التي يريدها قبل تركه للوزارة وقد أقيمت ضده قضايا عديدة غريبة على وزارة الخارجية حتى أطلق البعض عليها في عهده "وزارة التقاضي" لكثرة القضايا التي أقامها الدبلوماسيون ضده، وبعضهم تلقى منه تهديدات بالفصل من عمله بـ"مرسوم دبلوماسي داخلي" لو ثبت ذهابه إلى ميدان التحرير. 

اقرأ/ي أيضًا:

صديق إسرائيل أمينا عاما لجامعة الدول العربية

التحالف العسكري الإسلامي..هزل أم جد؟