19-ديسمبر-2022
gettyimages

من المعارك الدائرة حاليًا في محيط مدينة باخموت الأوكرانية (Getty)

تقترب نهاية العام في أوكرانيا، كما تقترب الحرب الروسية عليها من دخول شهرها العاشر. والمشهد العام في أوكرانيا، كما هو منذ شباط/ فبراير، القصف والدمار هو السائد، وسط رفض موسكو للهدنة خلال أعياد الميلاد، بالإضافة إلى أن كل التقديرات تستبعد نهايةً قريبةً للحرب التي قد تستمر خلال الأعوام القادمة. ونستعرض هنا أبرز أحداث الحرب خلال الفترة الماضية.

كل التقديرات تستبعد نهايةً قريبةً للحرب التي قد تستمر معنا خلال الأعوام القادمة

  • الاجتياح

بعد أيام من التوتر والتصعيد وبخطاب طويل للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أعلنت روسيا في 24 شباط/ فبراير من العام الجاري، عن إطلاق ما اسمته "العملية العسكرية الخاصة" ضد أوكرانيا، بحجة حماية المواطنين من أصل روسي في إقليمي لوغانسك ودونيتسك، وادعت بأنهم يتعرضون للتطهير العرقي من قبل "النازيين الجدد"، والذين توعدت بـ"اجتثاثهم"، بالإضافة إلى معارضة روسيا دخول كييف في حلف الناتو والاتحاد الأوروبي، والذي ينظر إليه باعتباره السبب الأساسي في الحرب.

سيطرت القوات الروسية مدعومةً بمئات الدبابات والمدرعات وقرابة 100 ألف جندي على مناطق واسعة شرقي وجنوب أوكرانيا، وسقطت بيدها خيرسون أهم مدن الجنوب الاستراتيجية، ووصلت إلى تخوم العاصمة كييف، كما سيطرت على المحطات النووية في البلاد ومن بينها "مفاعل تشرنوبيل"، ومحطة "زاباروجيا" أكبر المحطات النووية في أوروبا، والتي دار حولها معارك ضخمة.

getty

ولم يقتصر الهجوم الروسي على الهجوم البري، بل شنت غارات باستخدام الطائرات والصواريخ لضرب المدن الأوكرانية، وأهم المطارات العسكرية، والقواعد العسكرية، لتحييد القوات الأوكرانية، وشملت مناطق واسعة من أوكرانيا في الشرق وصولًا إلى لفيف في الغرب على الحدود مع بولندا.

ترافقت هذه المرحلة من الحرب مع عقوبات أوروبية وأمريكية وعالمية كبيرة على روسيا، استهدفت كيانات اقتصادية وشركات روسية ومؤسسات حكومية وشخصيات رسمية، بالإضافة إلى انسحاب الكثير من الشركات الغربية من السوق الروسي وتحديدًا سوق الغاز الذي ينتج عنه أزمة كبيرة في أوروبا هذه الأيام.

  • الانسحاب من محيط كييف

وصلت روسيا سريعًا إلى محيط العاصمة الأوكرانية كييف، وبالأخص من الجهة الشمالية والشمالية الشرقية والغربية، وكانت على بعد عدة كيلومترات من مركز المدينة، وفي تلك الآونة من الحرب ازداد الحديث عن محاولة موسكو اغتيال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. ولم تتقدم روسيا كثيرًا باتجاه كييف نتيجة قوة المعارك البرية هناك.

getty

ومع نهاية آذار/ مارس ومطلع نيسان/ أبريل، انسحبت القوات الروسية من محيط العاصمة كييف، فيما اعتبرته موسكو بادرة حسن نية منها، لخلق ظروف مناسبة للمفاوضات، التي انطلقت منذ أيام الحرب الأولى ولكنها لم تحقق أيّ تقدم حتى الآن.

  • ثبات الجبهات

وفي الوقت الذي كانت تتجه فيه المؤشرات نحو حسم روسي سريع للحرب، وبعد سيطرتها على مناطق شاسعة في جنوب وشرق أوكرانيا شملت مدن خيرسون وخاركيف وزاباروجيا وماريوبول ومعظم المناطق الانفصالية، تمكنت القوات الأوكرانية من المواجهة خلال الأيام الأولى، مما دفع الدول الغربية إلى عدم الاكتفاء بالعقوبات على روسيا والتوجه نحو تسليح القوات الأوكرانية. بالإضافة إلى أن جبهات القتال تحولت إلى استحكامات ثابتة تقريبًا، ولم تتقدم كثيرًا ما بعد شهر تموز/ يوليو، وطوال أشهر لم تحصل أي تغييرات حاسمة أو كبيرة على جبهات القتال، سواء بتقدم القوات الروسية أو تراجعها.

  • الهجوم الأول

في نهاية آب/ أغسطس، أعلنت كييف عن شنها أول هجوم مضاد تجاه القوات الروسية، وعلى مدار أسابيع بدأت تتوالى المناطق التي تستعيد السيطرة عليها، وكان أبرزها استعادة خاركيف بشكلٍ مُبكر، بالإضافة إلى مناطق واسعة من لوغانسك ودونيتسك، واستعادة مدينة خيرسون في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، وذلك بعد انسحاب القوات الروسية إلى شرق نهر دنيبرو.

  • الضم

مع الهجوم الأوكراني المضاد، قررت روسيا إجراء استفتاء لضم دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزاباروجيا للاتحاد الروسي، وفي نهاية شهر أيلول/ سبتمبر قامت بإجراء الاستفتاء في هذه المناطق، والذي استمر لمدة أسبوع، ونتج عنه إعلان روسي بنجاح الاستفتاء وضم المناطق لها وعيّنت حكامًا فيها، وذلك بعد استفتاء سابق لإعلان استقلال هذه المناطق عن أوكرانيا.

  • التعبئة الجزئية العامة

مع الحديث عن خسائر كبيرة في القوات الروسية، وبداية استعادة عدة مناطق من قبل الجيش الأوكراني، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن التعبئة الجزئية العامة في بلاده، وأكد في حينه على استقلال المناطق الانفصالية ملوحًا بإمكانية استخدام السلاح النووي.

getty

مع هذه التطورات الميدانية، قررت كييف نقل المعركة للعمق الروسي، وكانت البداية الكبيرة في تشرين أول/ أكتوبر بعد تفجير جسر كيرتش الذي يربط بين شبه جزيرة القرم وروسيا، بالإضافة إلى تحميل أوكرانيا مسؤولية محاولة اغيتال الفيلسوف الروسي ألكسندر دوغين والتي قتلت فيها ابنته. بالإضافة إلى تعرض أسطول البحر الأسود الروسي لعدة هجمات في ميناء سيفاستوبول أدت إلى إلحاق أضرار بعدد من قطعه. وعدة هجمات أخرى استهدفت مناطق حدودية في روسيا وقواعد عسكرية داخلها.

  • السلاح الغربي

شكلت الأسلحة الغربية، إضافةً نوعيةً للقوات الروسية، وساهمت بشكلٍ واضح في تغيير مسار الحرب، ورغم التردد الأوروبي والغربي عمومًا في بداية الحرب، وما سبقها من أيام، وصلت إلى رفض ألمانيا إرسال الأسلحة إلى روسيا عبر مجالها الجوي، إلّا أن ذلك تغير مع مسار المعارك.

وقدم لأوكرانيا العديد من الأسلحة الغربية، وهنا نستعرض أبرزها. حصلت أوكرانيا بدايةً على صواريخ "جافلين"، وهي صواريخ أمريكية محمولة وموجهة مضادة للدروع والدبابات، وحققت صواريخ جافلين ضربات محققة في استهداف الدبابات وناقلات الجنود والآليات المدرعة الروسية، ويتميز الصاروخ بقدرته العالية على تدمير الهدف، ونسبة إصابة عالية. بالإضافة إلى صواريخ "ستينغر"، وهي صواريخ حرارية تعمل كمضاد جوي محمول على الكتف، بالإضافة إلى صواريخ "ستريلا" وهي صواريخ أيضًا محمولة على الكتف وموجهة نحو الطائرات والمروحيات على ارتفاع منخفض.

getty

أمّا السلاح الأبرز، فقد كان مدافع "هاوتزر" الأمريكية التي وصلت للقوات الأوكرانية، وهي قطعة مدفعية ميدانية متنقلة يمكن سحبها وجرها بسهولة، وهذه المدافع المحمولة على شاحنات متحركة على عكس الأنظمة التقليدية الثابتة. ولعبت مدافع هاوتزر دورًا فعالًا في ضرب تحصينات القوات الروسية، خاصةً بإقليم دونباس، وحققت نوعًا من التوازن مقابل المدفعية الروسية الثقيلة. بالإضافة إلى صواريخ "هيمارس" وهي صواريخ متنقلة، استطاعت ضرب القواعد الروسية بدقة كبيرة في إقليمي لوغانسك ودونيتسك، كما وجهت ضربات خلف الخطوط الأمامية، ولمسافات كبيرة، خاصةً لمستودعات الذخيرة الروسية، وأدت إلى صد الهجمات الروسية في الإقليمين، وشكلت عاملًا مهمًا في الهجوم الأوكراني المضاد. كما حصل الجيش الأوكراني على صواريخ "هارم" وهي عبارة عن صواريخ جو أرض، تطلق من الطائرات، وتستهدف أنظمة الدفاع الجوي الروسية، المجهزة برادارات وتدمرها عن بعد. كما تلقت العشرات من أنواع الصواريخ المضادة للدروع.

getty

والسلاح الأهم الذي ساهم في صمود الجيش الأوكراني خاصةً خلال الأيام الأولى من الحرب، كانت مُسيّرات "بيرقدار" التركية، ومنذ اليوم الأول للحرب، أدخلت القوات الأوكرانية، طائرات بيرقدار التركية إلى الخدمة، والتي تمكنت من مهاجمة القوات الروسية المقتحمة لأوكرانيا، كما لعبت دورًا كبيرًا في الهجوم المضاد على جزيرة "الأفعى" بالبحر الأسود وساهمت في انسحاب القوات الروسية منها.

  • إيران في المعركة

خلال الشهر الماضي، توالت التقارير الغربية، عن تقديم إيران للأسلحة إلى موسكو، وهو ما نفته طهران بدايةً، قبل أن تعترف بتقديمها طائرات مُسيّرة للقوات الروسية قبل بداية الحرب، ولعبت المُسيّرات الإيرانية دورًا هامًا بما يوصف بـ"إرهاب الطاقة" من خلال استهداف منشآت توليد الكهرباء في أوكرانيا. فيما تتحدث تقارير عن إمكانية قيام طهران بتزويد روسيا بصواريخ بالستية.

  • قتلى وجرحى

تستمر المعارك ويستمر معها سقوط القتلى والجرحى بشكلٍ يومي، ورغم تكتم كييف وموسكو عن الإعلان بشكلٍ واضح عن عدد القتلى. إلّا أن وزارة الدفاع الأوكرانية وفي آخر إعلان رسمي أعلنت عن مقتل 98280 جندي روسي، في حين قال مستشار الرئيس الأوكراني ميخايلو بودولياك، إن ما يصل الى 13 ألف جندي أوكراني قتلوا منذ غزو روسيا لبلاده.

من جانبها، أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن سقوط 5937 من جنودها، منذ بداية غزوها لأوكرانيا، في حين أعلنت عن مقتل 61207 جندي أوكراني.

أمّا رئيس هيئة الأركان الأمريكية مارك ميلي فقد تحدث عن مقتل وإصابة أكثر من 100 ألف جندي روسي، يقابلهم عدد مماثل في الجانب الأوكراني، كما تحدث عن مقتل 40 ألف مدني أوكراني.

رئيس هيئة الأركان الأمريكية مارك ميلي تحدث عن مقتل وإصابة أكثر من 100 ألف جندي روسي، يقابلهم عدد مماثل في الجانب الأوكراني، كما تحدث عن مقتل 40 ألف مدني أوكراني

على الصعيد الإنساني، قالت الأمم المتحدة، إن 7,8 مليون لاجئ أوكراني، توجهوا إلى أوروبا، وبعضهم إلى روسيا، لكن الأرقام لا تشمل موجة النزوح الداخلي بين المدن الأوكرانية، التي تتراوح ما بين 10-15 مليون شخص.