يرى الشاعر والكاتب والمترجم نصير فليح في المختارات التي أعدها عنها أن تجربة الشاعرة الأمريكية أميلي ديكنسون (1840 – 1886) تعلمنا تحسس أعمق ما في الحياة الإنسانية من مشاعر وتجارب، على الرغم قلة التجارب في حياتها إذ عاشت جزءًا كبيرًا من عمرها في عزلة شبه تامة عن الحياة والمجتمع.
يقول فيلح في التعليق على القصيدة التي اخترناها هنا: "كلنا نفكر بالموت، بشكل أو بآخر، هذا الذي تسميه ألف ليلة وليلة "هادم اللذات ومفرق الجماعات". ولحظة الموت نفسها نراها هنا في هذه القصيدة الشهيرة لأميلي ديكنسون (الموت إحدى مواضيع أميلي المفضلة)، بصورة زائر لا بد أن نراه يومًا، وإذا لم نكن مستعدين له فإنه، كضيف طيب، سيكون متفهمًا لذلك، وسيتوقف لأجلنا بصبر، ليأخذنا في تلك العربة الغامضة إلى القبر، حيث ستبدو الاشياء المألوفة غير مألوفة، كما تستذكرها ميتة مضت معه منذ قرون إلى بيت بدا ذات يوم كبروز في الأرض".
لأني لم أستطع التوقفَ للموت،
فإنه بلطفٍ توقفَ لأجلي
العربةُ ما حملتْ أحدًا، سوانا
والخلود.
ببطءٍ قُدْنا. هو لا يعرفُ العَجَلة
وأنا هجرتُ عملي
وفراغي أيضًا،
من أجل لطفه.
مرّرنا بالمدرسة حيث لعبَ الأطفال
في عطلةٍ، المصارعةَ في حلبة
مررنا بحقولٍ من الحبوب المحدِّقة،
مررنا بالشمس الغاربة.
توقفنا أمام بيتٍ بدا
كبروزٍ في الأرض؛
السقفُ بالكاد يُرى،
والإفريزُ محضُ أكَمة.
مذ ذاك وهي قرون؛ ولكن كلًّا منها
يُحسُّ أقصرَ من نهار
أن أولُ من خمنَ أن رؤوسَ الجياد
كانت باتجاه الأبدية.