09-أبريل-2022

لوبان قد تحسم الأمور في الجولة الثانية (Getty)

على بعد يوم واحد من الجولة الأولى من الانتخابات الفرنسية، يختلف الجمهور الفرنسي على أمور كثيرة، أهمها بطبيعة الحال هوية الرئيس القادم، لكن غالبيته الأعم تتفق على أن الحملة الانتخابية لهذه السنة كانت أحد أسوأ الحملات الانتخابية في تاريخ الجمهورية. حيث أظهر استطلاع أجرته مؤسسة Ifop هذا الشهر أن 80% من الفرنسيين شعروا أن الحملة كانت "ضعيفة". كما اشتكى الناخبون، حسب صحيفة الغارديان، من عدم وجود أفكار أو رؤية سياسية جديدة، وقلة المبالاة بمشاكلهم بعد عامين من جائحة كورونا، واحتجاجات وإضرابات عمت البلاد، وأزمة غلاء متفاقمة.

يختلف الجمهور الفرنسي على أمور كثيرة، لكن غالبيته الأعم تتفق على أن الحملة الانتخابية لهذه السنة كانت أحد أسوأ الحملات الانتخابية

وفي حين يريد الرئيس الحالي، إيمانويل ماكرون، أن يكون أول رئيس فرنسي منذ 20 عامًا يفوز بجولة ثانية على التوالي، فإنه قدم وعودًا رآها ناخبون ضعيفة ولا تستند إلى استراتيجية واضحة على الأرض. وعد الرئيس الذي دخل السياسة كمرشح وسط، وانتهى إلى سياسات يمينية فجة ومعادية للمهاجرين، بمواصلة خفض الضرائب ورفع سن التقاعد إلى 65 ومجابهة البطالة.

غير أن غياب الاستراتيجية الواضحة وتركيزه على ملف أوكرانيا والتعبئة الأوروبية بشأن العقوبات على روسيا، ساهمت في تجاهل ما قد يكون لحظة حاسمة في تاريخه السياسي. فقد دخل إلى السباق في وقت متأخر، وهو ما أدى إلى أن ينحسر تقدمه في استطلاعات الرأي في الأيام الأخيرة، فيما حسمت مارين لوبان، منافسته من اليمين المتطرف، تقدمها في المركز الثاني، متطلعة إلى جولة ثانية قد تنهي فيها آمال ماكرون وتحسم الأمور. وركزت لوبان على ملفات تكلفة المعيشة، وبطبيعة الحال على برنامج معادي للإسلام والهجرة، وعدت على أساسه بمنع الحجاب في جميع الأماكن العامة.

في جهة أخرى من السباق، ترتفع في استطلاعات الرأي الأخيرة شعبية جان لوك ميلينشون، المرشح اليساري الذي يعد بتحسين الأسعار وإصلاح النظام الرئاسي.  وفي كل الأحوال، كما تشير الغارديان مجددًا، فإن هذه الحملة الانتخابية التي أغلقت أبوابها، حظيت باهتمام أقل من الانتخابات الرئاسية الأخيرة قبل خمس سنوات. إذ كان هناك عدد أقل من الحشود، واشتكى الناخبون من عدم وجود مناظرة تلفزيونية مباشرة بين جميع المرشحين. وفي الأسبوع الماضي، أشار أكثر من نصف الفرنسيين الذين تم استطلاعهم إلى أنهم شعروا أن الحملة الانتخابية لم تبدأ بعد. فيما يقول عدد غير مسبوق من الناخبين الفرنسيين إنهم غير متأكدين أين ستذهب أصواتهم، كما يمكن أن يصل الامتناع عن التصويت إلى مستوى قياسي هو 30%.

وحاول ماكرون تعبئة ناخبيه من خلال تحذيرهم من الثقة بالاستطلاعات. حيث خاطب جمهوره قائلًا "لا تؤمنوا باستطلاعات الرأي أو المعلقين الواثقين الذين يقولون لكم إن الانتخابات قد تمت بالفعل، وأن كل شيء سيكون على ما يرام. من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى العديد من الانتخابات، ما يبدو غير محتمل يمكن أن يحدث!". فيما اعترض الرئيس الفرنسي الحالي بشكل ضمني على تذمر الجمهور بشأن الدعاية الانتخابية. حيث قال إن "موضوعات حقيقية" تمت مناقشتها بالفعل في الحملة وإن "الحرب موضوع حقيقي!".

ويسعى ماكرون لتحقيق ما عجز عنه الرئيسان السابقان نيكولا ساركوزي وفرانسوا أولاند بالفوز بعهدة رئاسية ثانية، فمنذ فترة حكم الرئيس جاك شيراك (1995-2007)، لم يتمكن أي رئيس فرنسي من الفوز بولاية رئاسية ثانية. وكانت معظم استطلاعات الرأي تشير إلى تقدم مريح لماكرون، لكن الاستطلاعات الأخيرة تشير إلى تقدم للوبان أيضًا، ما يفتح السؤال المؤرق للجولة الثانية، التي ستعتمد نتائجها على التحالفات وطبيعة الاستقطاب السياسي الداخلي.

 على سبيل المثال، أظهر استطلاع صحيفة لوموند الذي أجرته لصالحها شركة   "Ipsos-Sopra Steria"، تقدم ماكرون على أقرب منافسيه، اليمينية المتطرفة مارين لوبان. ووفقًا للصحيفة فقد لعبت الحرب في أوكرانيا والصدمة التي تسببها بين الناخبين دورًا كبيرًا في هذه الديناميكية الجديدة. مع ذلك، تظهر استطلاعات أخرى، مثل استطلاع بوليتكو تأثرًا محتملًا لنتائج الانتخابات باهتمام ماكرون بالملفات الخارجية أكثر من القضايا الداخلية الملحة، وتقدمًا حاسمًا للوبان.

حسب الاستطلاعات الأخيرة فإن شعبية ماكرون تتراوح بين  26 إلى 30 في المئة، فيما تتراوح شعبية مارين لوبان بين 17 و23

وحسب الاستطلاعات الأخيرة فإن شعبية إيمانويل ماكرون تتراوح بين  26 إلى 30 في المئة من اتجاهات التصويت. فيما تتراوح شعبية مارين لوبان بين 17 و23، وميلاشتون بين 12 و17 بالمئة وزمور بين 9 و13 في المئة. وأشارت لوموند إلى أنه بالنسبة إلى المرشحين اليمينيين المتطرفين، فإن دعمهم السابق لفلاديمير بوتين يفسر هذا التراجع.