18-يوليو-2017

رسم للفنان السوري بطرس المعري في صحيفة الأخبار اللبنانية

تصاعدت في الآونة الأخيرة حمى التهجم على السوريين في مخيمات اللجوء في لبنان، خصوصًا أنها باتت تحمل عنصرية واضحة ضد تواجدهم، بعضها وصل إلى دعوات الطرد والقتل، ودخل في هذا السعار مسؤولون من الصف الأول السياسي بعضهم دعا إلى التهدئة وآخرون لإرسالهم بالسفن إذا لم ترغب الأمم المتحدة بإعادتهم، بينما حمل تصريح رئيس الوزراء سعد الحريري شيئًا من الدبلوماسية، وأما أشرف ريفي فقال إن من طردهم من بلادهم هو حزب الله اللبناني.

تصاعدت حمى التهجم على السوريين في مخيمات اللجوء في لبنان، وباتت تحمل عنصرية ضد تواجدهم على الأراضي اللبنانية

فنانو الجيش المثقف

الأيام الأخيرة جاءت بالجديد اللبناني وهو تصريحات فيديو ومنشورات فيسبوكية من عارض أزياء لبناني أثار ضحك واستياء لبنانيين وسوريين على حد سواء، وأما الذي أدخل القصة في معركة فيسبوكية هي الممثلة نادين الراسي التي طالبت علانية برحيل السوريين، وترافق المنشور مع دعوات للتظاهر ضد الجيش اللبناني بعد مقتل أكثر من عشرة سوريين تحت التعذيب في أماكن مجهولة، وتضارب التصريحات الرسمية حول أسباب موتهم، وأول ردة فعل رسمية كان بيان الجيش الذي عزا وفاتهم إلى حرارة مرتفعة وأمراض مزمنة.

اقرأ/ي أيضًا: #طبعًا_مقاومة.. الجزائريون "يؤدبون" سفير السعودية دفاعًا عن فلسطين

نادين الراسي كتبت في منشورها ما اعتبره كثيرون إهانة للعلاقات بين شعبين شقيقين، بالأخص الشعب السوري الذي طالما استضاف اللبنانيين في كل مآسيهم ولجوئهم التي خلفتها الحرب: "عالحالتين نصيحة افرقونا بريحة طيّبة.. قلوبنا طيّبة كتير بس لحمنا قاسي ومُرّ كتيييييييير!!!! اسألوا التّاريخ والحَقوا جغرافيّة أصولكُن.. مشاركينّا أرضنا وميِّتنا وقمحنا وطرقاتنا وعقلبنا أحلى من العسل وكرامتنا من كرامتكُن.. لبنانيّة عم بيموتوا عالأراضي السّوريَة تيحموا أرضكُن وعَرضكُن من داعش".

نادين الراسي اعتبرت أن ما يجري من إهانة للجيش واتهاماتٍ له خطًا أحمر، وأن جيش لبنان مثقف وبطل، وأن المساس به يعني الرحيل: "بعد كل هيدا البعض يتطاول عالجيش اللبناني إيه فشَرتوا.. جيشنا بطل ومُثَقّف مش شغلة اللي ما عنده شغلة وممّا هَبّ و دَبّ".

أما كيف يحمي اللبنانيون السوريين من داعش فهي تقصد تدخل حزب الله في الصراع السوري، وحربه الشرسة التي طالت كل أراضي السوريين دون استثناء.

"يا غريب كن أديب"

عبارة وضعها فنان سوري يعمل في صحيفة "الأخبار" اللبنانية، وتبناها مجموعة من الصحفيين السوريين، وأغلبهم من العاملين في الصحافة اللبنانية، وأعجبت لبنانيين من دعاة طرد السوريين. الصحفي صدام حسين كتب في منشوره: "في لبنان ينادون عنصر الجيش يا وطن.. وقـحٌ من يتظاهر ضد وطنه.. والأكثر وقاحة من يتظاهر ضد أوطان الآخرين! ياغريب_كن_أديب".

ولكن حتى هذه الدعوة لاقت اعتراضات من بين الصحفيين السوريين المحسوبين على الموالاة، ومن مواطنين في الداخل السوري اعتبروا هذه الدعوات إجحافاً بحقوق أهلهم، وأن كل من يعيش منهم في لبنان ليس ارهابيًا، واتهام الهاربين من سورية بالحاضنة الشعبية للإرهاب هو إرهاب بعينه.

أحد الردود على منشور حسين قال صاحبه: "صدام أنا بحترمك كتير ...بس كون شفاف أخي يعني إنت بلبنان، ومنعرف كلياتنا اليات العمل بأي بلد عربي من خلال التحجيم وعدم الحرية. سبب + فعل = نتيجة.. كمان مو منطق اللي ع ينحكى انو السوريين دواعش!!! وبنفس الوقت مو كل السوريين اللي بلبنان عمال باطون، صديقي 70 ٪‏ من السوريين الموجودين بلبنان خريجين جامعات وبظن عم تشوف كتير منن".

"يا غريب كن أديب" عبارة وضعها فنان سوري يرسم لجريدة "الأخبار اللبنانية" وتبناها عدد من السوريين العاملين في الصحافة اللبنانية

سوريون آخرون ذهبوا إلى تذكير من أطلقوا هذه الدعوة بما قدمه الشعب السوري للبنان: "منذ الحرب الأهلية في لبنان، مرورًا بكل الحروب، كان اللبنانيون يجدون في سوريا وفي بيوت السوريين ملاذًا آمنا، يحفظ لهم كرامتهم قبل كل شيء.. من حق أي دولة الحفاظ على أمنها لكن ما يجري حملة إن لم تتوقف ستطال قربيًا جدًا من في المخيمات ومن خارجها.القضية لعبة سياسية بأهداف بعيدة وليست مجرد إرهابيين!".

اقرأ/ي أيضًا: الاستخبارات الأمريكية: الإمارات وراء اختراق وكالة الأنباء القطرية

شكران مرتجى.. ترد

بكل ود ردت الممثلة السورية الفلسطينية شكران مرتجى على ما جاء في منشور نادين الراسي داعية إلى أن تتذكر هي واللبنانيون القواسم المشتركة بين البلدين: "إلى الزميلة نادين الراسي.. باسم الخبز والملح والدراما المشتركة والحدود وفيروز التي تعشقون ونعشق، وباسم البحر الذي يمركم ويمرنا، باسم العائلات التي تنتمي للبلدين، باسم دانيال ومحمد وسلطان وعلي وزينب وجورجيت، وكل الطوائف التي نتقاسمها، باسم السماء التي تمطر عليكم وأيضًا تمطر علينا، باسم كتب سماوية نزلت على كلينا، باسم حرب أماتتكم قبلنا ونحن منها اليوم نموت، باسم نزوح ليس بيدنا ولا كان في ذلك اليوم البعيد بيدكم.. دعينا نكن رسل سلام وندعو الناس للهدوء ونكف عن لغة سئموها: التهديد والوعيد. الفنانون سفراء بلادهم، لغة الفنان عليها أن ترتقي للغة الرسل، زميلتي دعينا نوحّد ما فرقته السياسة بأن نجمع الناس على ما يريد أعداء بلدك وبلدي أن يقسموه، عدونا واحد حين ندرك هذه الحقيقة سننتصر جميعًا".

في كل ما حصل اليومين الفائتين ترتفع لغة الكراهية بين اللبنانيين والسوريين، والأصوات القليلة التي تدعو للهدوء تبدو خافتة أمام ما يجري من تجييش وتحريض، ويدرك السوريون أن إرادة ما تود ترحيلهم، وأن شيطنتهم ليست وليدة منافسته للبناني الكسول في العمل والسكن والبحر.

في الخفاء تبدو عقد النقص والثأرية متوافقة مع دعوات سياسية لتهجير السوريين مرة جديدة، وهذا لا ينفي أن بين السوريين ككل شعوب الأرض فاسدين ومجرمين ولصوصًا ولكنهم بالتأكيد ليس كل أولئك الذين يفترشون الخراب وينتظرون الجوع والموت والترحيل.

 

اقرأ/ي أيضًا:

جرائم الثقافة في مصر.. كلاب تُقتل بالسم على أبواب مركز ثقافي

"الكلام حاشاكم".. حديث مفتوح عن الجنس في المغرب