25-مارس-2022
أن تكون شاعرًا

ياروسلاف سيفرت ومختاراته

ياروسلاف سيفرت (1901 - 1989) من أبرز شعراء جمهورية التشيك. نشر أول أعماله عام 1921. كان له دور بارز في الدفاع عن حرية الرأي وإطلاق الكتّاب المعتقلين. حصل على جائزة نوبل عام 1984، وجاء في تقرير الجائزة: "لأشعاره التي تغطيها العذوبة وثروة الابتكار ما يقدم صورة متحررة عن روح وبراعة الانسان التي لا تُقهر".

أُخذت هذه القصيدة، المكتوبة بحبّ لمدينة براغ من منطق التمشي على جسرها الشهير، من المختارات الشعرية التي حملت عنوان "أن تكون شاعر"، وصدرت عن دار المدى بترجمة إسكندر حبش.


لم تعد تمطر أبدًا منذ فترة لا بأس بها.

في كنيسة الحج المورافية هذه،

حيث اختبأت من العاصفة

كانوا يغنون نشيدًا مريميًا

أبقاني هناك

غالبًا ما استمعت إليه في منزلي.

 

كان الكاهن قد قرفص على درجات

ومن ثم غادر المذبح

أطلق الأرغن نحيبه الأخير، ومن ثم سكت،

بيد أن جمع الحجيج لم يتحرك.

بعد عدة دقائق نهض الجمع المنحني

الذي ما زال ينشد، استدار

واستدار قافلًا باتجاه باب الخروج

لم أعد مطلقًا إلى ذلك المكان،

لم أتوقف ثانية تحت أغصان الزيزفون

حيث، وتحت طنين النحل،

كانت تخفق رايات بيضاء.

دائمًا كنت أشتاق براغ،

حتى وإن لم أغب إلا قليلًا عن هذه الجدران

يومًا بعد يوم، أتأمل بامتنان

قصر براغ

وكاتدرائيتها

بدون أن أستطيع نزع عيني

عن هذه اللوحة.

إنها لي

وأعتقد أيضًا أنها عجائبية.

 

على الأقل، حدّدت مصيري.

 

حين يحل المساء

تحت نوافذ براغ

بنجومه في الظل الشفاف

أسمع صوت المدينة العتيق

مع الشعر في الوقت عينه.

إذا غاب هذا الصوت، سأكون أبكمَ

مثل عصفور

يدعى كيوي.

ثمة أيام يبدو فيها القصر والكاتدرائية ذات قتامة نبيلة

كما لو أنهما بُنيا بحجارة مغمة

جلبت من القمر

غير أن، فيما بعد، زينت أبراج براغ

بأنوار مشعة، بأزهار،

بزينة ناعمة أيضًا

نسح فيها الحب أيضًا.

 

خطواتي غير المسؤولة في الشارع

مغامراتي الأنيقة

غرامياتي وما تبقى

كل ذلك غمر بالرماد الخفيف

حين استهلكَ الزمن نفسه

على بعد خطوات من الطريق الملكي

ثمة زاوية معتمة

حيث العاهرات بشعرهن المشعث

يظهرن للمارين

ينهمكن، إلى حجرهن الميت، في جلب

شبان عديمي الخبرة، مثلي أنا.

 

اليوم، كل شيء يبدو صامتًا

وحدها "أنتينات" التلفزيونات

أعلى السطوح

لا تزال تتردد إلى تلك الأماكن.

 

غير أن، ما إن أطأ بقدمي على بلاط

جسر تشارلز

حتى أعاود التفكير بالنساك

في كنيسة الحجيج هذه.

 

أي سعادة في المشي فوق هذا الجسر!

حتى وإن حجبت دموعي صوته

في أغلب الأحيان.