22-سبتمبر-2016

(من صفحة Imagine photography)

لأول مرة، حرب في القاهرة بسبب كتاب لم يصدر. بدأت القصة حين نشرت الفنانة التشكيلية ياسمين الخطيب غلاف كتابها "ولاد المرة" على "فيسبوك"، فأصبح "خبر الساعة" في القاهرة. "ولاد المرة" عنوان مقال نشرته "ياسمين" على موقع التحرير بعنوان "كل الرجال أبناء مرة"، طرحت فيه سؤالين: "لماذا يعتبر المصريون النداء باسم الأم تحقيرًا؟"، و"لماذا يعتبر اسم المرأة - أمًا أو زوجة عورة؟". من هنا، قرّرت "ياسمين" جمع مقالات من النوع ذاته في كتاب يحمل عنوان "ولاد المرة"، ووضعت إحدى صورها على الغلاف.

ياسر ثابت: قضيتنا الآن هي عناوين الكتب وغرائبها التي لا تنتهي، ومحاولات البعض لفت الانتباه بأي ثمن

اعترض المتابعون على عنوان الكتاب، الذي يعدّ وفقًا للعادات والتقاليد في القاهرة، عيبًا، فمفردة "مرة" المشتقة من "امرأة" محظورة اجتماعيًا. فيما اعترض فصيل آخر، أغلبه من النسويات، على وضع صورة ياسمين الخطيب غلافًا للكتاب، خاصة أن محتواه وعنوانه لا يمتّان للغلاف بصلة. اعتبرت النسويات وضع صورة "ياسمين" على الغلاف تسليعًا لجسدها، واستغلالًا له في الدعاية والترويج، وهي القضية التي يحاربن ضدها طوال الفترة الماضية في إعلانات تجاريّة.. أشهرها "الداندو".

اقرأ/ي أيضًا: مصر.. فضيحة في "الكونسرفتوار"

شهوة الشهرة

جرّد الكاتب والصحافي المصري ياسر ثابت ياسمين الخطيب من الاتهام الرائج بتسليع جسدها واستغلال جمالها في تحقيق مبيعات، وحصر الأمر كلّه في حجمه الطبيعي: "شهوة الشهرة". يقول "ثابت": بعد "عندما يتحرك النطع"، وهي مجموعة قصصية للكاتبة هند فتحي، و"وكسة حكايات عايشينها"، للكاتبة مروة الجمل، و"الغطا والحلة" لرحاب هاني، و"عشان السنارة تغمز" لأمل محمود، و"أي كلام بس تمام" للشاعر ولاء الدين فاروق، ها هي عصا ياسمين الخطيب التي ستلتهم أفاعي سحرة فرعون: "ولاد المرة".

ويحلّل الظاهرة بقوله: شهوة الشهرة تستحق.. ومبرر "العنوان بياع" جاهزة في وجه كل من يعترض على الإسفاف وتدهور الذوق العام. الكتاب الموعود، مثالٌ آخر على تحوّل الكتابة إلى وجاهة ورفاهية، ما دام اللغو مقبولًا في حضرة التفاهة. ويؤصل ظاهرة العناوين المبتذلة: "بغض النظر عن المحتوى ومدى جودته، فإن قضيتنا الآن هي عناوين الكتب وغرائبها التي لا تنتهي، ومحاولات البعض لفت الانتباه بأي ثمن، فللاسم بريق على الغلاف، والصورة الشخصية خدّاعة.. وبيّاعة. فكرة الزواج كانت محور عدد لا بأس به من تلك العناوين الغريبة. 

بدأت الظاهرة بـ"المدام مرفوعة مؤقتـًا من الخدمة" لهالة سرحان، إلى "عايزة أتجوز" لغادة عبدالعال، مرورًا بـ"أول سنة جواز" لمنى عمر، وصولًا إلى "أبو الجواز وأيامه السودا" لأميرة بهي الدين، و"اللي خلف ما نمش" تأليف مي أشرف حمدي، و"ستات ورجالة طالع حبابي عينيهم" لريم مراد، وانتهاء طبعـًا بـ"مبروك المدام حامل" لمنى الكيال.

أمّا العنوان الغريب، المتمرد، أو الذي يتضمن إيحاءات يفهمها السوق أو الذوق الشعبي، موجود وقائم منذ زمن، مرة أخرى بعيدًا عن مسألة المحتوى ومدى جودته، فهذه حكاية أخرى. فله قصة أخرى وهو موجود منذ زمن.. وأبرز العناوين: "ما فعله العيان بالميت" بلال فضل، و"شركة النشا والجلوكوز" لعمر طاهر، و"أفتوكالايزو" لأسامة غريب، "36 لايك و12 كومنت" لأحمد عاطف مجاهد، و"عشان ما تنضربش على قفاك" لعمر عفيفي، و"الطريق إلى زمش" لمحمود السعدني.

اقرأ/ي أيضًا: "نمنمة" الثقافة المصرية تبدأ بجريدة "مسرحنا"

العنوان الغريب، المتمرد، أو الذي يتضمن إيحاءات يفهمها السوق أو الذوق الشعبي، موجود وقائم منذ زمن

مدافع "ياسمين"

كان ردّ ياسمين الخطيب قذائف في وجه الجميع. قالت على حسابها الشخصي بموقع "فيسبوك": "الذين هاجموني من خارج الوسط الثقافي بدعوى خدش الحياء، لا لوم عليهم، فهؤلاء يعدّون كتابًا مثل (نواضر الأيك في معرفة النـ*ـك) للإمام السيوطي، واحدًا من أقيم كتب التراث، وتخدش حياءهم كلمة "مرة"، وقد رفع القلم عن المجنون حتى يعقل، والذين استغلوا أزمة الكتاب للخوض في عرضي، لا يستحقون الالتفات، أما المهاجمون من داخل الوسط الثقافي، أولئك الذين غضوا الطرف عن كتاب لبلال فضل، عنوانه "ما فعله العيان بالميت"، وفيلم لتامر حبيب باسم "واحد صحيح"، ودافعوا باستماتة عن رواية أحمد ناجي التي احتوت عبارات جنسية صريحة -وبالعامية المصرية- لنصرة حرية التعبير التي لا يعرفون منها إلا نطقها، بينما استحلوا عرضي، واتهموني بضعف الموهبة، لا لشيء سوى أني "مرة"، لهؤلاء أقول، كل كلمة كتبتموها عني، هي بصقة على وجوهكم أنتم، ونقطة نور في صحيفتي.. عار عليكم".

اقرأ/ي أيضًا:

كريمة عيطوش.. ترسم الوجه الثالث للموناليزا

معرض مكتبة الأسد.. رسائل النظام السوري الهزلية